بالفوانيس المضاءة وكعك القمر.. الصين تحتفل بعيد الخريف
بكين – ريم ربيع
“مهرجان البدر” أو “لم الشمل” أو “المصابيح” أو “مهرجان كعك القمر” هي كلها أسماء يطلقها الصينيون على عيد منتصف الخريف، الذي يحتفلون به اليوم في جميع المدن كأحد أهم الأعياد الشعبية في الصين، إذ تعج الحدائق والمنتزهات والطرقات المضاءة بالفوانيس بالاحتفالات والفعاليات الترفيهية والثقافية المرتبطة بهذا العيد وتاريخه، ويرتدي الجميع الأزياء التقليدية، ويصنعون حلوى “كعك القمر”، ويحملون الفوانيس الملونة صغاراً وكباراً، فيما يعد الاجتماع مع العائلة هو أبرز ما يقوم عليه هذا العيد السنوي.
حين تسأل أبناء الصين عن احتفالاتهم في عيد الخريف، فأول ما يجيبون به هو “الاستمتاع بضوء القمر مع العائلة” إذ يصادف العيد ليلة اكتمال القمر في منتصف الخريف، ويعود تاريخه لأكثر من 3000 عام، حيث اعتاد الأباطرة الصينيون في العصور القديمة الاحتفال بالشمس في الربيع وبالقمر في الخريف، ويعد اكتمال القمر رمزاً للم الشمل لذلك تجتمع العائلات في هذا اليوم، يتم خلاله إضاءة المصابيح على الأبراج وحرق البخور وغرس الأشجار، وأداء رقصة تنين النار.
ترجع أصول يوم كعك القمر إلى أوائل عهد أسرة تانغ، لكنه أصبح شائعًا خلال عهد أسرة سونغ، وبحلول عهد أسرتي مينغ وتشينغ، أصبح هذا المهرجان بالفعل أحد المهرجانات الكبرى في الصين، إلى جانب عيد الربيع، ونظرًا لتأثير الثقافة الصينية، يتم أيضًا الاحتفال بعيد منتصف الخريف باعتباره عطلة تقليدية في بعض دول شرق وجنوب شرق آسيا، وترتبط أصول المهرجان بعدة أساطير، فوفقًا لبعضها، استهلكت تشانغ، إلهة القمر، إكسير الخلود، مما جعلها تطفو على سطح القمر، وتعاطف الناس معها، ويقال إن تقليد الإعجاب بالقمر خلال مهرجان منتصف الخريف بدأ كوسيلة لانتظار عودتها.
كما يرتبط مهرجان منتصف الخريف أيضًا ارتباطًا وثيقًا بالزراعة، فبحلول منتصف الشهر القمري الثامن، تكون المحاصيل جاهزة للحصاد، ويعتبرونه الناس وقتاً لتقديم الشكر والتعبير عن الفرح.
وبما أن أحد أسماء العيد هو “كعك القمر” يصنع الصينيون هذه الحلوى المكونة من قشرة رقيقة من المعجنات تزين بالزخرفات والنقوش، فيها حشوات حلوة المذاق مثل بذر اللوتس أو الفاصولياء الحلوة، ويتعطر الناس بزهرة الأوسمانثوس التي تزهر بالخريف.
أما اللباس فيعتمد كثيرون زي الشيونغسام للرجال والهانفو للنساء، وهو زي تقليدي لقبائل الهان، ويقال أنه كان من اختراع الامبراطور الأصفر، ويعود تاريخه لمنتصف القرن 17، فيما سجل أكثر من 30 نوع منه كفن تراثي محمي، وهو عبارة عن فستان مصنوع من الحرير والقطن والكتان مزخرف بنقوش وألوان زاهية للزهور والطيور التي ترمز لطول العمر والنبل.
في هذا اليوم، تنشط حركة السفر بشكل كبير جداً بين المدن الصينية، وكذلك تنشط السياحة وعدد القادمين للصين، فهو مناسبة مميزة وتجربة يتطلع كثيرون لعيشها عن قرب، ضمن أجواء يغلب عليها الطابع العائلي والطقوس التقليدية.