ابن حزم الأندلسي.. والحب
ربما كان أول من كتب عن الحب ودرسه دراسة اجتماعية نفسية هو الفقيه الأندلسي الكبير (ابن حزم) في كتابه (طوق الحمامة) الذي أفرده للحب فقط، كما أن تعريف (ابن حزم) للحب من أجمل التعريفات، ويقول فيه: “إنه انتقال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع، والحب أوله هزل، وآخره جد، دقت معانيه لجلالته عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة”.
ولهذا اتفق عشّاق الحب على أنه التكامل وليس التوافق بالضرورة، فقد يكون التكامل في الاختلاف الفكري والوجداني بين طرفين، والإحساس المستمر بالراحة في وجود الطرف الآخر، والقدرة على التغاضي عن أخطاء الغير، والحب يحتاج إلى الرعاية مثل النبات الذي يحتاج إلى الماء والهواء والشمس، ولكي يترعرع الحب يجب أن يوجد في مجتمع تشمله المحبة، والمناخ الحالي القائم على الماديات يخنق الحب ويمنعه من ضروريات الحياة، كما أن الحب هو عملية صيرورة مستمرة وإثراء للذات وتنشيط لخلايا المخ، والمحبة تساعد على نمو خلايا المخ وازدياد حجمها ومن ثم نمو القدرات العقلية المختلفة، والحب علاقة تبادلية فكل ما يفعله طرف لآخر من حب وحنان يرتد إليه مضاعفاً إن كان الطرف الآخر يبادله المشاعر، وهكذا إلى ما لا نهاية.
والسؤال: هل يختفي هذا الحب بعد الزواج؟
والجواب واضح تماماً: هو لا يختفي بعد الزواج لكنه يسمح بفسح المجال لما هو أقوى منه، العشرة والسكن والمودة والرحمة والحوار الدائم والأولاد الذين هم ثمرة هذا الحب ونتاجه والتضحية من أجل الآخر.
وتالياً فالحب فطرة تهذبها البيئة والثقافة، والتعبير عنه يختلف من إنسان لآخر، ذلك التعبير الذي يتم بصورة طبيعية، لكن السينما والتلفاز أوجد الحب الصناعي، فالمراهق يحاكي نجمه المفضل ويحبه..
وأخيراً هناك أغنية عربية مشهورة تتساءل عمن يكون السبب في الحب القلب أم العين؟ لكن (الحب محله القلب)؛ اعتقاد له أنصاره من الشعراء الرومانسيين، لكن هناك نصيحة تتوارثها الفتيات عن أمهاتهن مفادها: إن أقصر طريق إلى قلب الرجل (معدته)، فتقول الشاعرة التي تعاني نهم حبيبها وإدمانه أطايب الطعام..
أرى الحب في القلب
وحبك ليس يجاوز المعدة
لكن البعض كان قديماً يعتقد أن الحب محله الكبد، وهي نظرية لم تصمد طويلاً، فقد نظر الطبيب إلى مريض عاشق وقال: هذا الرجل فتت الحب كبده..
د.رحيم هادي الشمخي