صديق للبيع!
هل تتصور أن الصداقة الآن تباع وتشترى في الأسواق، تلك القيمة الإنسانية التي حرصت البشرية على الحفاظ عليها منذ القدم، فيقال إن الصديق قبل الطريق، وربّ أخ لك لم تلده أمك.
إلا أن شباب اليوم على “facebook” يهددون هذه القيمة بعرض أصدقائهم أو أحبائهم للبيع لمن يدفع أكثر، فيتم بيع الأصدقاء كما تباع الحيوانات الأليفة من خلال لعبة سخيفة ظهرت مؤخراً، وتقوم فكرة هذه اللعبة على بيع وشراء الأصدقاء فلا يمر يوم وتجد عشرات الدعوات من الأصدقاء الموجودين في القائمة الخاصة بك يدعونك للاشتراك في اللعبة بشراء صديق جديد، فهل أصبح من حق أي شخص أن يبيع صديقه أو يشتري آخر ما دام بعض المال المطلوب ثمناً لهذا الصديق؟.
وكما يحدث في السوق هناك أصدقاء لا يوجد أحد لشرائهم فيتحولون إلى بضاعة راكدة، بينما تتم المزايدة على آخرين ليصل سعرهم إلى الآلاف من الدولارات والأعلى سعراً في اللعبة هم من يتم بيعهم وشراؤهم أكثر من مرة، خاصة الفتيات، وأيضاً أولئك المرتبطون بعلاقات عاطفية، حيث يصر كل طرف أن يشتري حبيبته بأي سعر حتى لا يدع الفرصة لأحد أن يشتريه، وإذا ما اشتراه أحد يقوم بالمزايدة عليهم واسترداده، وبذلك حول شباب الـ “facebook” الصداقة من قيمة إلى سلعة تباع وتشترى، وتتم المزايدة عليها بين الأصدقاء بعضهم البعض فيرتفع سعر واحد ويقل ثمن آخر دون أي سبب أو مبرر.
والأكثر بشاعة من هذه اللعبة أن البعض يعرض صورة “مثيرة” كنوع من أنواع المشتري لرفع سعر السلعة المعروضة، وفيها تتحول أيضاً إلى سلعة في أيدي الأصدقاء، وفي النهاية نجد أنفسنا في سوق النحاسة الافتراضي، حيث يباع البشر ويشترون تحت مسمى اللعب؟
والفرد في هذه اللعبة لا يستطيع استرداد حديثه، فمن الممنوع أن يشتري الفرد نفسه، حتى ولو أعطى كل ما يملك لمن اشتراه، كما تغرس اللعبة أيضاً الكثير من القيم السيئة كحب التملك والأنانية،حتى إلى من اشترى شخصاً يكتب بجواره “Mine onlg” أي لي وحدي، أو ممنوع من اللمس، وغيرها من العبارات، فهل ترضى أن تكون ملكاً لأحد.
إن ما نخشاه أن يأتي اليوم الذي تباع فيه الصداقة بالفعل في حياتنا، كما حدث في ألعاب (بلاي ستيشن) من قبل، والتي طبقها المراهقون على أرض الواقع، فإن ما يبدو لعبة ينتهي بحقيقة ترسيخ اللإنسانية واللامبالاة.
د.رحيم هادي الشمخي
أكاديمي وكاتب عراقي