ملتقى البعث للحوار يناقش هارمونية الأسرة كمشروع حياة اللطف الأساس والعنف النشاز
حلب- غالية خوجة
تابع ملتقى البعث للحوار سلسلة “الأخلاق” بندوته الحوارية الرابعة التي تمحورت حول “أخلاقيات الحياة الأسرية بين اللطف والعنف” بمشاركة د.عبد الحليم أسمر عميد كلية التربية، ود.علي عكام عميد كلية الشريعة سابقاً وإدارة محمد ماهر الموقع.
تفاعلت الندوة مع الكثير من الأسئلة الهامة التي طرحها المشاركون والحضور، ومنها:
هل هناك جلسة حوار يومية، أسبوعية للأسرة؟ هل العنف يقتصر على الضرب أم أنه لفظي ومعنوي؟ وماذا يعني بناء العلاقة الأسرية على اللطف لا العنف رغم الضغوط المختلفة النفسية والاقتصادية وحالة الخروج من الحرب الإرهابية؟ وكيف يتحول القول الأخلاقي إلى سلوك أخلاقي؟ وما الدور الاجتماعي والوطني للأسرة؟ وما هو الضرب ومتى يكون ممكناً؟! وهل الضرب رمزي أم بدلالة جسدية مباشرة؟ وماذا نقول عن جدول الضرب: هل نضرب الأعداد مثلاً؟ وما عدالة القوانين الذكورية الخاصة بحقوق المرأة والطفل والمجتمع في حالات الانفصال والزوجية وغيرها؟ وما هو مشروع الحياة الذي يبدأ من تناغمية العلاقات الأسرية؟
المؤسف، أنه ما زال هناك عقول تؤمن بضرب المرأة في المضاجع على اعتبار أن الإنسان المذكر أكثر وعياً وحكمة في التفريق بين الحلال والحرام، والجميل أن هناك بالمقابل، من لا يؤمن بالضرب إطلاقاً ولا للحيوان لأن جميع الأديان والقوانين الأرضية دعتنا للرفق بالحيوان، فكيف إذا كان موضوع اللطف والعنف مسقطاً على المرأة التي لم نجدها مشاركة في هذه الندوة أيضاً رغم موضوعها الأسري؟
انطلاقاً من بديهية أزلية ومعاصرة أكدها العقل الإنساني بحوثاً وعلوماً وآداباً وأدياناً ألا وهي اللطف هو الأساس، والعنف بكافة أشكاله الإشارية واللفظية والنفسية والمعنوية والبدنية هو النشاز، انطلقت الندوة التحاورية لمناقشة اللطف كقاعدة أساسية بين العلاقات الإنسانية العاقلة، الواعية، الإيجابية، التي رآها الرفيق الموقّع ضرورة للحوار العائلي لضمان الاستقرار في الأسرة والمجتمع، والبحث لا عن المثالية، بل عن الارتقاء نحو الأفضل، فكيف يمكن تجسيد ذلك واقعياً؟
أجاب الرفيق د.أسمر: لنشخّص ما يحدث أولاً، لنجد أن مشكلتنا ليست في المعايير الأخلاقية، بل في السلوك اليومي الأخلاقي، لأن العتف موجود، ونزل إلى الشارع، ودخل إلى المدارس والجامعات والمؤسسات أيضاً، إضافة لعدم الاهتمام بمناقشة أوضاع الأسرة كدائرة علاقات أولى متصلة بدوائر العالم الكبير، وعولمته التي أثرت على هذه البنية الأسرية وحولتها إلى دائرة هشة بعد الحدود، في الأجواء، والفضاء، والهجرة، ولأن مشروعنا مشروع حياة، فلا بد من عقول فاعلة، والعقول السورية فاعلة في العالم، وعلينا احتمال المسؤولية معاً لنحافظ على طيبة وعطاء الأسر السورية لتكون الهارمونية المشكلة لمجتمع عضوي.
ورأى د.عكام أن القول الجميل ينتقل إلى حيز الفعل الجميل وهو اللطف، والعنف لا يجوز حتى مع الجنين، وأي إيذاء وعنف مرفوض، والعجز عن ممارسة اللطف يعني وجود الخلل في شخصية المعنِّف – بكسر النون – لا المعنَّف، والضرب من قبل الأب أو الزوج هو خلل في جهة وشخصية الضارب لا العكس لأن الصبر والحكمة واللطف والحوار ضرورة، إلاّ إذا كان هناك نشاز عن الحلال إلى الحرام!
وأضاءت الندوة عدة دلالات للعنف منها الإهمال التعليمي والعقلي، الإهانة والسخرية وما يترسب عن ذلك في الأعماق من عقد نفسية، أيضاً،..الوعد بلا وفاء، التربية بالكذب، الشتم، اللعن، الدعاء، التخويف الذي يؤدي للموت أحياناً، الإهمال الطبي والغذائي والإنفاقي.
وركز المحاضرون والمتداخلون على أهمية اللطف تجسيداً لكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته، لأن المسؤولية هي مشروع التكامل الحياتي للأسرة والمجتمع على كافة الأصعدة اليومية والمستقبلية والاقتصادية والعلمية والمعرفية والوطنية، ليكون كل إنسان متمتعاً بفهم إنساني كوني لأننا لسنا مع صور الموت بل مع صور الحياة المتنوعة غير المنحازة لجنس، تترادف فيها تشاركية الأمومة والأبوة والمعلم تجاه الطفل، لذلك نحتاج لمراجعة شجاعة، خصوصاً، لكل ربّ أسرة، وللمشروع التربوي والتعليمي لأن المشروع الشمولي هو مشروع حياة.