الشريط الاخباريسلايدمساحة حرة

حاصر حصارك لا مفرّ

 

المشاهد التي صارت ترد تباعا، من فلسطين المحتلة، والأخبار الإعجازية المترافقة معها، عن عملية “الطوفان”، تبدو للوهلة الأولى وكأنها من فيلم سينمائي، حتى يمكن اعتبار أشهرها، الطيران بالطائرات الشراعية، والهبوط في المستوطنات مع بدء القتال، بمثابة “برومو” مثالي للفيلم البطولي، الذي جرت أحداثه في فلسطين المحتلة.

شوارع تحترق، دبابات أكل صدأ الصدمة فاعليتها، واحترقت، جنود يخضعون لمشيئة من يقبض على رقابهم ويقتادهم أسرى، شباب “يشفطون” بال”الهامر” فخر الصناعة الأمريكية، في الشوارع وبين البيوت والثكنات، ثم تبدأ الاخبار الإعجازية بالورود، المقاومة الفلسطينية تهاجم الكيان الصهيوني، بمئات الصواريخ، وتستولي على عدد من المدن والبلدات المحتلة، وتقتاد أسرى، وكأن القيامة قامت.

الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه ينضم إلى المقاومين في طوفانهم قولاً وفعلاً، وبأهمية تقارن بالعملية نفسها، يأتي رفع العلم السوري هناك، ولافتات مواساة وحزن على شهداء الكلية الحربية، واعتبار الساحة واحدة في الرد، كما هو حالها دائماً.

أسر الشهداء، يتابعون الأخبار، مثل معظم السوريين، وثمة شعور بأن ما يجري، يعنيهم، ويخصهم، فتغير جغرافيا العدو، لا يعني تغيره، وما جرى في ٥ تشرين الأول بالكلية الحربية، صُنع وطُبخ أساسا هناك، حيث تُدك حصون العدو وتضرب قلاعه، وتُكسر شوكته.

ومن تابع ولو بشكل بسيط، ما تكشف من الأحداث، التي وقعت قبل وخلال الحرب، يدرك بأن الصهاينة خلف كل ما جرى من دمار وتهجير وقتل، بأيديهم تارة، المجازر التي ارتكبت في فلسطين، الجولان السوري المحتل، لبنان، مصر، العراق، الأردن، وغيرها، وتارة بأيد مأجورة، إن قُطع عنها المصروف، تُقطع تلقائياً، فالفلسطيني أكثر من غيره، يعرف ماذا يعاني أخاه السوري، وعلى يد من تحدث المعاناة ذاتها التي يعانيها هو.

من الطبيعي أن يشعر كل سوري بشكل خاص، وكل عربي عموماً، وهو يشاهد ما يجري، أن أخاه الفلسطيني، يهديه “تحية” تقول: “كتف عنك خيا”.

حاصر الفلسطيني اليوم حصاره فعلياً، فلا مفر، كما قال درويش، وما جرى سيغير الكثير من قواعد الحرب، ومفهوم محاصرة الحصار الذي ضربه هؤلاء الفتية، سيكون درسا يدرس طويلاً في كتاب المجد الذي لم يغب.

 

تمام بركات