مساحة حرة

من الحرب إلى البناء: كيف ستكون الانطلاقة الجديدة في سورية؟

البعث ميديا – سنان حسن:

مع تكليف الرئيس بشار الأسد للمهندس محمد غازي الجلالي بتشكيل حكومة جديدة، يكتمل مثلث التغيير في سورية (قيادة الحزب – مجلس الشعب – الحكومة)، فنحن نشهد مشهدًا غير مسبوق في تاريخ سورية الحديث، محملاً بشعار التغيير وتحقيق الهدف بإعادة بناء سورية المتجددة بعد سنوات من الحرب الإرهابية. ولكن، كيف ستكون هذه الانطلاقة؟ وهل يكفي التغيير في الأشخاص لنقول بأننا على سكة التحول نحو الأفضل؟ وما هي طبيعة العلاقة والآليات التي ستربط بين هذه المكونات الثلاثة؟ والأهم: ماذا عن الشارع؟ هل يكفي التغيير لمجرد التغيير، أم أن المواطنين يريدون أفعالاً لا أقوالاً في ظل الأزمة المعيشية التي يعيشونها؟

في خطابات الرئيس بشار الأسد، بدءًا من انعقاد اجتماعات اللجنة المركزية الموسعة وانتخاب قيادة جديدة للحزب، وصولاً إلى خطابه في مجلس الشعب، ركز على ثلاثية جوهرية لنجاح منظومة العمل في الدولة. هذه الثلاثية تتلخص في:

سياسات يتبناها الحزب.

حكومة تنفذ السياسات.

مجلس شعب يحاسب الحكومة على تنفيذ السياسات العامة وجدواها في خدمة المجتمع.

بالتالي، فإن الحكومة الجديدة مطالبة بترجمة السياسات والخطط الرئيسية التي أقرتها القيادة المركزية للحزب إلى برامج تنفيذية واضحة المعالم، مع تحديد جداول زمنية لتطبيقها. هذه الخطة ستكون مرجعاً أساسياً لمجلس الشعب في مراقبة عمل الحكومة وتقييم أداء الوزارات.

لكن السؤال الأساسي هنا: كيف ستكون العلاقة بين هذه الأضلاع الثلاثة (الحزب – الحكومة – مجلس الشعب)؟ هل ستكون علاقة توافقية وتشاركية وتكاملية، حيث يتحمل كل طرف مسؤولياته وواجباته؟ أم ستسير كل جهة بشكل فردي على حساب الأخرى؟

الشارع السوري يراقب هذه التطورات بحذر. فهو لا يبحث عن أحلام وردية أو وعود خيالية، بل يريد حلولاً واقعية تكون السبيل لتحسين ظروفه المعيشية الصعبة، فالتغيير في الأشخاص هو خطوة مهمة وجوهرية، ولكن يجب أن يقترن بوجود الخبرات القادرة على إحداث الفارق وابتكار الحلول، وعليه فالمسؤوليات على عاتق هذه السلطات كبيرة جداً، ولكنها ليست مستحيلة. حيث لم تعد هناك أعذار، فالمعطيات كلها واضحة، والتحديات القديمة مستمرة: الحصار الاقتصادي لم ينتهِ، والتضييق على سورية، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، ما زال قائماً. لذلك، يجب العمل ضمن الإمكانات المتاحة والاعتماد على القدرات الذاتية، قبل التفكير في أي تغيرات خارجية قد لا تكون قريبة.

إن إضاعة هذه الفرصة، التي جاءت بعد سنوات من الحرب وتغيير كبير في قيادات مؤسسات الدولة، ستكون بمثابة انتحار سياسي واقتصادي للدولة والشعب. الفشل في هذا التحدي سيكون انتكاسة كبيرة لمؤسسات الدولة، وتعطيلًا ممنهجاً لكل الخطط والتوجيهات التي أطلقها الرئيس في خطاباته.

السؤال يبقى: هل ستنجح أضلاع المثلث (الحزب – الحكومة – مجلس الشعب) في تغيير الواقع وبناء سورية المتجددة؟ أم أننا على مشارف إعادة تكرار الأخطاء الماضية؟.