التنمية الخضراء… الطريق المؤدي إلى التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة
ليانغ سوو لي إعلامية الصينية
يرمز اللون الأخضر للحياة والطبيعة، وتعد التنمية الخضراء متوافقة مع الطبيعة وتعزز التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة، وهي التي تحقق أقصى قدر من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية بأقل التكاليف من حيث الموارد والبيئة، إضافة لكونها عالية الجودة ومستدامة.
تمتثل الصين لتوقعات الشعب الجديدة من أجل حياة أفضل، وترسخ وتطبق مفهوم “أن البيئة الطبيعية الجيدة هي الكنز الحقيقي”، وتخطط للتنمية انطلاقا من تحقيق التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة، وتنسق تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية العالية الجودة مع الحماية الرفيعة المستوى للبيئة الإيكولوجية، وقد شرعت في السير على طريق التنمية المتحضرة المتميزة بنمو الإنتاج ورخاء المعيشة وحسن البيئة الإيكولوجية.
من منظور الحماية البيئية، تتمسك الصين بمبدأ “منح الأولوية للترشيد والحماية واتخاذ التعافي الطبيعي أساسا”، وتعزز بقوة حماية النظم الإيكولوجية واستعادتها، ونفذت أكثر من 50 مشروعا متكاملا لحماية الجبال والأنهار والبحيرات والغابات والحقول والمروج والصحارى واستعادتها، بإجمالي مساحة معالجة حوالي 5.33 مليون هكتار، ونشأت ما يقرب من 10 آلاف محمية طبيعية بمختلف أنواعها ومستوياتها، وتمثل نحو 18% من مساحة الأرض في الصين. وبلغت نسبة تغطية المساحة الخضراء في الصين 24.02%، وتمثل حوالي ربع المساحات الخضراء الجديدة في العالم منذ بداية هذا القرن. وأخذت الصين زمام المبادرة في العالم لتحقيق “النمو الصفري” في تدهور الأراضي، مما لعب دورا إيجابيا في تحقيق الهدف العالمي المتمثل في “النمو الصفري” في تدهور الأراضي بحلول عام 2030.
ومن منظور التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، تواصل الصين توسيع نطاق صناعتها الخضراء. في السنوات الأخيرة، حافظت الصين على متوسط معدل نمو سنوي لقيمة إنتاج الصناعات الموفرة للطاقة والصديقة للبيئة يتجاوز 10%، وتحتل الصين المرتبة الأولى في العالم من حيث قدراتها لتوليد الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية وحجم إنتاجها لمعدات الطاقة النظيفة، ويمثل إنتاجها للبولي سيليكون ورقائق السيليكون والخلايا والمكونات أكثر من 70% من الإنتاج العالمي، ويحتل إنتاجها ومبيعاتها لمركبات الطاقة الجديدة المرتبة الأولى في العالم لمدة ثماني سنوات متتالية، وتحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد أكوام الشحن المبنية في مناطق خدمة الطرق السريعة… واستمرت الصين في تحسين جودة وكفاءة الصناعات الموفرة للطاقة والصديقة للبيئة، مما شكلت نظام تصنيع معدات التكنولوجيا الخضراء الذي يغطي مجالات مختلفة مثل توفير الطاقة والمياه وحماية البيئة والطاقة المتجددة.
ومن منظور بناء النظام المؤسسي، تواصل الصين تحسين الأنظمة المتعلقة بحماية البيئة. في عام 2018، كتبت الصين” البناء الحضاري الإيكولوجي” في دستورها. وتواصل تحسين نظام معايير للتنمية الخضراء في المجالات الرئيسية، وصياغة ومراجعة أكثر من 3000 معيار يتعلق بها، وابتكرت وحسنت آلية تشكيل الأسعار في مجالات رئيسية مثل الحفاظ على المياه والطاقة ومعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات والسيطرة على تلوث الهواء، ونفذت أكثر من 50 سياسة ضريبية تفضيلية لدعم ترشيد الموارد واستخدامها الفعال وتعزيز تنمية الصناعات الخضراء.
إن الأرض هي الموطن الوحيد الذي يمكن للبشرية جمعاء البقاء فيه، ويشكل الإنسان والطبيعة مجموعة حياة مشتركة. إن حماية البيئة الإيكولوجية وتعزيز التنمية المستدامة هي المسؤوليات المشتركة لجميع البلدان. وباعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، تعمل الصين بقوة على تعزيز التنمية الخضراء المحلية وتشارك بنشاط في الحوارات والتعاون الثنائية والمتعددة الأطراف لتعزيز التحول الأخضر العالمي وضخ زخم قوي في الحوكمة البيئية العالمية.
وعلى مدار أكثر من عشر سنوات، تعمل الصين على تعزيز التنمية الخضراء لمبادرة “الحزام والطريق” وتحسين آلية تعاونها مع جميع الأطراف. تعد الدول العربية شريكا مهما لبناء “الحزام والطريق” وتتمتع بإمكانات كبيرة للتعاون مع الصين في تعزيز التنمية الخضراء في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها من الطاقات النظيفة، وقد أنشأ الجانبان مركز التدريب الصيني العربي للطاقة النظيفة والمختبر الوطني الصيني المصري المشترك للطاقة الجديدة والمتجددة، وتم تنفيذ كثير من مشاريع التعاون التنموي الأخضر مثل محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 2 جيجاوات و مشروع مجمع حصيان لإنتاج الطاقة بتقنية الفحم النظيف في الإمارات العربية المتحدة ومشروع محطة الخرسعة الكهروضوئية في قطر ومشروع المحطة الكهروضوئية بقدرة 186 ميجاوات بمجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر ومحطة نور للطاقة الشمسية في المغرب. وتتكيف الشركات الصينية مع الظروف المحلية أثناء البناء وتدمج المفاهيم والتكنولوجيات الصينية في بناء “الشرق الأوسط الأخضر” للمساعدة في التنمية المستدامة المحلية.
حتى الآن، قد أطلقت الصين مبادرة شراكة التنمية الخضراء مع 31 دولة مشاركة في بناء “الحزام والطريق” بشكل مشترك، وأنشأت التحالف الدولي للتنمية الخضراء لـ”الحزام والطريق” مع أكثر من 150 شريكا من أكثر من 40 دولة، وتم تدريب 3000 من مواهب خضراء لأكثر من 120 دولة مشاركة في بناء “الحزام والطريق” من خلال تنفيذ “برنامج مبعوثي طريق الحرير الأخضر”.
في المستقبل، ستثابر الصين بثبات على سلوك طريق التنمية الخضراء، وتعزز البناء الحضاري الإيكولوجي، وتشارك بنشاط في حوكمة البيئة والمناخ العالمية، وتنفذ تعاونا دوليا ثنائيا ومتعدد الأطراف بشأن التنمية الخضراء بموقف أكثر نشاطا، وتعزز بناء مجتمع حياة مشتركة بين الإنسان والطبيعة، وتساهم بالحكمة الصينية وقوتها في بناء عالم مزدهر ونظيف وجميل، وتعزز إنشاء نظام عالمي لحوكمة المناخ عادل ومعقول ويتميز بالتعاون المربح للجانبين.