سلافة معمار.. الممثلة الذهبية
الضجيج الذي ترافق مع لمعان اسمها مجدداً، بعد ما أثارته مشاهدها الجريئة في مسلسل “عالحد” –”لبنى حداد- ليال راجحة”- ليس بالجديد على النجمة السورية سلافة معمار، فخريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، لم تؤدّ شخصية في أعمالها الدرامية، إلا وتركت بصمتها الخاصة فيها، مقدمة أداء بارعاً ومتفرداً، تركز فيه على الناحية النفسية والسيكولوجية للشخصية، مبرزة تلك الجوانب وأثرها في شكل الشخصية وطبيعتها النفسية وفي ردود فعلها، متقمصة إياها بخفة ورشاقة، مهمة كانت تركيبتها معقدة، مثل شخصية “بثينة” في مسلسل “من العار 2009” ، تأليف كل من حسن سامي يوسف ونجيب نصير، ومن إخراج رشا شربتجي، وأيضا كشخصية نضال، الفتاة “المسترجلة” في مسلسل “أشواك ناعمة-2005” -رانيا بيطار-رشا شربتجي- فمع نهاية كل عمل درامي تلفزيوني، اشتغلت فيه، كانت سلافة تحصد المزيد من محبة الجمهور المحلي والعربي، منصتة بهدوء للضجيج الذي أثارته في لعبها الدور، والذي علا أيضاً بعد تقديمها لشخصية “مروة” في المسلسل الشهير “الانتظار 2006” حسن سامي يوسف، نجيب نصير/ الليث حجو، ومروة فتاة من بيئة فقيرة، تقع فريسة حيرة ضارية، بين مشاعرها العاطفية تجاه جارها الصحفي، وبين إحساسها أخيراً بالأمان الاقتصادي، الذي حققته لها، العلاقة التي جمعتها برب عملها.
اللافت في المسيرة الفنية الفخمة لنجمة “قلم حمرة-2014” –يم مشهدي، حاتم علي-هو حفاظها على ملامحها الشكلية كما هي حتى وقت قريب، وذلك وفق قناعة مهنية كانت مقتنعة بها، بأن عمليات التجميل، التي ذهبت معظم الممثلات في الدراما المحلية والعربية، للخضوع لها، لضمان فرص أكبر في دراما –البان آرب- التي ارتفعت أسهمها التسويقية منذ أكثر من عقد، ستترك أثرها السلبي على أدائها كممثلة، بعد أن أصبحت معظم الوجوه النسائية الفنية متشابهة، بسبب تلك العمليات، وأشهرها ما يعرف بـ: “هوليود سمايل”، هذه القناعة المهنية، ستتعرض فيما بعد للتغيير، لكن ما يحسب لسلافة معمار، أنها قاومت وبعناد تُرفع له القبعة، الذهاب في هذا المنحى، رغم ما سيحققه لها، من حضور أكبر على الشاشة العربية، ولهذه القناعة الفنية، سببها بالتأكيد، فسلاف بنت مختبر مسرحي صارم، أشرفت عليه “نائلة الأطرش” كما أنها من نجمات المسرح السوري، الذي أثبتت ولاءها له، ولم تهجره بعد اشتغالها في الدراما التلفزيونية، مقدمة أداء مبهراً بما يحمل الوصف من دلالة، على الخشبة، إن كان في مسرحية “صدى-1998” تأليف وإخراج عبد المنعم عمايري، العرض المسرحي الذي حقق صيتاً مهماً محلياً وعربياً، أو في “فوضى 2007” وفي “عربة اسمها الرغبة-2008”.
استطاعت بطلة “أرواح عارية-2012” –فادي قوشقجي-الليث حجو-أن تكون رقماً صعباً في الدراما التلفزيونية المحلية، واشتغلت مع أهم المخرجين والفنانين وفي أهم المسلسلات، محققة في أدائها البديع، انسجاماً عالياً مع نجوم الدراما السورية الأهم، الذين اشتغلت معهم، منهم: بسام كوسا، تيم حسن، خالد تاجا، منى واصف، سمر سامي، عابد فهد، كاريس بشار، سلمى المصري، ديمة قندلفت، وغيرهم، ومما يحسب لها أيضاً، حفاظها على تفاصيلها الشخصية في حياتها الشخصية، في الوقت الذي كانت أهم نجمات العالم، يلجأن إلى نشر غسيلهن الشخصي، على صفحات المجلات والجرائد، ولم تسلم بالتأكيد من هذا، بعد الفورة الكبيرة، التي تسببت بها منصات التواصل الاجتماعي.
لعبت بطلة “علاقات عامة-2005” -فيلم سينمائي- العديد من الشخصيات النسائية الإشكالية، مقدمة الظروف المتعددة والضغوط المختلفة، التي تتعرض لها المرأة في مجتمعاتنا الشرقية، حاملة بقصد أو دونه رسالة فنية-نسائية-الشكل هو مضمونها، ورغم شهرة ما قدمته، إلا أن الضجيج الذي علا بعد تقديمها لشخصية الصيدلانية “ليلى” في مسلسل “عالحد” والذي ما يزال مستمراً على منصات “السوشيال ميديا”، كان سببه “الأوفرة” في تقديم سلوك الشخصية، دون تقديم محترف لدوافع الشخصية ومبرراتها، وهذا صار مفهوماً اليوم، في الأعمال الدرامية التلفزيونية، التي تسعى للتسويق أولاً، وما يمكن أن تلجأ إليه شركات الإنتاج لتحقيق هذا، وبالتأكيد ستكون الجرعة الجنسية هي المسيطرة، لا السياسية ولا الدينية، فهذا آخر ما يريد أن يشاهده الجمهور العربي “الكول” وآخر ما يمكن أن تقدمه تلك الأعمال، تحت ضغط لا يهدأ من “التريند”.
سلافة معمار ممثلة سورية مهمة، لها حضورها الخاص، وما من شخصية تؤديها إلا وتصبح روحها، وما نتمناه كجمهور ألا تنسى هذا الأثر الذي تركته في دواخلنا.
تمّام بركات