ملتقى البعث للحوار يناقش “القراءة وحوافزها” ضرورة التقدم والتصدي بالوعي المشع
حلب- غالية خوجة
انطلاقاً من مقولة القائد الخالد حافظ الأسد: “الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية”، واستمراراً مع القائد السيد الرئيس د.بشار الأسد، المؤكد على أن من أهم الأمور التي تقتضيها مواجهة الغزو الثقافي والفكري الذي تتعرض له الأمة العربية هو التمسك باللغة العربية التي تشكل حاملاً للثقافة والعروبة باعتبارها حالة حضارية، نتساءل: ماذا يعني مفهوم القراءة كحوافز وممارسة وتفعيل وعوامل مشوقة؟ وكيف تكون القراءة سلوكاً يومياً؟ وأين ملتقياتها الدورية؟ وكيف يتكامل دور الجهات مع الطلاب والمجتمع في هذا المحور؟ وهل كل من الطالب والأستاذ الجامعي مثقف؟
أسئلة مختلفة طرحتها الندوة الحوارية “”مسارات القراءة وحوافزها” التي أقامتها قيادة فرع حلب ـ مكتب الإعداد والثقافة والإعلام، مركز الشهباء للدراسات الاستراتيجية وبالتعاون مع مديرية الثقافة، على مدرج فرع حلب للحزب برعاية الرفيق أحمد منصور أمين الفرع، وشاركت فيها كل من الأديبات الشابات د.بتول دراو، د.ليزا سلوكجيان، د.ساندرا عفش، بخضور شخصيات حزبية ورسمية وثقافية.
بدأت د. بتول دراو حديثها عن “أنواع القراءة” انطلاقاً من مرحلة ما قبل القراءة أي الكتابة بعناصرها الثلاثة: الكاتب، الكتاب، القارئ، وهل هدف الكاتب القارئ أم الكتابة؟ ومن هو القارئ ومتى يولد؟ لتجيب بأن المؤلفين أنواع منهم من يكتب لنفسه، أو لقارئ معين، أو لفئة ما، وأن القارئ الكتروني أو فيزيولوجي، سطحي، عميق، باحث، منهجي، وهناك مستويات قرائية مختلفة، كما ركزتْ على دور القراءة وأهمية توظيفها في تنمية الشخصية والمجتمع، وتأثيرها في البناء التراكمي من أجل التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، واقترحت تفعيل أنماط القراءة من السريعة إلى متابعة الإصدارات والإبداعات والاهتمام بالمكتبة الورقية والالكترونية ثم التشجيع على الكتابة كمحفز للقراءة.
بينما أكدت د.ليزا سلوكجيان في ورقتها “القراءة والثقافة” على مفهوم الثقافة كنتاج إنساني شمولي متفاعل مع الذات والمجتمع بكافة الجوانب من معرفة وهوية وتأريخ وقيم وعادات وتقاليد وأعراف وابتكار وإبداع، ورأت أن الأدوات الثقافية متنوعة، منها المكتبة، والتلاقح الثقافي، والفضول، ولا بد من الرجوع للمكتبة المنزلية والتعليمية والتثقيفية، والتعرف على كل الثقافات، وهذا ينبع من الفضول والرغبة في المعرفة، متسائلة: هل الطالب الجامعي مثقف؟ لتجيب بأنه متعلم فقط، ويحتاج إلى ثقافة أكاديمية، وسلوكية ومعرفية، تبدأ من الأسرة وتربيتها وبيئته ووسطه التعليمي لتصب في المجتمع، ولفتت إلى التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي ودورها التدميري في الحرب الكونية على وطننا، وكيف على الجميع توظيفها بشكل إيجابي بين المشاركة والتلقائية والانفتاح والترابط والروابط، ولن يتم ذلك إلاّ من خلال التوعية المستمرة المتكاملة بين الأسرة والمدرسة والجامعة ووزارتيّ التربية والتعليم والجهات المعنية.
