القدود الحلبية وهارمونية خمسين وزارة السياحة واليوم العالمي للسياحة
حلب – غالية خوجة:
ثلاث أمسيات موسيقية ثقافية تأريخية أضاءت المسرح الأثري بقلعة حلب الذي ضاقت مدرجاته على الحضور الحلبي والسوري القادم من مختلف المحافظات، ليشارك في فعاليات احتفالية وزارة السياحة بعيدها الخمسين واليوم العالمي للسياحة، الذي أقامته وزارتا السياحة والثقافة ومحافظة حلب وغرفة سياحة المنطقة الشمالية.
والملفت أن ما سمعناه خلال الأيام الثلاثة كان مرآة لحالة حضارية كلاسيكية ومعاصرة ومحلية وعالمية معهودة، محورها الاستدامة في التطوير وبناء الإنسان والوطن والحياة، وهو ما عكسته الحفلة الثالثة التي أحياها الفنان حمام خيري والفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله.
وشكّل الحضور الغفير بُعداً رابعاً لهذا الفضاء الموسيقي الثقافي لأنه كان شريكاً حقيقياً في الاحتفاليات، فهو يسمع ويصغي، لكنه كان في الحفلة الختامية يرقص رقصته الفلكلورية روحياً وغنائياً مع ما قدمه الفنان حمام خيري مع الفرقة الوطنية السورية للموسيقا من القدود والمواويل والموشحات بين القصائد بالفصحى واللهجة المحلية، بوجدانيات هذا الفن الطربي الأصيل الوطنية والدينية والغزلية.
تطوير متحرك على ثابت
والملاحظ أن خيري نوّعَ بديناميكية في هذا الموروث بين ما يخصه كفنان، وبين مواويل قديمة وأغان شعبية فلكلورية وموشحات منها للفنان عمر البطش، اتضحت فيها حركية تطويرية على صعيد الكلمات والموسيقا، وامتدت لتصل إلى رقصة عربية حلبية يبتكرها وهو منسجم مع منصة المسرح المفتوحة على السماء، ودعوات عوائل الشهداء بالنصر الدائم المؤزر، ونسمات الخريف، وشاشة العرض وهي ترسم تشكيلات ضوئية ملونة من الزخرفات والنقوش العربية، إضافة إلى ما غنّاه “خيري” عن الوطن بين مدينتين من أعرق مدن العالم ذهاباً وإياباً، فهو ينطلق من حلب الشهباء مبتهلاً “شهباء دمعي يجري بعيوني، مجنون عقلي كما قالوا الفتى معيوني، يا ربّ من ضرها تعميلو العيوني”، ليصل إلى دمشق “يا طيره طيري يا حمامة”، و”يا مال الشام”، وما إن يصل دمشق حتى يعود إلى حلب ويسافر بنا من “تفتا هندي”، إلى “أمان يا يابا”، منجزاً حالات فنية تنبع من الذاكرة المتشبثة بقدودها منذ نشأتها عبوراً إلى أعلامها ومنهم صباح فخري وصولاً إلى صوت “خيري” وصوت الآلات الموسيقية وصوت الحضور المشتاق للفرح والموسيقا، والفائض بمشاعر الامتنان المقدّس لأرواح أبطالنا شهداء الجيش السوري، ولأبطالنا جرحى الوطن، الذين لولاهم، ولولا قيادتنا الحكيمة المتمثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد، لما كنا معاً في مثل هذه اللحظات.
روح ووطن عريق
وبهذه المناسبة، صرحت د.لبانة مشوح وزيرة الثقافة: وزارة السياحة ووزارة الثقافة وبرؤية مشتركة تتفاعلان معاً، وبروح واحدة، ووطننا عريق تأريخياً وحضارياً ومميز على كافة الأصعدة ومنها موقعه الاستراتيجي الذي جعله جزءً هاماً من طريق الحرير، وجزءً هاماً من السياحة العالمية فنياً وثقافياً وتجارياً واقتصادياً، وحلب من أهم هذه المحطات، ويتميز أهل حلب بكثير من الفنون والأدب، ومنها فن السمع، وتتميز القدود الحلبية بخصوصية استثنائية، ولذلك، أصبحت من التراث الإنساني العالمي.
وتابعت: وإقامة حفل للقدود الحلبية في مسرح قلعة حلب الأثري له دلالات مختلفة، وأبعاد متنوعة، خصوصاً، وأنه يقام بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس وزارة السياحة، ونحن التزمنا بأن نروج ونطور وننشط ونؤهل الشباب، وذائقتهم ونضمن هذا العنصر التراثي العريق، وهذا الحفل يندرج ضمن “القدود الحلبية” هذا الفن الرفيع، الجاذب ثقافياً وسياحياً، مع كل المحبة لحلب وأهلها الطيبين.
مواسم العطاء الثقافي
وسألت “البعث” السيدة الوزيرة د.مشوح: هل سيكون هذا المهرجان دورياً سنوياً؟ وهل من الممكن أن يرافق الشعر هذا المهرجان؟
أجابت: إذا توافرت الإمكانيات، لذلك لا أعد، ونحن مقدمون على مواسم من الفرح والعطاء الثقافي، ونريد لكل سورية أن تعيش بهذه اللحظات معنا من هذا المدرج، محتفلين بالعيد الخمسين لوزارة السياحة واليوم العالمي للسياحة، ومحتفلين بروعة المكان وحلب وأهلها الذين يحبون الحياة بعيداً عن تداعيات الحرب، ولا أظن أن تكون الأمسيات الشعرية في القلاع، لأنها مستمرة في كل مكان، وحاضرة في الأنشطة المختلفة والمهرجانات، وللشعراء والجميع المزيد من الإبداع والعطاء، وهو ما عهدناه منهم ومن كل إنسان على أرض هذا الوطن.