ثقافة وفن

4 أيار بين عاصي والدكتور

هل من الغريب أن يكون تاريخ يوم مولد الفنان السوري الأصيل عاصي الرحباني 4.5.1923 هو نفسه تاريخ يوم وفاة الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب 4/5/1991؟، هل ثمّة ما هو غريب نوعاً ما بهذا الشأن؟ ربما، لكن هذه المصادفة القدرية ليست إلا واحدة من النقاط المشتركة التي جمعت بين هذين الفنانين العربيين العظيمين، ففضلاً عن الأصالة التي تميّزت بها روح كل من الرحباني وعبد الوهاب، والتي انعكست في نتاجهما الفني، بعد انعكاسها في مزاجهم الفكري أيضاً –لا تنتج الأصالة إلا من نفسٍ أصيلة- يجيء تأثرهما الواضح بالشعر العربي الكلاسيكي الذي جمع الرجلين في حبّ هذا النوع من الغناء المُلحّن لقصائد عربية شهيرة مثل –جارة الوادي- كدليل دامغ على الذوق الفني والأدبي الرفيع الذي جمعهما، فاللحن الذي وضعه الدكتور عبد الوهاب لكلمات أمير الشعراء أحمد شوقي هو اللحن الذي غنّته فيروز للقصيدة ذاتها، وكما هو معروف كان عاصي هو من ينتقي لها أغانيها عندما عملا وعاشا معاً، عدا عن غيرها من القصائد الشعرية الجميلة التي لحّنها الرجلان أيضاً، لتكون الموسيقا البديعة التي أبدعاها فخلدتهما، هي من أهم ما يجمع بينهما، فالأغاني التي لحّنها كل من عاصي والدكتور للعديد من كبار المطربين كأم كلثوم وفيروز وعبد الحليم، تتمتع بقيمة موسيقية كبيرة، إضافة إلى قيمتها الوطنية والفكرية والفنية والثقافية “أندلسيات فيروز وموسيقا الجندول الشهيرة على سبيل المثال”.
الرجلان اللذان غنّت لهما فيروز -غنّت من ألحان عبدالوهاب ثلاث أغنيات وهي “سهار بعد سهار” وهي من كلمات الأخوين رحباني، وأغنية “سكن الليل” وهي من نظم الأديب الكبير جبران خليل جبران، وأغنية “مرَّ بي” وهي من نظم الشاعر الكبير سعيد عقل، فضلاً عن “يا جارة الوادي وخايف أقول اللي في قلبي”- حدث أن جمعتهما صداقة عميقة خلال حياتهما، وكان أن أصدر العديد من المجلات المختصة بأخبار المشاهير كالصياد والشبكة وغيرها من المجلات الفنية العربية، العديد من الصور التي جمعت إضافة إلى عاصي وعبد الوهاب، كلاً من فيلمون وهبي وعبد الحليم حافظ ونصري شمس الدين، هذه الباقة من رياحين الفن العربي التي قدّمت للحياة العربية الفنية أهم وأغنى وأجمل ما في المكتبة الموسيقية العربية، فلا غرابة أن يتقاسم هذان العظيمان حدثين عظيمين بحجم الولادة والموت.
تمّام بركات