نافذة على الصين

انطباعات واقعية عن الصين.. مجتمع المستقبل المشترك للبشرية

بلال ديب

يمكنني أن أتحدث عن الصين وأنا الآن أعيش فيها وقد حصلت على كم هائل من المعلومات المركزة عنها شعبها وحزبها وحكومتها، وتاريخها المليء بالخصوصية وبالإنجاز فأول ما يمكنني قوله عن الصين أنها دولة تمتلك شعباً يعتز بتاريخه ويحب دولته، ويعمل بشكل متواصل ليحقق ذاته، فالعمل هو القيمة المشتركة الكبرى للصينيين، إضافة لتمسكهم بالقيم الأساسية للعائلة والاحترام الشديد لها، فجميع الصينيين يفاخرون بالحضارة الممتدة دون انقطاع لأكثر من خمسة آلاف سنة وهي الوحيدة التي لم تنقطع حى اليوم من بين الحضارات الانسانية.
وفي نظرة لقيمة الشعب في هذه الدولة فستجد أن كل شئ للشعب ومن أجل الشعب والشعب هو الغاية الأساسية للدولة وللحزب الشيوعي الصيني الحاكم في البلاد، وهذا يمكن أن تلمسه من خلال الكثير من المزايا التي يتمتع بها المواطن الصيني والذي بات اليوم محوراً لاهتمام كافة الأجهزة الحكومية، والهدف تأمين مستوى من الرفاهية السعادة متناسب مع دولة باتت تعتبر الدولة الثانية عالمياً من الناحية الاقتصادية.
ويمنح الصينيون للأصدقاء الكثير من الود ويستندون إلى تاريخهم في النظر إلى أي شئ فهم عانوا الكثير في طريق الوصول إلى ما هم عليه اليوم، فكان الفقر والحرمان والاحتلال والحروب تسود البلاد، إلى أن تخلصت من كل ذلك تباعاً وباتت تتفاخر اليوم بأنها خلصت أكثر من 100 مليون إنسان من الفقر المدقع، وحولت مواطنيها إلى مواطنين سعداء.
وفي سبيل نشر هذه القيم والعطاء الوفير من قبل الصينين فإن الصين بدأت منذ فترة بتعزيز التواصل العالمي وطرح المبادرات العالمية التي من شأنها نقل التجربة الصينية والتحديث على النمط الصيني إلى دول العالم للاستفادة من التجربة المميزة للصين، وكان للصين ولا يزال طموح لتحسين مستوى العيش للشعوب كافة فهي تعتبر نفسها شريك في ذلك مع كافة البشر، فكما تخلصت من الفقر تريد تخليص الشعوب الاخرى منه، وكما حققت تنمية عظيمة تريد أن يحصل الآخرون على التنمية.
ويطرح الصينيون مبادرة لمجتمع المستقبل المشترك للبشرية كأحد المبادرات العالمية الهامة للرئيس شي جي بينغ، والتي قال عنها الكتاب الأبيض الصيني أنه يجب على جميع الشعوب وجميع الدول وجميع الأفراد أن يقفوا معا في السراء والضراء، وأن يتحركوا نحو انسجام أكبر على هذا الكوكب المسمى بالموطن.
كما دعا الكتاب الأبيض إلى بذل الجهود لبناء عالم مفتوح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك، وتحويل تطلعات الناس لحياة أفضل إلى حقيقة واقعية.
وبالفعل فالصين لا تتوقف عن استقبال الوفود وابتعاث المتخصصين في مختلف المجالات وتأمين كل ما يلزم لهم لاكتساب الخبرة والمعرفة الاستفادة من التطور التكنولوجي والعلمي والمجتمعي والتنظيمي لنقله إلى بلادهم، بل وتعمل على أرض الواقع بنقل التكنولوجيا إلى الدول المحتاجة وتعميم تجربتها لدى الدول المتعاونة معها، وتعطي كافة المستلزمات لتصبح التكنولوجيا موطنة في الدول المستهدفة ولا تحتكرها بل تمكن الدول من التحكم بتلك التكنولوجيا وإدارتها.
وتسعى الصين لتعزيز العلاقات مع الدول العربية من خلال العشرات إن لم يكن أكثر من المنصات والمنتديات والمبادرات واللقاءات المتعددة المستويات ورفع مستوى العلاقات بينها وبين الدول العربية وأحدثها كان من خلال القمة الرئاسية التي جمعت الرئيس الصيني شي جي بينغ بالرئيس بشار الأسد، الذي لبى دعوة الصين وعقيلته السيدة أسماء الأسد وتم خلال الزيارة الإتفاق على الكثير من القضايا التي من شأنها تعزيز علاقة الصين بسورية وتكللت الزيارة بتوقيع اتفاقية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وتؤمن الصين بدور الإعلام في مختلف مجالات الحياة وبكافة الاختصاصات فمن بين عشرات المؤسسات التي زرتها سواء كانت خاصة أو عامة لم يكن لدى اي منها ضعف في إمكانيات التعريف الجيد بتاريخ المؤسسة، من خلال الشرح المباشر، أو الأفلام الوثائقية والتوثيق الدقيق لكل ما يتم عمله في تلك المؤسسات، وهذا ينقل عبر وسائل الاعلام وينقل للإعلاميين الذين يمثلون مختلف الوسائل في دول العالم بغرض التعريف بالتحديث الصيني النط الذي يستقي مفرداته من تاريخ عريق ويطرحه بصيغة معاصرة تلبي طموحات الشعوب.
ولا تزال الرحلة في الصين مستمرة ويوجد الكثير من المشاهدات الحية التي تستحق أن تنقل عن هذا الشعب الذي ينبض بالحياة والمحبة لبعضه ولشعوب العالم.