شاعر الليل والجبل “أحمد شحادة” في ذمة الخلود
اليوم نهضت أشجار وتلال وورود قرية “بكراما” والدمع يغسلها عوض الندى، وستغفو لا ريب والحزن يلفها أيضا، فشاعرها الذي حمل اسمها وربوعها في قلبه وبين قصائده، أغلق عينيه وإلى الأبد، بعد أن ولج عتمة خياله عن 58 عاما، عاشها في ذلك الوادي الضاج بالحياة والفرح والغناء الأصيل.
الشاعر أحمد شحادة الذي وافته المنية صباح اليوم في مشفى الباسل “القرداحة” كان من أبناء تلك المنطقة الاوفياء لطبيعتها وتراثها وإرثها بكل ما فيه، وفيها وبين رباها كتب أجمل ما قيل في الغناء الشعبي ومنه: (الحاصودي ..عذاب الهوى.. راجع عالديرة.. ياحادي العيس.. تمشي الهوينا.. البنفسج.. دقوا المهباج.. اليعشق ما يخون .. خمس صبايا.. وا عيني.. عرج يا راعي.. أمّنتلك ليش تخون.. اللالا شمالا..) عدا عن عشرات موواويل العتابا البديعة، التي صدحت بها أجمل أصوات الغناء الشعبي في الساحل السوري، ومنهم الفنان الراحل بسام البيطار، الفنان عادل خضور، الفنان علي الديك، الفنان وفيق حبيب، الفنان جلال حمادة، الفنان خضر حمشو، ومن تلك المواويل: “ضارب بالرمل مليون مندل/ عذولي ع الولف يا ناس مندل، دعوني أشرب الخمرات من دال، ال كانو تحتها يمروا الحباب” وأيضا: “سالتا وين غاب الولف وادار/ أجابت بيه لف الزمن ودار/ بدت تسقط تلوج شباط و أدار/ وأنا ناطر حبيبي عالبواب”
بدأ الشاعر “أبو إبراهيم” قول الشعر الغنائي ارتجالا، منذ أكثر من 30 عاما، ولفتت قصائده البديعة الانتباه إلى تلك الموهبة الربانية العذبة، التي سكنت روحه ووجدانه أولا، ثم صارت جداولا من العذوبة، تنداح من وادي بكراما طلوعا إلى باقي مناطق ومدن الساحل السوري والبلاد عموما.
تعامل في بداياته مع الفنانين الشباب الذين اشتهروا بعد أن غنوا له، ومنهم علي الديك/ وفيق حبيب وغيرهم/ ويحسب له أنه استطاع نقل مزاج المنطقة الغنائي بل والفكري أيضا بما كتبه من قصائد، طارت من بين أوراقه وحملتها أجمل الأصوات إلى العديد من بلدان العالم العربي، فاغينة “سمرا وأنا الحاصودي” مثلا، صارت من أشهر الأغاني في العالم العربي، حتى أن العديد من المطربين العرب، حاولوا نسبها إليهم، بعد ان حققت شهرة كبيرة وغير مسبوقة، إلا بأغنية “لا زرعلك بستان ورود” للراحل الكبير فؤاد غازي.
لقبه جمهور أغانيه ومواويله ب: “شاعر الليل والجبل” وكان له العديد من المواقف النارية، ضد الأغاني الهابطة التي أساءت لهذا اللون البديع من ألوان الغناء السوري، وحاولت تشويهه مثل “لفلي حشيش” و “نطو جنو” على سبيل المثال لا الحصر.
تمّام بركات