وبدورها، لاحظت د.ساندرا عفش في ورقتها “القراءة..مشاكل وحلول” أن المشكلة تكمن في غياب الكتاب عن حياتنا اليومية، وأن المكتبات بأنواعها ليست للزينة، بل للاستفادة، كما أنها في حالة تناقص متواصل، فمثلاً، أمينة المكتبة لا تجد عملاً حالياً، بينما كانت المكتبة المدرسية خلية نحل، وكذلك المكتبة الجامعية التي لا يزورها الطالب إلاّ من أجل البحث عن المراجع الدراسية، بل تناقص عدد الطلاب الزائرين للمكتبات لأن غالبيتهم اعتمد على الملخصات، كما غابت الكتب التي تُعنى بالقضايا الفكرية والفلسفية والاجتماعية والعلمية، ولا توجد كتب تلبي احتياجات الإنسان المعاصر، واختلط الحابل بالنابل في إصدارات دُور النشر، وأصبح الانحطاط سمة التأليف لا سيما الكتب التجارية، واتسم العصر بالسرعة والآلة والعجلة وطغت الصورة على القراءة، وتوقفت حالة التقدم في المجتمع، وافتقدنا مصداقية الكتب الأكثر قراءة لأنها تستند إلى “موضة اجتماعية” و”تريند افتراضي”، وطغى الهاجس المادي على الإنساني، وتسارعت القفزات التكنولوجية المساهمة في عولمة الثقافة وكارثية الحياة، ولا بد من إعادة صياغة البنى الكلية والالتفات إلى المسابقات مثل تحدي القراءة العربي الذي أنتج حراكاً اجتماعياً بعدما فازت البطلة شام البكور التي أسستها أمها أولاً، إضافة إلى ضرورة تفعيل أندية القراءة المحلية، واهتمام جميع الجهات بضرورة الثقافة.
واختتمت الندوة بمداخلات وآراء متنوعة للحضور منها رأي الرفيق عماد غضبان الذي أكد على ضرورة هذا الملتقى الحواري وتنويعاته الثقافية ومنها هذه الندوة التفاعلية للجيل الشاب المتمحورة حول القراءة ومصادرها وحوافزها وكيفية استثمارها إيجابياً.
بينما لفت الرفيق ماهر الموقع إلى الخطر الكبير الناتج عن العزوف عن القراءة والثقافة على صعيد الفرد والمجتمع والبنية الحياتية، خصوصاً، في ظل التوحش الذي يحاصرنا، ولذلك لا بد من الوعي العارف المثقف المضيء الذي ركز عليه سيادة الرئيس د.بشار الأسد لمواجهة هذا التراجع القرائي والثقافي والفكري، والانتصار على ظلماته بنشر الفكر المشع، وهو واجبنا، والذي من خلاله نتصدّى لمن يدفعنا إلى الوراء لأننا نريد أن نتقدم، وسر التقدم هو البناء الفكري الثقافي، ملفتاً المشاركات في هذه الندوة إلى ضرورة الاستشهاد بمفكرين وأدباء عرب إلى جانب استشهادهم بآراء مفكرين وكتّاب أجانب.
وركّز د.فاروق أسليم عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب على دور القراءة في التواصل مع الفرد والمجتمع كثقافة، وأضاف: المشكلة أن ما حدث ويحدث هو قضية ثقافية لأننا لو كنا محصّنين ثقافياً لما وقعنا في هذا المطب العميق المؤلم، وتساءل: هل الأستاذ الجامعي مثقف؟ إن الطالب الجامعي غير مثقف لأن الأستاذ الجامعي غير المثقف، ونحن كأساتذة جامعات نتحمّل جزءً كبيراً من المسؤولية لأننا لم نصنع من الطلبة مثقفين وقادة مثقفة، وبالتالي، الثقافة بناء والقراءة متنوعة منها للاستمتاع والمعرفة، وما نحتاجه هو قراءة أنفسنا ثقافياً وأمتنا ما زال فيها الخير