العلاقات الصينية العربية… نموذج للتعاون بين بلدان الجنوب
بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
“سنواصل العمل مع الأصدقاء العرب على تكريس روح الصداقة الصينية-العربية وخلق مستقبل مشترك بالتضامن، بما يجعل الطريق المؤدي إلى المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك مليئا بنور الشمس!” في يوم 30 مايو الماضي، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ مراسم الافتتاح للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين وألقى خطابا رئيسيا، كما حضر مراسم الافتتاح أربعة رؤساء دول من الدول العربية، وهو ما يعكس الرغبة المشتركة للصين والدول العربية في التضامن والتعاون ودفع العلاقات الصينية العربية إلى مستوى جديد.
قبل عشرين عاما، واصلت الصين والدول العربية صداقتهما التاريخية والعميقة وأنشأت معا منتدى التعاون الصيني العربي بهدف تنمية العلاقات طويلة الأمد. وبتوجيه من دبلوماسية رؤساء الدول، أصبح المنتدى “علامة ذهبية” تضم ما يقرب من 20 آلية تعاون، وتغطي مجالات متعددة، وتعزز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية، وتعزز بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك بشكل مستمر ومعمق.
وفي عام 2014، أثناء حضور الرئيس شي مراسم الافتتاح للاجتماع الوزاري السادس للمنتدى، اقترح الرئيس لأول مرة إنشاء مجتمع المصالح الصيني العربي والمجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. إن الاجتماع الوزاري العاشر باعتباره أول اجتماع وزاري يعقده المنتدى بعد الانعقاد الناجح للقمة الصينية العربية الأولى، قد عزز التوافق الصيني العربي، وخطط مستقبلا مشرقا للعلاقات الصينية العربية، وساعد على مواصلة تسريع بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك.
في الوقت الحالي، قد دخلت العلاقات الصينية العربية أفضل فترة في التاريخ، ويستمر توطيد توجه العلاقات الصينية العربية. وبعد عقدين من البناء والتطوير، تم الارتقاء بالعلاقات الصينية العربية من شراكة جديدة في عام 2004 إلى علاقة تعاون استراتيجية في عام 2010، ومن ثم من شراكة استراتيجية في عام 2018 إلى المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد في عام 2022، والذي أصبح تطلعات مشتركة وهدفا مشتركا وعملا مشتركا للطرفين.
قد أقامت الصين شراكات استراتيجية أو شراكات استراتيجية شاملة مع 14 دولة عربية وجامعة الدول العربية. على مدى العقدين، تطورت علاقات الصين مع العديد من الدول العربية على قدم وساق، وتعززت مكانتها ودورها في الدبلوماسية الشاملة لكل منهما بشكل مستمر.
وخاصة بعد إطلاق مبادرة “الحزام والطريق”، أصبح اتجاه الدول العربية نحو الشرق واضحا بشكل متزايد. ويدل الانعقاد الناجح للقمة الصينية العربية الأولى في عام 2022 على أن العلاقات الصينية العربية قد تغيرت من علاقة إقليمية إلى علاقة عالمية. في الماضي، كنا ننظر إلى العلاقات الصينية العربية من منظور إقليمي، والآن ننظر إليها من منظور عالمي.
واليوم، قد أصبح التعاون الصيني العربي نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب.
أولا، من حيث مفاهيم التعاون، تدافع الصين والدول العربية بحزم عن النظام الدولي ومحوره الأمم المتحدة، وتلتزم بالنظام الدولي القائم على القانون الدولي، وتلتزم بالقواعد الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتلتزم بالمبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية منها احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تتجاوز الاختلافات في الأيديولوجيات والأنظمة السياسية، وتحترم كل منهما الأنظمة الاجتماعية ومسارات التنمية والقيم الخاصة بكل منهما، وتواصل تعميق التوافق حول دفع نهضة الأمتين الصينية والعربية.
ثانيا، من حيث مجالات التعاون، يغطي التعاون الصيني العربي الكثير من المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والتبادلات الشعبية والابتكار التكنولوجي والرعاية الطبية والصحية والاتصالات عبر الأقمار الصناعية. من بناء نمط التعاون “1+2+3″، إلى إطلاق خطط العمل الرئيسية الأربع للبناء المشترك لـ”الحزام والطريق”، إلى طرح “ثماني مبادرات رئيسية بشأن التعاون العملي الصيني-العربي”، ومن ثم إلى “خمسة أطر للتعاون”، والتي اقترحها هذا الاجتماع وتغطي العلوم والتكنولوجيا والابتكار والاستثمار والتمويل والطاقة والتجارة والثقافة والسياحة وجوانب أخرى لمواصلة تحقيق المزايا التكميلية والمنفعة المتبادلة، وقد أثرى نمط التعاون الشامل ومتعدد المستويات وواسع النطاق بين الصين والدول العربية.
وأخيرا، من حيث نتائج التعاون، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري ومستورد رئيسي للطاقة للدول العربية، وقد وقعت وثائق تعاون بشأن البناء المشترك لـ “الحزام والطريق” مع جميع الدول العربية الـ 22، وقامت بمواءمة استراتيجياتها التنموية في العديد من الدول العربية، منها السعودية ومصر والكويت والإمارات العربية المتحدة، ونفذت الصين والدول العربية أكثر من 200 مشروع كبير في إطار البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”، وقد أفادت نتائج التعاون ما يقرب من ملياري شخص للجانبين، وقد حقق الجانبان نتائج ملموسة وجوهرية في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق” وبناء الثقة المتبادلة.
ومهما كان تغير الوضع الدولي، ستظل الصين دائما صديقا مخلصا وشريكا موثوقا وأخا حميما للدول العربية، وستظل دائما مشاركا نشطا ومساهما في السلام والتنمية في الشرق الأوسط. ومع تزايد اتساق مفاهيم التعاون واتساع مجالات التعاون وزيادة نتائج التعاون، فإن بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك سوف يتسارع بالتأكيد ويتحرك نحو مستوى جديد.
وفي الوقت الحالي، دخل العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير، ويتوقع المجتمع الدولي أن تلعب بلدان الجنوب دورا أكثر أهمية. وبالتطلع إلى المستقبل، فإن التعاون بين الصين والدول العربية سوف يتطور في اتجاه أكثر مؤسسية وسيكون له أهمية عالمية أكبر. ومن خلال المضي قدما بروح الصداقة والعمل معا لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، ستضخ الصين والدول العربية بالتأكيد المزيد من الطاقة الإيجابية في الحفاظ على السلام وتعزيز التنمية ودعم العدالة ومواصلة التقدم.