ثقافة وفن

“ديزني” والخطر القادم من الغرب!

 

أثار اللقاء الذي أجرته مؤخراً كايتي بيركالمديرة التنفيذية لشركة ديزنيالكثير من ردود الفعل على مستوى العالم، فما صرحت به في هذا اللقاء، جاء بمثابة جرس تنبيه شديد الوضوح، لخطورة الأمر الذي تعتزم كايتي فعله، ألا وهو وجود المثليين الجنسينفي شخصيات أفلام الكرتون، التي تشتهر ديزني بكونها من أكبر شركات العالم في صناعتها؛ مديرة ديزني صرحت بأن لديها ابنبن مثليينوقد انتبهت إلى ندرة وجود هذه الحالة الشاذةفي نتاجها من أفلام الكرتون، وهذا ما سوف تعمل عليه في المستقبل!

الترويج للمثلية من خلال الفنون، ليس بالشأن الجديد، لكنه كان خجولاً بعض الشيء، خشية خسارة الجمهور، الذي لم يكن بمعظمه متقبلاً للفكرة نفسها، فالسينما الأمريكيةكونها الأكثر انتشاراً عالمياًحافلة بالأفلام التي تتبنى هذا التوجه، ومنها: «Philadelphia» عام ١٩٩٣، «Brokeback Mountain» (٢٠٠٢) و«Milk» (٢٠٠٨)، والتي حصدت عدداً كبيراً من جوائز الأوسكار، لكن هوليوود كانت تراعي حينها المزاج العام للجمهور، والحالة الاجتماعية والسياسية السائدة، وكانت لا تجاهر بتبنيها لما يُعرف بـ: “قصايا المثليين”، إلا أن القرار الذي صدر عام 2015 وفيه أقرت المحكمة الأمريكية العليا منحالمثليين حق الزواج، والذي كان مرفوضاً في السابق على المستوى الاجتماعي والسياسيرفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما التوقيع على القرار عام 2008، أطلق كلمة سرية، مضمونها تبني هذه القضايا والعمل على الترويج لها ونشرها عالمياً، لتنطلق بعدها العديد من البرامج والمسلسلات الأمريكية، المروجة للموضوع، ومنها مسلسل«Will & Grace» الذى دارت أحداثه حول عدد من المواقف الكوميدية والحياتية، تجمع مجموعة من الأصدقاء المثليين، وصارت هوليوود أكثر جرأة في طرحها للحالة، حتى وصل الأمر بمقاطعة أي ممثل مهما كانت نجوميته، يرفض أداء أدوار تمثيلية تتضمن هذا التوجه، ومنهم نجم أفلام الأكشن الأشهر توم كروزالذي رفض تأدية دور مثليفي أحد الأفلام التي عُرضت عليه، لتقاطعه هوليوود برمتها، وبقي لأكثر من 5 سنوات دون عمل! ثم صارت أهم مهرجانات السينما العالمية، مثل الأوسكارتتبنى هذه الأفلام بل وتجعلها الفائزة في المراكز الأولى، ومنها فيلم: «Call Me By Your Name» للمخرج الإيطالى لوكا جوادينينجو، والذي حصد جائزة الأوسكار هذا عام 2018 كأفضل نص أصلي.

إلا أن الأفلام السينمائية، تبقى قابلة للمراقبة، فللمجتمعات قيمها الخاصة، التي لا تقبل بتغييرها، ومنها مجتمعاتنا العربية، التي ترفض عرض أي فيلم له هذا التوجه، أو يتضمن على الجنس أو يحض على العنف، لكن أفلام الكرتون التي تنتجها ديزيني، يتابعها ملايين الأطفال حول العالم، وبمختلف اللغات، وهي ذات تأثير عميق في وجدان الأطفال، نظراً للجاذبية التي قدمت فيها العديد من القصص العالمية، مثل: “بيضاء الثلج، ساندريلا، ليلى والذئب، علاء الدين والمصباح السحري، وغيرها الكثير، كما أن عروضها ليست محصورة بالسينما، فالشركة تبث من خلال شبكة الانترنت، ولها مواقع الكترونية ضخمة ومسيطرة في مجالها على منافسيها، وجمهورها من الأطفال والمراهقين، لا يحصى، وهذا يجعل من مشروع مديرة ديزني كايتي بيركهو الأخطر، فالشريحة العمرية التي تتوجه لها منتجاتها، شريحة هشة، غضة، تستقبل وتخزن في الوعي دون تصنيف، ليس لديها لهشاشتها، ما يمنعها من مشاهدة هذا الفيلم أو ذاك من على الشبكة، بل والإعجاب ببطله وهو يؤدي دور مثلي“، وهكذا تصبح هذه الحالة الشاذة اجتماعياً وإنسانياً، مقبولة عنده بل ومرغوبة، اقتداء بالأبطال الذين أحبهم في أفلام الكرتون.

 

تمّام بركات