جسد المرأة يتفوق مناعيا على جسد الرجل ؟
يعتبر نظام المناعة عند الإنسان معقدا للغاية، إذ ينتج الجسم حوالي 100 مليار خلية مناعية كل يوم، لتقوم بحمايتنا من البكتيريا والفيروسات والفطريات والسموم ومسببات الأمراض الأخرى. لكن لماذا تتمتع النساء بقدرات مناعية أفضل من الرجل؟
العلم يرجع أصل المسألة للجينات، وبالتحديد إلى مجموعة الكروموسومات، فغالبية الجينات التي تؤثر على الجهاز المناعي ترتبط حصرا بالكروموسوم X. لذلك يتمتع الإنسان ذو الكروموسومات X بمرونة أعلى في آليات المناعة مقارنة بالإنسان ذو الكروموسومات X وY.
يقول بودو غريمباشر، باحث بمركز نقص المناعة المزمن في مستشفى فرايبورغ الجامعي في حديثه لموقع تاغسشاو الألماني: “النساء أكثر مقاومة للعدوى”. لكن رغم ذلك، فإن الجرعة المضاعفة من الجينات المناعية لها سلبيات أيضا “فهي تجعل النساء أكثر تعرضا للإصابة بالعدوى”، حسب المتحدث.
قوة مناعية مقابل معاناة أكبر لدى النساء
لهذا السبب، تعاني النساء في كثير من الأحيان من أمراض المناعة الذاتية مثل مرض هاشيموتو أو الذئبة أو التصلب المتعدد. ويكون سبب هذه الأمراض هو الضغط على الجهاز المناعي. ويؤدي هذا إلى تحول الجهاز المناعي ضد جسمه ومهاجمة الخلايا والأعصاب والأنسجة وفي النهاية الأعضاء.
يقول بودو غريمباشر، الذي يعالج الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية في فرايبورغ، في تقرير حول الموضوع نشرته صحيفة تاغس شاو الألمانية: “إن مرض الذئبة الجهازية أكثر شيوعًا لدى النساء بتسع مرات منه لدى الرجال”.
يثبط هرمون التستوستيرون جهاز المناعة. ولكن ليست الجينات فقط هي التي تحدد كيفية عمل دفاعات الجسم، بل تؤثر الهرمونات الجنسية أيضا على جهاز المناعة لدينا. يمكن للهرمونات الجنسية الأنثوية – الإستروجين والبروجستيرون – أن تعزز تكوين الأجسام المضادة المحددة لجهاز المناعة المكتسبة. بينما يميل هرمون التستوستيرون الذكري إلى تثبيط عمل الجهاز المناعي ويمكنه حتى تثبيط التفاعلات المناعية جزئيًا.
هناك عامل آخر لم يتم التعمق في البحث فيه، وهو التغير الهرموني أثناء الدورة الشهرية وتأثيراته على رد الفعل المناعي في هذه المرحلة. لكن بعد انقطاع الطمث عادة ما يحدث تراجع في وظيفة الجهاز المناعي لدى النساء بسبب التغيرات الهرمونية، كما أن فعالية الجهاز المناعي تضعف لدى كل الأشخاص مع تقدمهم في العمر.
ما تأثير اختلاف الجنس على علاج الأمراض وجرعات اللقاحات؟
تحدد الخصائص الفردية لكل شخص إضافة للكروموسوم، مدى قابلية الإصابة بالعدوى. لكن الطرق المختلفة التي يتفاعل بها الجهاز المناعي لدى الرجال والنساء لم تؤخذ في الاعتبار حتى الآن في الممارسة السريرية على الأقل، حسب ماركوس كورنبرغ، مدير مركز طب العدوى الفردي في هانوفر.
ويضيف كورنبرغ الذي يتخصص في البحث في التهاب الكبد منذ سنوات أن “الرجال عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدد من حالات العدوى المزمنة مثل التهاب الكبد B، بينما تتفاعل أجسام النساء في كثير من الأحيان بإظهار آثار جانبية للعدوى أو اللقاحات”، إذ يؤكد الباحث أنه “الالتهابات الفيروسية المزمنة تُكتشف في كثير من الأحيان لدى الرجال أكثر من النساء”. وأثبتت الدراسات أن النساء عانين من الآثار الجانبية للقاح كوفيد-19أكثر من الضعف مما عاناه الرجال.
لكن في الوقت نفسه، تبين أن النساء يتمتعن بوقاية أفضل بعد التطعيم. وهنا يشرح كورنبرغ “يمكننا إعطاء جرعات أعلى من اللقاح للرجال لزيادة مقاومتهم”. لكن عندما يتعلق الأمر بالأدوية المستخدمة لعلاج الالتهابات، فغالبا ما تعتمد الجرعة على العمر، ولكنها لا تعتمد أبدا على الجنس، على الرغم من وجود اختلافات واضحة في مدى التأثير.