قصص نادرة في كتاب “مدن خلّدها التاريخ”
يجيب كتاب “مدن خلدها التاريخ”، للدكتور هشام سعيد الحلاق، من منشورات الهيئة العامة للكتاب، عن عدد من الأسئلة المحورية المهمة، ويقدم حقائق وأسراراً وقصصاً شائقة، بل نادرة أحياناً عن مدن ثلاث هي دمشق والقدس وقرطاج.
هذه المدن خلدها التاريخ على مر عصوره وأحداثه وتنتمي إلى وطن واحد، كما وتتشارك فيما بينها بخصال منفردة لا نجد لها مثيلاً بين المدن الأخرى في العالم، من حيث المكانة والتاريخ واللغة والثقافة والعادات والتقاليد، مع ما كان لموقع كل منها من أهمية استراتيجية على مر العصور، وما لعبته من أدوار تاريخية وحضارية ذات شأن في التاريخي الإنساني، إضافة لما تركته من شواهد خالدة لآثار وأوابد منذ عصور ما قبل التاريخ تجاوزت في أهميتها البعد المحلي إلى البعد الإنساني.
وقد اعتمد الكتاب في إيراده للمدن على معيار الأسبقية التاريخية للمدينة، من حيث قدم النشأة والوجود، فجاء الترتيب حسب التالي دمشق، القدس، قرطاج، لذا يركز الكتاب في بابه الأول الذي حمل عنوان”دمشق الحضارة والتاريخ” على تاريخ دمشق وجغرافيتها وسكانها ومبانيها الأثرية ونشاطها البشري، بالإضافة إلى ماقيل في وصفها، أما الباب الثاني الذي حمل عنوان “القدس حاضرة كنعان وفلسطين” فقد قدم إضاءة على نشأة القدس ومظاهرها الجغرافية وأماكنها المقدسة وكل ما يتعلق بها وصولاً إلى الاحتلال الصهيوني، بينما حمل الباب الثالث والأخير عنوان “قرطاج الماضي والحاضر” والتي تمثل اليوم تونس الخضراء التي وظفت إرثها التليد لتجعل منه حاضراً ثقافياً مميزاً تستعيد به دورها الحضاري الباهر.
يحتوي الكتاب على إضافة هامة على صعيد المعلومة واستدراك وتتبع الكثير من الحقائق من خلال البحث والتقصي عن الجديد في السير الذاتية للمدن، واللافت في صفحات الكتاب هو إغناء النصوص الخاصة بالمدن بصور نادرة شائقة وخرائط إضافية موضحة تم توظيفها ما أمكن بالشكل الملائم، وتم الرجوع في الكتاب إلى مصادر ومراجع موثوقة وتوظيفها تحقيقاً واقتباساً وتعليقاً واستخلاصاً للدروس والعبر التاريخية والحياتية، بما يجعل القارئ يعتز ويفتخر بتاريخ هذه المدن العربية، وبما خلفته لنا من آثار تحكي جانباً مهماً من ذلك المنجز الحضاري الإنساني الذي تحقق على مر العصور.
يمكن القول إن الكتاب حقق الانسجام المطلوب والتوافق الحقيقي الفاعل مع العنوان، وأسهم، ولو بجزء يسير، بتأدية الاستحقاقات الواجبة علينا تجاه الماضي الحضاري لأمتنا ومدنها العريقة، المتمثلة بالبحث الأكاديمي المثمر في أغوار تاريخها وأعماق سيرتها الذاتية بما يلبي احتياجاً معرفياً مهماً للقراء.
لوردا فوزي