“واحكم عليّ بما تشا”.. تحدٍّ جديد للشّاعر هشام كفارنة
من جديد، يتحدى الشاعر هشام كفارنة نفسه، مع هاجسه المستمر لرفد الواقع الثقافي السوري بالإنجازات الفكرية الشعرية أو المسرحية، وتوقه لاستعادة دمشق لنبضها المعرفي بوصفها عاصمة الثقافة للمنطقة والعالم، في ظل واقع ثقافي مايزال يعاني تشتت الحرب ومفرزاتها، غير أنه يحتضن في قرارته شوقاً راقياً، ظهر جلياً في حضور الأمسية الشعرية التي استضافتها نقابة الفنانين في دمشق أمس.
سلّم كفارنة في مجموعته الجديدة “واحكم عليّ بما تشا” قلبه وروحه لحكم سيرضى به بغض النظر عما سيكون، لافتاً في حديثه مع “البعث ميديا” إلى “أنه من الطبيعي أن يكون عنوان أي كتاب مرتبطاً بالمضامين التي يحتويها وقد ترددت شطرة “واحكم علي بما تشا” في أكثر من قصيدة ضمن المجموعة وكانت قاسماً مشتركاً لها يوحي بالشغف الكامن في مفاصل هذه القصائد التي يروم فيها الشاعر الوصال مسلماً قلبه وروحه لحكم سيرضي به بغض النظر عما سيكون”.
وعلى الرغم من المسافة الزمنية الفاصلة بين توقيع الشاعر مجموعته الأولى منذ نحو أربعة عقود غير أن كفارنة يرى أنه لا يمكن اعتبار المجموعة مختلفة عن سابقتها، رغم بعد المسافة الزمنية بين الإصدارين، إلا أنهما استكمال لبعضهما ومتشابهتان من حيث طبيعة المواضيع والشكل، حيث اعتمد التفعيلة في كلتيهما وفي هذه المجموعة بضع قصائد تبدو بالشكل الكلاسيكي إن جاز التعبير..
وعن تأثيرات المرحلة الحالية على الإصدار الجديد، أوضح كفارنة: “لايمكن للفنان أو الأديب أن يعزل ماينتجه عن تأثيرات المحيط ومايجري من أحداث حوله، إلا أنني لا أميل الى أن يبدو الأثر مباشراً فجاً، إلا أنه يتجلى بين السطور ووراء الكلمات دون قسر وليّ لعنق القصيدة”.
عمق قصائد الشاعر وصل للجمهور بحالة تفاعلية رائعة، حيث عبّر “سعيد البرغوثي” صاحب “دار كنعان” للنشر، عن اهتمامه الخاص بإنتاج الشاعر هشام كفارنة، حيث كان خارج سورية حين عرض عليه الكتاب الذي أمر بنشره وطباعته، خصوصاً أنه من فكر وإبداع كفارنة، مشيراً إلى أنه حفظ بعض نصوص الكتاب بعد إصداره، وقرأه مرتين وفي كل مرة يزيد استمتاعه به.
وعن المجموعة الشعرية قال الفنان التشكيلي “محمود الجوابرة”: عندما نقول كلمة فن، فالمقصود هنا ليس الفن التشكيلي فحسب، الفن هو المسرح والشعر حتى الرقص، كلها مجموعة من الفنون البصرية والحركية والسمعية، واستطاع الفنان كفارنة بقدراته الفكرية والحسية كممثل ومخرج مسرحي وفنان تشكيلي وشاعر أن يأخذنا نحو ألق القصيدة بمجموعته الشعرية الثانية التي تتضمن حوالي ثلاثين قصيدة تسمو بمشاعر وانفعالات تلامس روح الفنان وتعالج حالات اجتماعية متنوعة..
وبدوره تحدث الإعلامي والشاعر “أسامة شحادة ” عن الإصدار الشعري الجديد، موضحاً أن بلادنا تعرف الكثير من الفنانين الذين من الممكن أن نقول عنهم فنانين شاملين، ولعل هشام كفارنة واحد منهم، فنان شاعر ممثل ومخرج مسرحي، مشيراً إلى أنه حين تصفح هذه المجموعة الشعرية سيشعر المتلقي أن الفنان لا يعتمد على الفكرة بشكل كلي أو على المعلومة التي يريد البوح بها، هو يعتمد أكثر على الشكل، وهذا الشكل يعكس دواخله التي لطالما كنا نظن أنها محيط فوضوي، لكن بعد قراءة المجموعة تشاهد حقاً أنه أبعد من أن يكون فوضوياً، فهي منظمة لحد بعيد وبتشكيل جميل وملفت..
البعث ميديا || آثار الجوابرة