الشخصية السادية هشّة وسهلة الانكسار… والأسرة بلسم هذا الاضطراب!
هل سبق وتعاملت مع شخص يتّسم بالسادية، أم لاحظت بعضا من أعراض هذه النزعة تعتريك في تعاملك مع بعض المحيطين بك، هل تعلم ما هي الأعراض التي إن اجتمعت في شخص ما قيل عنه ساديا؟.
تقول دراسة بريطانية إن الساديّين يعانون قلة التعاطف، فيتملّكهم دافعا داخليا لأذيّة الآخرين، وإنهم يستمتعون برؤية معاناة الطرف الآخر، وبشكل خاص عندما يستسلم دون مقاومة.
سلوك عدواني..
عرّف الأديب الفرنسي ماركيز دي ساد السادية، والتي سميت بهذا الاسم نسبة له، بأنها عنف جسدي وميل إلى العنف النفسي، وإذا سألتكم هل تجدون متعة في قتل عدوكم في لعبة “البلايستيشن”، أو هل تشعرون بالراحة والإثارة أيضاً عند سحق صرصورٍ بقدمكم؟ إن كانت إجابتكم نعم، فأنتم تندرجون ضمن قائمة الساديين الاعتياديين.
السادية درجات..
لا تظهر السادية وفق المرشدة الاجتماعية، دينة سلامة، بشكل مباشر بل بصورة أقل عنفاً وتُرى بشكل يومي، كتعنيف الأب لأسرته، أو تعنيف رب العمل لموظفيه، وغير ذلك من مظاهر تفريغية لهذه النزعة، وبناء عليه فإن السادية درجات يمكن تقسيمها لثلاث فئات: سادية إجرامية تصل إلى القتل والعنف المباشر بكل أشكاله، ومن ضمنه الجنسي، سادية متوسطة يتم فيها التحكم بالإيذاء من خلال الترهيب والتخويف، وسادية مقبولة وهي التي تظل حبيسة النفس فقط ولا تظهر بشكل مباشر وعنيف، بل تفرّغ على شاكلة استفزازات متكررة للآخرين، ويعيش على وقع هذه الدرجة الأخيرة من السادية ثلّة كبيرة من الناس، وهي ما أطلق عليها السادية الاعتيادية.
سهل التعامل ولكن..
وعن كيفية التعامل مع الشخصية السادية توضح سلامة أنه يتوجب علينا أن نفهم أولاً أن هذا النوع من الاضطراب هو مرض نفسي يجب التعامل معه بطريقة مختلفة وخاصة، فالعلاقة الشخصية مع السادي قد تكون بغاية السهولة، إن تفهمت وتقبلت أنه هو المسيطر، حتى إن كنت شخصا قويا جدا، عليك أن تعرف أنه من المستحيل الوصول للسلطة في العلاقات مع هذا النوع من الشخصيات، وعليك الحذر من الدخول بمنافسة معه، ولا تحاول أبدا أن تستهين بسلطته أو أن تأخذ مكانته منه، إلا إذا كنت غير مهتم بالإبقاء على علاقتك معه، أما إذا كنت تحاول كسب احترامه عبر التصرف بقوة و تسلط أكثر منه، فعليك التفكير مجددا، فهؤلاء يحترمون الأقوياء والمخلصين الذين حولهم، ولكن يجب أن يكونوا تحتهم بالتسلسل الهرمي للسلطة، كما يتوجب عليك، وفق الاختصاصية، أن تعرف ما هي حدود وظيفتك أو دورك ولا تحاول أن تتخطاها، ونوهت بأنه من السهل على السادي أن يمارس الضغط عليك لتنزل تحت خانة الخضوع، لذا عليك أن تبقى قويا و محافظا على احترامك لنفسك، وكونك تحت ضغط السلطة لا يعني أبدا أن تسقط أو تعود إلى خانة الخضوع التام.
حلول وتنازلات..
ولكي تحل الصراعات والخلافات مع الشخص العدواني، تقول الاختصاصية: لا تستخدم حلا، هو أنك على صواب و هو على خطأ، وما يجب العمل عليه هو إيجاد حلول وتنازلات تُبقي على احترامه لذاته ومكانته السلطوية، لافتة إلى ضرورة استخدام المنطق لا العاطفة، إذ لا وجود للعاطفة بقاموس الشخص السادي، إن أردت أن تثبت وجهة نظرك، أظهر السبب المنطقي منها وما قد يستفيد الشخص العدواني منها بشكل مباشر، إذ إن استعمالك العاطفة لن يجدي نفعا فأنت تقف أمام حائط صلب لا تجتازه العاطفة، وإن كان أحد أبويك شخصا ساديا، فأنت في تحدٍ دائم لخلق حلول وإيجاد طرق للتأقلم مع القوانين القاسية الصارمة عليك.
هش وسهل الانكسار..
وتنوه المرشدة سلامة إلى أنه على عكس ما يظنه العديد من الناس أن الشخص السادي قوي وشديد الثقة بنفسه، إلا أننا نجده في الواقع ضعيفاً وهشا وسهل الانكسار ويتأثر بأتفه الأمور، لكن نقطة قوته تكمن في قدرته على الاحتفاظ بضعفه بينه وبين نفسه ونادرا ما يظهر ذلك للآخرين، ما يجعله يرى نفسه من منظور ينقص من شأنها ويحتقرها، الشيء الذي يعكسه ويفرغه على الآخر في محاولة لإسقاط ذلك الصراع النفسي والصورة الذاتية، بإهانتهم وتعنيفهم لفظياً، ويفسر البعض هذا التناقض والازدواجية في المواقف والتعامل بالقسوة والتعذيب والإذلال إلى النقص الذي يعاني منه السادي، وإحساسه الشديد بالضعف وانعدام قيمته في نظر نفسه قبل الآخر، وفي هذه الحالة، لا يمكن أبداً إيذاء الشخص السادي بل على العكس، ينصح بالرفع من معنوياته والثناء على ما يُقدمه، في عمله مثلاً، رغم عدم تمكنه وإتقانه له، في محاولة لتعويض وترميم ذلك التصدع النفسي الذي ينظر للذات بأنها بلا قيمة وبلا أهمية، حيث إنه نادرا ما يلجأ الشخص السادي للعلاج، لأنه عادة لا يدرك خطورة ما هي عليه شخصيته.
ذو مخالب فاحذره..
المتنمر، العدواني، والسادي، بحسب ما ذكرت الاختصاصية، حفر بمخالبه طريقه للقمّة ولديه صعوبة بالغة بالعمل ضمن مجموعات، وخصوصاً إذا كانوا في المستوى نفسه من السلطة، لذلك عليك أن تتجنب العمل معه، وفي المحصلة فالتعامل مع المصابين باضطراب الشخصية السادية قد يكون متعبا للغاية، لذلك عليك أن تتجنب هذه الشخصيات قدر الإمكان.
احتواء السادي..
جميعنا نعلم أن الشخصية السادية يمكن علاجها عند اختصاصيين نفسيين، ولكن تلعب الأسرة والبيئة الاجتماعية دوراً مهما في علاج هذا الاضطراب، من خلال فهم طبيعة هذه الشخصية والتعرف أكثر إلى محفزات السلوك العدواني والعنيف، واحتواء المريض بالطريقة المناسبة التي تساعده على الاستفادة من العلاج.