فيروز أيضاً طالها المنع
نسمع بين الفينة والأخرى، خبر منع الفنانة الفلانية أو “العلاتنية” من الغناء، وذلك لما تتضمنه أغانيها من كلمات نابية، بعد أن سرت موجة انحطاط غنائي منذ أكثر من عقد، ولم تتوقف بعد.
لكن ماذا سيكون موقفك إن سمعت أن السيدة فيروز، منعت واحدة من أغانيها للسبب نفسه، أي تضمنها على كلمات نابية؟
حدث هذا في المرة الأول التي غنت فيها فيروز للشاعر سعيد عقل، الذي كتب قصيدة “مشوار” وصدرت عام 1960، عندها منعت الإذاعة اللبنانية، بث الأغنية التي لحنها الأخوين الرحباني، بسبب احتوائها على كلمات نابية، كما أكد بيان المنع، حيث بررت الإذاعة اللبنانية قرارها “بوجود كلمات لا تتفق ومخطط الإذاعة العام، الذي يحرِّم تقديم الكلمات النابية، أو التي يشتّم منها أنها تسيء إلى التوجيه والأخلاق”.
عاصي ومنصور سارعا بعد قرار المنع، لإصدار أسطوانة بعنوان “الهوى والشباب” احتوت في وجهها الأول على أغنية “مشوار”، وأغنية “بحبك ما بعرف”، كلمات سعيد عقل وألحانهما أيضاً، على الوجه الآخر، وحمل الغلاف الخارجي للأسطوانة عبارة: “مُسَجَّلَة من مشاكل الشباب نفسها”، في إشارة من الأخوين رحباني إلى المعنى المقصود من الأغنية الممنوعة.
وكتب عاصي نصا أوضح فيه دلالات الأغنية، جاء فيه: “تزداد مشاكل الشباب المراهقين وتتعقّد في محيط القرية الضيّق، حيث يعرف أهلها بعضهم وتتداول الألسنة الأخبار وتضيف إليها وتحورها، المراهقون في القرية يعانون من جور المراقبة، فكل حركة يتحركونها حتى لو كانت بريئة تجد تأويلات عديدة بعيدة عن الحقيقة، كهذه القصة التي ترويها فيروز في أغنية مشوار”.
و”مشوار”، بحسب الرحابنة، تمثل العلاقة البريئة الساذجة، قصة الحب التي لا أساس لها، فتتحول الإشاعة الخيالية إلى حقيقة تغير قلب الفتاة التي تحتار هل هي تحبه فعلاً أم أنها تتخيل لكثرة أقاويل الناس؟.
ورغم ذلك، لم يشكل منع الإذاعة اللبنانية بث الأغنية، حجر عثرة أمام ثنائية فيروز-سعيد عقل، حيث جمعت بينهما خلال الستينات وحتى أواخر السبعينات عدة أعمال غنائية بارزة في مسيرتهما، أبرزها سلسلة القصائد الدمشقية، إضافة لأغاني محكية.
وهكذا تقف فيروز مع مجموعة من “الفنانات” اللواتي منعن من الغناء بسبب ألفاظ نابية وخادشة للحياء والذوق وحتى الجلد، تضمنت عليها أغانيهن، رغم البون الذي لا يقارن، بين “مشوار” بشعريتها ورمزيتها العالية، وبين “يا بنت الكلب” على سبيل المثال لا الحصر.
متابعة – تمّام بركات