الذوق الجمالي
إنَّ مسألة التذوق الجمالي تتمايز عند بعض الأشخاص في قراءتهم للعمل الفني ، ويكسبون منه – أي التذوق – متعة وقدرة حقيقيتين على تحديد مفاهيم الجمال وفلسفته. وحسب المعجم الفلسفي المختصر، فإن الذوق الجمالي ليس مَلــَكة فطرية عند الإنسان، وهو يتكون من بيئة الإنسان الجمالية أولاً ،وينمَّى بالتربية الجمالية ثانياً. ويؤثر استيعاب مضامين الأعمال الفنية والإبداع الفني تأثيراً كبيراً على التذوق. ولكن تأثير العمل الفني التشكيلي في الحراك الثقافي بات ضئيلاً إذا ما قورن مع المجالات الإبداعية الأخرى. ويعود السبب في ذلك إلى صعوبة الطريق للوصول إلى ذهن المتلقي، وبذلك يعاني ضعفاً في التحليل والتذوق، وهنا يحدث ما لا تحمد عقباه، من جفاء و رفض. علماً أن تلك المسألة تقع على عاتق الاثنين ( المتلقي والفنان).
ففي الكاريكاتور مثلاً، يتساءل البعض عن متطلبات العمل الكاريكاتوري وحاجته إلى البنى التشكيلية الفنية من تكوين وانفعالات وحسّ جمالي، ويتساءل البعض الآخر عن معاني تلك الأعمال التي تنشر هنا وهناك.
نقول: إنّ الرموز التي يتناولها رسام الكاريكاتور ليست بعيدة عن تفاصيل حياتنا ومفرداتها، وما هي سوى تداعيات حسيّة ورؤى جمالية تتوهج من نافذة الأفق، وهذه الرموز أتت نتيجة طبيعية لاندماج الفنان بالواقع ومعانيه وتناغمه مع حزمة المشاعر والأحاسيس الإنسانية الموسومة بالمجازية المطلقة ومعانيها.
ويخلق التذوق الفني والاندماج مع تفاصيل العمل حالات من التضامن الذهني الحسّي التي تتفاعل بين الإنسان وذاته.
ففي رسالة طويلة جداً، سألني صاحبها عن القيمة الجمالية للعمل الكاريكاتوري وعائده المعرفي!
والآن لسنا بصدد الولوج في أساسيات العمل وعناصر تكوينه، بل كل ما نرغب فيه حقيقة هو مشاركة القارئ أو المتلقي والتفاعل مع الواحة البصرية المتروكة له، واستنتاجه لوظيفة الكاريكاتور الجمالية في تنمية حسّه الجمالي.
إن قراء فن الكاريكاتور يدركون أنَّ التراكم الكمي يفتح لهم آفاق المشاركة الحقيقية في القراءة الصحيحة والابتعاد عن تسطيح القضية وحالاتها.
رائد خليل