التحول الرقمي والمكننة.. مشاريع ريادية واعدة في “فرصة 2024”
البعث ميديا – رغد خضور
عام بعد عام نشهد تطوراً بمجال المشاريع الريادية التي يحتضنها ملتقى الاستثمار الريادي “فرصة”، تلك المشاريع التي تتأسس بناء على متطلبات المجتمع والعصر الحالي، لتكون مشاريع تنموية تطبيقية تُربط مستقبلاً بسوق العمل.
ومع التركيز على المشاريع متناهية الصغر وتأسيسها ودعمها لتصبح مشاريع صغيرة ومتوسطة، جسدت النسخة الثالثة من “فرصة” الرؤى التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد، في خطابه أمام أعضاء مجلس الشعب، عندما أكد على أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي جزء أساسي من الاقتصاد أكثر من كونها مجرد مشاريع، بحسب ما أفاد به القائمون على الملتقى والسادة الوزراء الذين التقينا معهم، على هامش الفعالية.
وما يلفت النظر في “فرصة 2024” هو أن أغلب المشاريع انطلقت من ملاحظة بسيطة لأصحابها لمشاكل تواجههم، ليجدوا لها حلاً ويعكسوها بمشروع تنموي بحثي تطبيقي، ومن هذه النقطة وانطلاقاً من استراتيجيات التحول الرقمي في سورية بدأ مشروع “بولمان” لأتمتة حجوزات النقل بين المحافظات.
وبحسب مهندس المعلوماتية، مصعب السيوفي، خريج جامعة دمشق، أحد القائمين على المشروع، بدأت الفكرة من المعاناة التي تواجه الطلاب بموضوع النقل بين المحافظات، إذ من الصعب العثور على حجز للسفر فضلاً عن اضطرارهم للذهاب إلى مركز البولمان للحجز وفي أغلب الأحيان لا يتوفر ذلك أيضاً.
الأصدقاء أصحاب المشروع رأوا أنه من المهم أن يدخلوا ميدا النقل إلى حيز الأتمتة والتحول الرقمي لتسهيل الأمر على المسافرين، سواء من الطلاب وغيرهم، لذا تعرفوا على آلية عمل شركات النقل وحاولوا إنشاء تطبيق يسهل عمليات الحجز، إلا أنهم حتى اللحظة لم يشبكوا مع أي شركة نظراً للنظام الداخلي الخاص بكل منها والتي في معظمها لا يوجد لديها تطبيق موبايل للحجز من خلاله.
هذا الأمر لم يشكل عائقاً يمنع هؤلاء الشباب من إكمال مشروعهم، إذ لديهم مقترحات سيتم طرحها على شركات النقل ليتوافق تطبيقهم مع أنظمة تلك الشركات، ويقدموا حلولاً بديلة للمساعدة الشركات على أتتمة عملها، أو التركيب على النظام الداخلي المعمول به لديه، لأنه لا بد من الربط عليه ليكون الحجز موحداً، بحيث يتمكن المستخدم كم معرفة ما إذا كان المقعد الذي يريده متاحاً أن لا.
التفكير بحلول عملية للتخفيف من الإجراءات المتبعة لم يقتصر على الأتمتة والتحول الرقمي، ففي مجال التنمية الريفية والمكننة الزراعية، كان مشروع “آلة جني محاصيل الأشجار المثمرة” لصاحبه طالب الدكتوراه من جامعة حلب، المهندس محمد القصير.
وبحسب القصير فإن فكرة الآلة تقوم على تطبيق اهتزاز على الأغصان المباشرة الحاملة للثمار الناضجة، لتقوم بتحويل الحركة الدورانية للعمود الخلفي للجرار إلى حركة ترددية تطبق على الغصن، وبالتالي تنفصل الثمار نتيجة الإجهادات المطبقة، دون إحداث أي ضرر بالأغصان أو الثمار.
وتساعد الآلة على تقليل وقت القطاف، إذ يمكن أن ينتهي قطاف الشجرة الواحدة بحوالي 20-30 ثانية، أما في حالة العامل والتقنيات اليدوية يحتاج الأمر لساعتين على الأقل، مع إلحاق الضرر بالأشجار، وهذا الأمر يخفض من تكاليف إنتاج المحاصيل، وبالتالي تحفيف سعر المادة الأولية، كزيت الزيتون.
والآلة ليست فقط لنوع واحد (الزيتون) بل هي لمختلف أنواع الأشجار المثمرة، كالبرتقال، والتفاح، والجوز وغيرها، وكل نوع يتم التعامل معه وفق تردد مناسب للحصول على قطاف أمثل وفقاً لدراسات عديدة تم إجراؤها.
ومن المشاريع الريادة المتميز هذا العام، والذي نال أيضاً المرتبة الأولى عن فئة مشاريع أخرى، كان مشروع “شبكية العين الإلكترونية” لطالبات قسم الهندسة الطبية بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق.
المشروع بحسب ما حدثتنا سدرة تقوى، هو عبارة عن كاميرا موضوعة على نظارة موصولة بمعالج، ترسل إشارات تتم معالجتها عبر مستقبل موجود على جدار العين موصول بدوره بشريحة نانوية مركبة على الشبكية، وهذا الشريحة تؤثر على العصب البصري وتحفزه، وبالتالي تعطي تقريباً رية واضحة للشخص.
الأمر بدأ مع هؤلاء الطالبات بالبحث عن فكرة جديدة يمكن أن يساعدوا من خلالها الأشخاص المكفوفين لاستعادة إحساسهم بالبصر، وعند إجراء دراسة أولية وجدوا أنهم قادرون على تنفيذ المشروع بأدوات بسيطة، نظراً للظروف التي تعانيها البلاد من حصار وتداعيات الحرب، ليجدوا الدعم في “فرصة” ليبدؤوا القسم الأول من مشروعهم، لتنتهي الخطوة اللاحقة خلال سنتهم الدراسية الخامسة.
الشباب قدموا مشاريعهم، وعرضوا أفكارهم بـ”فرصة” وتشاوروا مع الجهات المعنية والوزارات المختصة لعرض التحديات التي تواجههم، لينتقلوا بمشاريعهم لتصبح مشاريع صغير ومن ثمة متوسطة وكبيرة، ويدخلوا إلى سوق العمل بفرصة من صنع أيديهم.