المبادرة الصينية هي مبادرة عالمية.. الصين وسورية تعملان يدا بيد على البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”
بقلم نجلاء ليانغ – كاتبة صينية:
“لا أقول بأن مبادرة ‘الحزام والطريق’ الآن هي مبادرة صينية، أقول بأنها أصبحت مبادرة عالمية”، هذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع مجموعة الصين للإعلام خلال زيارته للصين التي أجراها الشهر الماضي.
إن الصين وسورية دولتان لهما حضارات قديمة، والتبادلات بين الشعبين تعود إلى زمن طويل. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1956، حافظت الصين وسورية دائما على “روح طريق الحرير” المتمثل في الصداقة والسلام والتبادلات والتنمية، وكان التعاون والتبادلات الودية بين الجانبين في مختلف المجالات وثيقة ومثمرة. وفي يناير 2022، وقعت سورية والصين مذكرة تفاهم وانضمت سورية رسميا إلى عائلة “الحزام والطريق”.
وتتوافق مبادرة “الحزام والطريق” بشكل كبير مع استراتيجية “النظر للشرق” التي تنتهجها سورية، حيث يتمتع البلدان بآفاق واسعة للتعاون في إعادة إعمار سورية والتبادلات الاقتصادية والتجارية والشعبية وغيرها من المجالات. وخلال الدورة الثالثة من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينع عن ثماني خطوات رئيسية ستتخذها الصين لدعم التعاون العالي الجودة لـ”الحزام والطريق”، مؤكدا أن الجانب الصيني يحرص على إقامة علاقات الشراكة مع كافة الأطراف المعنية بالتعاون في بناء “الحزام والطريق”، ودفعه إلى مرحلة جديدة من التنمية العالية الجودة، بما يساهم بجهود دؤوبة في تحقيق التحديث لدول العالم.
إذا، ما الذي يعنيه انضمام سورية إلى مبادرة “الحزام والطريق”؟
أولا، توفر مبادرة “الحزام والطريق” لسورية منصة هامة للتعاون الدولي. ومن خلال الانضمام إلى المبادرة، يسمح لها بالتعاون المتعدد المستويات والمجالات والأشكال مع الصين والدول المشاركة الأخرى والتخلص تدريجيا من العقوبات والعزلة التي تفرضها الدول الغربية وتعزيز مكانتها وصوتها الدولي.
ثانيا، توفر مبادرة “الحزام والطريق” لسورية فرصة مهمة للتنمية الاقتصادية، مما يسمح لها باستخدام رأس المال والتكنولوجيا والخبرة الصينية لإعادة إعمار بنيتها التحتية التي دمرتها الحرب واستعادة حيويتها الاقتصادية واستقرارها الاجتماعي. لقد جلبت الحرب الوحشية والعقوبات القاسية الأحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة كوارث خطيرة على الشعب السوري. وضعت سورية خطط إعادة الإعمار بعد الحرب، الأمر الذي يتطلب دعما اقتصاديا من الدول الصديقة بما فيها الصين. ومع توقيع البلدين على وثيقة تعاون لـ”الحزام والطريق”، ستشارك الشركات الصينية بشكل أكبر في مشاريع بناء البنية التحتية ومشاريع التعاون الاقتصادي والتجاري المهمة. بالإضافة إلى ذلك، من خلال المشاركة في المبادرة، يسمح لسورية إقامة علاقات تجارية واستثمارية أوثق مع الصين وغيرها من الدول المشاركة وتعزيز التطوير الصناعي والتكيف الهيكلي.
ثالثا، توفر مبادرة “الحزام والطريق” لسورية منصة مهمة للتبادل الثقافي، مما يسمح لها بتعزيز التبادلات الشعبية والثقافية والتعلم المتبادل بين الحضارات مع الصين والدول المشاركة وتعزيز التفاهم والثقة المتبادلة. وفي سبتمبر 2022، وقعت الصين وسورية على بيان مشترك بشأن التعاون في عملية حماية التراث الثقافي الآسيوي، وستنفذ البلدان التعاون الفعلي في المجالات مثل حماية التراث الثقافي المهدد بالانقراض وإجراء التنقيبات في المواقع الأثرية بشكل مشترك وحماية الآثار الثقافية وترميمها وتبادل المعارض المتحفية. من خلال المشاركة في المبادرة، يمكن لسورية أيضا التعاون مع الصين والدول المشاركة الأخرى في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا والسياحة والصحة والرياضة ومجالات أخرى لتعزيز التقدم الاجتماعي والوحدة الوطنية.
أعربت الصين وسورية في البيان المشترك بإقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الذي صُدر مؤخرا بين البلدين، أنهما سيجريان التعاون الفاعل لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ وستعملان يدا بيد على البناء المشترك العالي الجودة لـ”الحزام والطريق”.
وكما يعتقده الرئيس الأسد، انطلقت هذه المبادرات من الصين، ولكنها تنتمي إلى العالم وثمار التنمية التي جلبتها تفيد شعوب العالم. وفي النظام الدولي الحالي، تنتهج بعض الدول منطق تفوق القوة وتتنمر على الضعفاء وتستغل الآخرين. وخير مثال على ذلك هو الوجود العسكري الأمريكي غير القانوني الحالي في سورية، والذي ينتهك بشكل خطير سيادة سورية وسلامتها. وتؤمن الصين دائما بأنه يتعين على القوى الكبرى أن تضع مستقبل البشرية ومصيرها في موقع مهم، بدلا من الاعتماد على قوتها في السعي إلى احتكار الشؤون الإقليمية والدولية. وإن التسامح والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك هي الطريق الصحيح للعالم.
وفي مايو من هذا العام، أعلنت جامعة الدول العربية في بيان رسمي أنها اتخذت قرارا باستعادة سورية مقعدها، وذلك في اجتماع استثنائي عقده مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة. ودعمت الصين دائما وحدة الدول العربية وقوتها الذاتية، وعملت بنشاط على دفع عودة سورية إلى جامعة الدول العربية. في مواجهة التحديات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 والأزمة الأوكرانية والارتفاعات الكبيرة في أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإن النموذج الدبلوماسي الجديد المتمثل في التعايش السلمي يحل محل الألعاب الجيوسياسية التقليدية، ويصبح الإجماع العام لدول الشرق الأوسط. وتنفذ الصين بنشاط مبادرة الأمن العالمي، وتعزز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بشكل فعال، وتسمح للعالم أن يرى أن المبادرة ليست موثوقة فحسب، بل أنها قابلة للتنفيذ أيضا.
إن العالم اليوم لا ينعم بالسلام، لذلك ينبغي على الجانبين مواصلة الاتحاد والتعاون لمقاومة المخاطر ومعارضة الهيمنة وحماية العدالة والإنصاف الدوليين، وحماية المصالح المشتركة للبلدين وكذلك العدد الكبير من الدول النامية بشكل أفضل.