أسعار الطاقة ترتفع حول العالم.. ماذا عن سورية؟!
أكثر من 22 مليون أسرة في جميع أنحاء بريطانيا سيتأثرون بالرفع الذي سيفرضه موردو الغاز على العملاء مع بداية نيسان القادم، وفقاً لما أعلنه مكتب أسواق الغاز والكهرباء البريطاني، أي إن الارتفاع سيبلغ نسبة 54 بالمثة، معللاً ذلك بارتفاع تكاليف بيع الغاز الطبيعي.
وبطبيعة الحال، ستضيف هذه الزيادة إلى أزمة تكلفة المعيشة في المملكة المتحدة، حيث ارتفعت تكاليف الغذاء بشكل مطرد، ومن المقرر أن تدخل الزيادة الضريبية حيز التنفيذ في نيسان المقبل، ما سيفرض على الحكومة الحاجة لمساعدة ملايين المواطنين خاصة ذوي الدخل المنخفض لمواجهة تكاليف الطاقة المرتفعة.
إذا كان هذا ما ينتظر بريطانيا، وهو الحال في تركيا ومصر والأردن ومعظم دول العالم، فكيف ستكون الحال في سورية وهل ستؤثر ارتفاعات أسعار الطاقة على البلاد؟..
الجواب بكل صراحة، نعم ستتأثر سورية بذلك لا محالة، وهو أمر طبيعي أن تتأثر بلادنا كبقية البلاد، إلا أن التأثير لدينا سيكون مضاعفاً، فسورية تعيش الحصار الاقتصادي الجائر والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، والاستهداف المتواصل لأي جهد حكومي من أجل الالتفاف على تلك العقوبات، إضافة لخروج معظم المناطق الغنية بالنفط والغاز الطبيعي السوري عن سيطرة الدولة، واستمرار الاحتلال الأمريكي والتركي بنهب تلك الثروات وحرمان الشعب السوري منها، كلها عوامل ستكون مؤثرة في ارتفاع أسعار الطاقة بكل أنواعها، وندرتها، وانخفاض القدرة على الحصول عليها، ما يتطلب العمل الجاد على عدة مناح.
وتظهر الإجراءات الأخيرة التي تستند فيها الحكومة السورية إلى الواقع والقراءة المستقبلية لواقع الطاقة، من خلال التشجيع على استخدام الطاقات المتجددة وتمويل ذلك الاستخدام، وتشجيع الاستثمار في إنتاج الطاقة الشمسية أو الريحية، أو غيرها، وتسهيل منح قروض التركيب ورفع كفاءة الطاقة، اضافة للعمل على ترشيد الاستهلاك وضبطه عبر البطاقة الإلكترونية، وإعادة توجيه شرائح الدعم لتكون مخصصة للفئات الأشد احتياجاً، إضافة لما تسعى إليه الحكومة عبر الترشيد في الاستهلاك لدى مؤسساتها العامة، وتوجيه الوفر الحاصل من الطاقة لدعم المناطق الصناعية، وسوى ذلك من الإجراءات التي ستنعكس على الوضع المعيشي بشكل إيجابي وأكيد.
هذه الجهود تحتاج للتعاون والوعي وإدراك حساسية الوضع وصعوبة المرحلة، فالمواطن هو دوماً المستهدف وهو من يدفع الثمن، ويتحمل العقوبات، لكنه في ذات الوقت هو معني بشكل مباشر بالتعاون مع ذاته ومجتمعه وحكومته كي تتجاوز سورية الأزمة، ولا بد من الحديث عن ضرورة تكثيف الجهود المحلية والعربية والدولية، من أجل الضغط على الحكومات الغربية، والولايات المتحدة ومن يدور في فلكها، لرفع العقوبات وفك الحصار وتحرير الأراضي السورية، كي ينعم الشعب السوري بالحياة التي يستحق.