التحول الرقمي وانعكاساته على التنمية المستدامة”.. حاجة ملحة للمعلومات واستراتيجيات وإجراءات مركزة
تغيير الطريقة التي تعمل بها المؤسسات، باستخدام تكنولوجيا المعلومات، لتؤدي خدماتها بشكل أكثر فاعلية بات اليوم توجهاً عالمياً في مجتمع العصر الرقمي، حيث تلعب هذه التقنيات دوراً فاعلاً في ترسيخ مبادئ التنمية المستدامة وتحقيقها.
هذه التقنيات تقود إلى استحداث أنماط إدارية ومؤسساتية تحفز النمو الاقتصادي وتولد فرص عمل تسهل وضع الخطط والبرامج التنموية، وعليه لابد من الوقوف على الأبحاث والتجارب المعاصرة في مجال التحول الرقمي، وتحديد موقعنا على خارطة التطور العالمي، والإطلاع على طرق تطبيق التحول الرقمي في كافة المجالات، لذا عملت كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية ومؤسسة (تفاعل) للمعارض والمؤتمرات، لتنظيم المؤتمر العلمي الدولي للتحول الرقمي، لمناقشة انعكاساته على التنمية المستدامة وتأثيره في تعزيز النمو الاقتصادي.
مجلس كلية الاقتصاد انطلق في تنظيم المؤتمر من الاستراتيجية التي حددها السيد الرئيس بشار الأسد، في خطاب القسم عام 2021، وفقاً لعميد الكلية، الدكتور حسين دحدوح، الذي بين أنه في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة تحتاج الدول والحكومات والشركات لوضع استراتيجيات جديدة وتطبيق إجراءات مركزة واتخاذ حزمة من القرارات المهمة، وتعتبر المعلومات حجر الأساس لمثل هذه التدابير، لافتاً إلى أن الحاجة الملحة للمعلومات تزامنت مع ظهور تقنيات التحول الرقمي المتعددة في عالم إنتاج المعلومات، حيث أصبحت هذه التقنيات الذكية من أهم المتطلبات لتحقيق أهداف التنمية.
وأوضح دحدوح أنه استناداً على هذه المعطيات أدرجت خمسة محاور تغطي الأقسام الموجودة ضمن كل اقتصاد، بالإضافة لمحور سادس يغطي تجارب بعض الجهات الحكومية في التحول الرقمي، الذي أصبح اتجاهاً سائداً في الاقتصاد الحديث، إذ يقدم الدعم الرقمي للحكومات لاتخاذ قرارات استثمارية مستدامة بناء على كم هائل من البيانات، وبظل التحول الرقمي يصبح تحويل هذه البيانات أكثر سهولة ودقة، ويُمكن من تحقيق أكبر فائدة منها، ما ينعكس على تحسين الأداء الحكومي ويعزز المسائلة والشفافية.
انعقاد المؤتمر في رحاب جامعة دمشق دليل على دورها الجامعة الهام في بناء الكوادر البشرية المؤهلة علمياً وأكاديمياً للنهوض بمشروع التحول الرقمي، حيث أعرب رئيس الجامعة، الدكتور أسامة الجبان، عن فخره بأن الجامعة تأخذ دورها وفق الشعار الذي رفعته في المئوية الثانية “جامعة دمشق في خدمة المجتمع”.
وذكر الجبان، في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر، أنه مع التطورات الهائلة التي يشهدها ميدان التكنولوجيا بات التحول الرقمي المحرك الأساسي للتقدم الاقتصادي والاجتماعي في معظم دول العالم، ومن خلال استخدام التكنولوجيا والتحول إلى الأنظمة الرقمية يمكننا الوصول إلى المعلومات وتبسيط الإجراءات والعمليات مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وأشار إلى أنه وكما في بقية القطاعات، فإن التحول الرقمي بالتعليم العالي له تأثير هام بطريقة عمل مؤسساته على جميع المستويات في التجريس والتعليم والبحث العلمي.
ومن باب التشاركية، تقدم محافظ دمشق، محمد طارق كريشاتي، باستراتيجية موجزة عن واقع التحول الرقمي في المحافظة، والتي تم إعدادها بالتعاون مع جامعة دمشق والمؤسسة العامة للصناعات التقانية، بالنظر إلى الواقع الراهن للمعلوماتية في المحافظة، الذي يشبه المؤسسات الأخرى، ومعاناته من تداعيات الحرب، ما أثر على استكمال واستقرار البنى التحتية والبرمجية.
وأكد كريشاتي على أن المحافظة ركزت في دراسة الملامح الاستراتيجية، انطلاقاً من محاور عدة، منها إعادة الجاهزية وفقا لما هو متوفر لديها عبر إعادة تأهيله واستكماله بالشكل الصحيح، لافتاً إلى أنها قطعت شوطاً كبيراً في هذا المحور.
وتتابع الحكومة تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي للخدمات الإلكترونية، التي تم اعتمادها عام 2021، بحسب وزير الاتصالات والتقانة، المهندس محمد إياد الخطيب، الذي نوه إلى أنه تم وضع العديد من المشاريع في الخدمة، وفقاً لهذه الاستراتيجية، انطلاقاً من مركز خدمة المواطن الإلكتروني، ومركز خدمة التوقيع الإلكتروني في هيئة خدمات تقانة المعلومات، إضافة لتنفيذ العديد من السجلات الوطنية إلكترونياً.
وبين الخطيب أن الوزارة شجعت على صناعة البرمجيات ما أدى لانتشار التطبيقات الإلكترونية بمختلف المجالات، فضلاً عن زج أكثر من نصف مليون بوابة انترنت وتوسيع البوابة الدولية من 300 جيجا عالم 2018 إلى 820 جيجا اليوم، والتي ستصل إلى 1 تيرا قبل نهاية العام، على حد تعبيره، لاتسعاب حركة الانترنت المتزايدة، داخلياً وخارجياً.
محاور عديدة سيناقشها المشاركون في المؤتمر، على مدى ثلاثة أيام، حيث سيتم البحث في ستة محاور تشمل الاقتصاد الرقمي وتأثيره في تعزيز النمو الاقتصادي، ودور الإدارة الإلكترونية في تحقيق التنمية المستدامة، ودور الرقمنة كخيار استراتيجي في دعم الشمول المالي، وأهمية النمذجة والقياس في التحول الرقمي، واستراتيجية التحول الرقمي في القطاع الحكومي، والتحديات التي تواجه مهنة المحاسبة والمراجعة في ظل التحول الرقمي.
ويشارك في المؤتمر باحثون ومختصون من دول عربية وأجنبية منها الجزائر والعراق والأردن وسلطنة عمان ولبنان ومصر والسودان وإيران والهند والمملكة المتحدة إلى جانب مشاركة عدد من الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات والشركات الخاصة في سورية.
البعث ميديا – رغد خضور