الحضارة الهشة
تعتبر التكنولوجيا أحد أعمدة الحضارة الانسانية الحالية، وانهيار أو تعطل هذه التكنولوجيا يعني زعزهة استقرار هذه الحضارة وربما زوال كثير من منجزاتها، إذ تكشف هشاشة الانظمة الالكترونية وأعطالها المفاجئة بأنها غير آمنة بالمطلق ومن الممكن أن تختفي في يوم من الأيام، وعلى العالم أن يتعلم كيفية التعامل مع العيوب المستقبلية، لأنه مهدد بمزيد من الأعطال ومن الممكن أن تكون القادمة أكبر، ولا يمكن علاجها، وهذا ما قاله سياران مارتن الرئيس السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني >أمن المعلومات المسؤول عن حمايتها< .
قرية كويكبية
نعيش اليوم في قرية كويكبية، تقوم على ترابط تكنولوجي يحول العالم من أقوام وأعراف وتقاليد إلى قرية تكنولوجية صغيرة، ولكن ماذا لو كان الاعتماد الكلي على نظام واحد، وهذا النظام قد تعطل، ما الذي سيحصل؟ تخيل شكل العالم بدون تكنولوجيا، ملايين الوظائف ممكن أن تتعطل، والفوضة الأمنية الرقمية قد تحصل إذا ما أزيلت التكنولوجيا مرة واحدة وسيكون الوضع أشبه بفيلم رعب حقيقي، كالذي حدث في الأسبوع الماضي 19 تموز2024، عندما طرأ عطل في نظام مايكروسوفت أدى إلى ظلام إلكتروني لمدة ساعتين والتي أدت إلى حدوث فوضى عارمة في جميع أنحاء العالم، حيث تعطلت أنظمة المطارات وعُلقت أكثر من خمسة آلاف رحلة جوية، وتأثرت السكك الحديدية، وتوقف البث الإخباري لبعض الوسائل، وخرجت وسائل إعلام أخرى عن الخدمة، وكذلك هيئات الخدمات الصحية والمستشفيات والعيادات توقف بعضها، وأنظمة الدفاع والشرطة في دول كثيرة تأثرت بشكل كبير، وتأثرت البنوك الكبيرة، وحتى شبكات الطرق، ولم يقتصر نطاق التأثير على أوروبا فقط بل في جميع أنحاء العالم من طوكيو لامستردام إلى نيودلهي في الهند، وأعلنت الخارجية الإماراتية تأثرها بما حدث.
ما حقيقة ما حصل؟
العالم كله مرتبط ببعضه، وأي معلومة تخص أي شخص في العالم موجودة على شكل أرقام مدونة على قاعدة بيانات، من بياناته الصحية، وحساباته البنكية، ورحلات الطيران، ومخالفات المرور، وبطاقات المشتريات، ووسائل التواصل والصور، كل شيء خاص لأي شخص موجود على هذه الشبكة، ولحماية هذه البيانات لا بد من وجود شركات تحميها، وأحد أكبر هذه الشركات هي شركة RAOD STRIKE المعتمدة حصرياً لنظام المايكروسوفت، والعالم بأكمله يعتمد عليها، لأنها الحامي الوحيد لهذا النظام، وتقدم برامج حماية كبيرة، وعلى رأسها برنامج اسمه Falcon، وعندما أرادت تحديث البرنامج حدث عطل في النظام من خلال التحديث الكودي الخاطئ، الذي أدى الى أن كل الاجهزة التي تعمل في هذا النظام توقفت عن العمل وظهرت لها شاشة زرقاء مسمومة تقول >حدث خطأ ما< تسببت بشلل في الحركة لمختلف جوانب الحياة وفي أغلب بلدان العالم.
العودة للتوازن والحلول البديلة
الاعتماد الأحادي على التكنولوجيا وحدها، يسمح لأي عطل فيها بأن يهدد استقرار الكوكب كله بالعودة للعصور المظلمة، ويزيد من خطورة سقوط الأنظمة الالكترونية بأي ضربة تستهدف العالم السيبراني، ما يعزز ضرورة الاعتماد على أنظمة متعددة وإيجاد سيناريوهات متعدد لمواجهة أي أعطال أو هجمات مستقبلية.
سليمة كلثوم