اكتئاب الإنترنت!
بات اليوم الاعتماد على الإنترنت شائعاً، يقرّب المسافات ويختصر الأزمنة، حتى غدا العالم كقرية صغيرة، ترى أصدقاءك ولو كانوا على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، كما يمكنك في أي وقت مشاهدة الأفلام والمسلسلات المفضلة لديك، ناهيك عن قراءة ما تشتهيه روحك من غذاء في ظل تعسر شراء الكتب إثر الوضع المعيشي الصعب، كما يمكن الترفيه والتسلية على “الجوال” أو” التاب” بمختلف أنواع ألعاب الفيديو..
على النقيض الآخر هناك آثار سلبية للإنترنت باعتباره يعزز الانطواء والانعزال الاجتماعي ويشل صلات القربى، ناهيك عن حالة الإدمان التي لا تقل سلبية عن إدمان الكحول والمخدرات والأخطر أنها تسبب الاكتئاب.. هذا ما أشارت إليه بيانات منظمة الصحة العالمية مؤكدة بأن أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب، من بينهم كثير من الشباب وصغار السن.
في حين أكدت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية “Preventive Medicine” أن الذين يقضون خمس ساعات يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بثلاث مرات من أولئك الذين يقضون أقل من ساعتين يومياً، ويعتقد الخبراء المشاركون بالدراسة بأن الهواجس مع منصات مثل “إنستغرام” و”تويتر” و”سناب شات” و”فيسبوك” توقف تكوين صداقات بين الشباب، منوهين إلى أن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي أيضاً إلى عدم تحفيز الشباب للذهاب وتحقيق أهداف في حياتهم المهنية، ما يؤدي إلى تأجيج المشاعر السلبية.
كما يُعتقد أيضاً أن المراهقين يقارنون أنفسهم بأسلوب حياة مثالي “معدّل بالصور” ويستحيل الحصول عليه ويشعرون بأنهم لا قيمة لهم بالمقارنة بذلك، ما يزيد من حالة الاكتئاب لديهم، وفق ما كشفت عنه الدراسة السابقة.
أما فيما يخص الصحة العقلية فقد رأت دراسة أخرى في “جامعة بنسلفانيا” أن الاستخدام اليومي لمنصات التواصل الاجتماعي قد يكون لها تأثيرات واضحة على الصحة العقلية على المدى البعيد، وعلقت القائمة على الدراسة “ميليسا جي هانت”، عالمة النفس بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أقل من المعتاد يؤدي إلى انخفاضات كبيرة في كلٍّ من مُعدلات الاكتئاب والشعور بالوحدة.
خلاصة القول، لا يمكننا إنكار دور وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت ضرورة يومية يحرص الجميع على متابعتها والتفاعل معها ولكن خير الأمور أوسطها، أي وفق ما اقترحت الدراسة السابقة، أن يكون استخدامنا للوسائط مُعتدلاً كباقي أمور حياتنا، وبذلك، على الأرجح سيكون تأثيرها ليس سيئاً، وهذا ما يراه أندرو برزيبيلسكي، كبير الباحثين في معهد أكسفورد للإنترنت الذي أوضح “أنّ الكثير من تحيزنا ضد وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون مجرد توقعات لمخاوفنا. نتحدث مع بعضنا البعض ونتناقش حول كيف أننا نشعر بالتهديد بأن الهواتف الذكية تُقلل من ذكائنا وتُدمر صداقاتنا الحقيقية، ولكن في الواقع، ربما نكون قلقين من أن هذا صحيح. وهذا لا يعني -بالضرورة- أن يكون صحيحاً”.
تقرير: ليندا تلي