أخبار البعثالشريط الاخباريسلايد

ليست قيامة.. مجرد كَذَبة ودجالين!!

بسام هاشم

خلال عشرة أيام، سوف يمضي ملايين الطلاب السوريين إلى مدارسهم، إيذاناً ببدء العام الدراسي الجديد، وسوف يكون بانتظارهم مئات الآلاف من المعلمين. سيحدث ذلك هذا العام، كما كان يحدث طوال سنوت الحرب، وكذلك ستفتح أبوابها الجامعات والمعاهد والمشافي وكل المنشآت الحكومية التي خرّجت – وتخرّج – أجيالاً متعاقبة من المتفوقين السوريين الذين يتلقفهم الغرب، دون كلمة واحدة عما تقدمه لهم دولتهم السورية «المدمرة بحروب الوكالة» اللامنتهية، بصمت. وعلى العكس، فقد صمم الغرب – كما يبدو – على مواصلة الحرب، حتى آخر مدرسة وآخر مستوصف وأخر منشأة اقتصادية نجت من التدمير.. وحتى آخر سوري نجا من الموت أو النزوح أو التهجير!!

لقد وجدت الولايات المتحدة ضالتها أخيراً في «متمردين مدنيين»، «من قلب البيئة الحاضنة»، أو من «الموالاة»، كما تشيع، ولسوف تضع الكثير من الأسس، وتصطنع الكثير من الصراع، وتستثمر المزيد في المعاناة المعيشية، من أجل حرب أخرى بالوكالة، أو خلق حالات من الفوضى «على الحدود»، وبما يوفر للمحافظين الجدد المسار المطلوب للضغط من أجل «تغيير السلوك». لسوف تستخدم واشنطن «معتدليها الجدد» كبيادق لإنشاء محميات أو فيدراليات مرتبطة بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية، أو إطلاق «عصيانات» فرضيتها الأساسية أنه لم يبقَ لدى السوريين ما يخسرونه؛ وهي فرضيات مشبعة بوهم أن «الحراك»، أو «الحراكات» المنتظرة سوف تضع الحكومة في موقف حرج، وسوف تجد نفسها مدفوعة لمواجهة العنف بالعنف. ومن المثير للدهشة أن من كانوا يهتفون فيما وصف بـ «وقفة احتجاجية» لم يكونوا أصلاً من بين الموظفين الحكوميين، ولا تعنيهم زيادة الرواتب لا من قريب ولا من بعيد. وكل ما في الأمر أن «الميليشيات» – إياها – ارتدت الزي المدني، وبدأت التهديد والوعيد نياية عما نصبت نفسها عنوة متحدثاً باسمهم، دون أي تفويض، وأنها تستطيع السيطرة على الشارع لبعض الوقت، مثل أي عصابات إجرامية يتحاشاها الأهالي، أو يلتم العابرون حولها بدافع من الفضول.

 

ولكن ما يبعث على الأسى، كما على الأمل في الوقت نفسه، أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تتعلم من الدروس، وأن رهاناتها تتكرر وسط الفشل الذريع، وأنها لا تذكّرنا اليوم إلا بـ «الفورة السلمية» تلك، ومعها خيبات 2011. فالواقع لا يزال مختلفاً – تماماً كما كان – على الأرض، والقضية لا تزال كما هي: «حق يراد به باطل»، والمشاهد تتكرر عن سوء الفهم وخطأ التحليل، فإذا كان هناك من مدافع عن حقوق السوريين فهو الدولة السورية وحدها (أي «النظام» بلغتهم العميلة)، والشهداء الذين يرتقون في كل البقاع السورية، حتى اليوم، هم شهداء الجيش العربي السوري، بمجنديه ومتطوعيه، وليس بالهاربين من الخدمة الإلزامية الذي يتواصلون مع المحتل، والمعاناة المعيشية لا يمكن إلا تكون حقيقية – صحيح – في ظل الحصار والعقوبات والخذلان العربي، ولكن الحملات الدعائية المضللة تتعمد المبالغة فيها، أو حتى اختراع صور مفزعة لها، كأسلوب لحشد الدعم في إطار نظرية «تغيير السلوك».

اكتشفوا فجأة أنهم بوسعهم اختراع «ثوار فيسبوك»، ساديين ومنحرفين يمارسون البذاءة الكلامية ويمتهنون التحريض الرخيص.. جيل جديد من نفايات «القوة الناعمة» الذين تنحصر مهمتهم اليوم في التعويض – ما أمكن – عن خسائر أكثر من عقد من الخيبات الأمريكية والقطرية والأردوغانية، «أشباح» خرجت من ظلمة الشاشات الزرقاء تستغرب كيف تتقاضى راتباً يكاد لا يعادل عشرة دولارات في وقت تدفع «إسرائيل» ألفي دولار على الأقل.. يبشرون بـ «الاحتلال السعيد»، والإمبراطورية التي تسربل «محبي الحياة» بالرفاهية ورغد العيش!! وها هو المشهد البائس للعام 2011 يحاول أن يعيد نفسه، ولكن على نحو مقزّز ومنفّر وكئيب. فهل يريدون اتتشال قانون قيصر هذه المرة من خيبته، خاصة وأن الرئيس الأسد أكد مؤخراً أن سورية استطاعت الالتفاف على بعض عقوباته؟ وهل يصدق هؤلاء أنهم «مُحرّرون» لمجرد أن الدولارات تتسلل إلى أرصدتهم وحساباتهم من خارج العقوبات؟ وهل مثل هذا الحقد الأزعف والانحطاط الأخلاقي يجسد صورة «أنبياء» تحرير؟! أبداً.. تلك ليست قيامة، وأولئك مجرد كذَبة ودجالين.

رغم كل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم كل محاولات التعمية والتزييف والتضليل، سوف نكون على موعد، كل يوم، مع «اعتيادية» الوضع، وسوف تبقى الشوارع السورية مزدحمة بالمارة، وسوف تبقى الأمور – كما هي دائماً – على أتم خير. لقد كان الأمر، وسيكون دائماً، مختلفاً تماماً عما تصوره وسائل الإعلام الغربية، وجوقة المهرجين الموتورين، فالبيئة الحاضنة قوية وديناميكية بقوة الشعب السوري، وهي تمارس النقد لأنها تتمتع بوطنية حقيقية، لا مستعارة، والانتماء للوطن بالنسبة لها انتماء واع وليس نزعة عابرة أو تعصباً أحمق، وإذا كان لها من عنوان في هذه المرحلة، وفي كل مرحلة، فهو شخص السيد الرئيس بشار حافظ الأسد، ومؤسسة الجيش العربي السوري، ومصالح شعبنا العربي السوري المقاوم والصامد والأبي.