“أبو عبدو” وشريهان على كتف بردى
أيام الصور الفوتوغرافية الملتقطة بكاميرا شمسية، اشتغل العديد من المصورين، على تطبيق صورة للزبون، تجمعه بالشخص الذي يريد، طالما أن صورته متوفرة، وكان من الممتع للمارة في سوق “الصالحية” مثلا، ان يتمهلوا قليلا، للتفرج على تلك التوليفات العجيبة، التي يعرضها المصور على واجهة الاستديو، والذي غالبا ما يكون في القبو، بينما لديه واجهة عرض زجاجية، تطل على الشارع.
من طرائف تلك الصور، أن تشاهد صورة، تجمع سمير “البسكليتاتي”، مع وليد توفيق، على بوستر فيلم للمغني، وكان سمير يمون أن يضع ساعده على كتف الرجل، أو أن ترى صورة فيها عارضة الازياء “سيبلكان” تتكئ ببنيتها الممتلئة، على الاريكة الصغيرة الموضوعة بين مقعدها في سيارة اللانسر، ومقعد “أب جانتي” الذي يجلس قربها بكل إهمال، وهو يضع راحته تحت ذقنه، ويده الأخرى على حافة النافذة! وصورة لـ “أبو عبدو” وشريهان، على كتف بردى، في واحدة من الصور، كان ستالين يضيف الشاعر الثوري، الشيوعي، البرجوازي الصغير، سيجارة من علبة تبغ رأسمالية “تازة”، فتحت للتو، أما إن كان الزبون نرجسيا، فلن يظهر معه إلا هو، وهكذا يجلس في الصورة بشكل جانبي، ويقابله أيضا شخصه الكريم!
تلك الصور المركبة، التي كان استديوهات التصوير، تنفذها كنوع من الدعاية، لم يكن دافعها التسلية عموما، فثمة صور مركبة، كانت من أدوات البرستيج الاجتماعي، مثل الصور التي يظهر فيها الشخص وخلفه معلم سياحي عالمي شهير، برج ايفل، تاج محل، سور الصين، الاهرامات، وغيرها، وهذه كانت خاصة بشكل أكبر بسيدات الطبقة المتوسطة، المتباهيات بكونهن سيصبحن قريبا، من الطبقة الأعلى، أو سيدات المجتمع المخملي، اللواتي عصف الزمن بأرصدتهم البنكية، فافرغها، وبقين يحيين على الآمال والذكريات.
بالنسبة للطموحين من الموظفين وصغار التجار، فالصورة المركبة، كانت بمثابة تأكيد على القوة التي يعتمدون عليها في أماكن النفوذ، الزبون هنا يطلب من المصور أن يجمعه بشخصية سياسية رفيعة، أو شخصية أمنية نافذة، أو مسؤول حكومي، وهكذا.
اليوم لم تعد تلك الصور موجودة، إلا للتندر، تنشرها بعض صفحات التسلية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي فعلا مثيرة للضحك والحنين معا، خصوصا تلك الصور التي لا غايات لها، بل هي الغاية ذاتها بالنسبة لأصحابها “الظراف” وما هو متوفر اليوم وبين ايدي الجميع تقريبا، مجموعة من البرامج التي يمكنها أن تأخذك في نزهة واقعية افتراضيا، بين الكواكب والنجوم، ويمكن لمغنية مبتدئة أن تقف على مسرح مدرج بصرى، جنبا إلى جنب مع فيروز مثلا، بعض تلك البرامج، يمكنه أن يجعلك تتناول العشاء في باريس، وتجلس في مدرجات أحد الأندية الأوروبية، تحضر مباراة بكرة القدم، بل وأن تؤدي شخصية “فيتو كورليوني” في “العرّاب”-1972- في الوقت نفسه!
تمّام بركات