الشريط الاخباريسلايدمجتمع

“التنمية الريفية” و”الزراعات الذكية مناخياً” لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في سورية

 

البعث ميديا – رغد خضور

 

يعد الأمن الغذائي من المواضيع الهامة ذات الأولوية بالنسبة لكل الحكومات، خاصة وأن مؤتمرات الأمم المتحدة لعامي 1996 و2000 نصت على أهمية الوصول إلى الأمن الغذائي على مستوى العالم وشددت على موضوع التنمية المستدامة.

وعلى اعتبار أن الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة هو القضاء على لجوع وتوفير الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة، نظم مركز ضمان الجودة في جامعة دمشق ‏بالتعاون مع كلية الهندسة الزراعية وشركة “EMBS” للهندسة الإدارية مؤتمراً ‏علمياً حول “الأمن الغذائي والتنمية المستدامة”.

الغاية من المؤتمر، وفقاً للدكتورة أميرة نور، مديرة مكتب ضمان الجودة بجامعة دمشق، بحسب ما صرحت لـ”البعث ميديا، هو التشبيك مع المجتمع وتعزيز أهداف التنمية المستدامة في الجامعة، حيث كان التفكير بالملتقى لجمع الشركاء المختلفين لتبادل المعرفة عبر مجموعة من المداخلات والنقاشات والندوات الحوارية التي تطرح موضوع الأمن الغذائي وأين وصلنا اليوم في تحقيق التنمية المستدامة وماهي توجهاتنا المستقبلية.

والمميز في هذا المؤتمر هو مشاركة الطلاب، سواء من باحثي الدراسات العليا أو من المرحلة الجامعية الأولى بمجموعة من الأبحاث، مشيرةً إلى أن الفكرة من دعوة شركات المجتمع المحلي من شركات غذائية وغيرها هو للإطلاع على هذه الأبحاث إمكانية تبنيها ودعمها وتحويلها إلى منتج ومشروع يخدم المجتمع في المستقبل.

وكما يبني المهندس البلد فإن المهندس الزراعي يُطعم الناس، هكذا أجابت الدكتورة عفراء سلوم، عميد كلية الزراعة بجامعة دمشق، عن استفساراتنا، حيث ذكرت أن الدراسات التي يشارك فيها باحثي وطلاب الكلية، تركز على التنمية المستدامة للحفاظ على الموارد وعم هدرها وزيادة الإنتاجية، من خلال مدخلات طبيعية غير مضرة بالبيئة والمياه الجوفية والإنسان.

هذا بالإضافة إلى الأبحاث المرتبطة بسبل العيش والعمل لخلق فرص تحسن الواقع الاقتصادي والاجتماعي للأسر الريفية، خاصة وأن التنمية الريفية من القضايا الهامة لما تتمتع به من فرص لجهة التنوع الريفي ووجود بنية تحتية وتوفر بيئة تنظيمية محلية وحكومية وأهلية تمكن التنمية، بحسب سلوم.

واستعرضت عميدة كلية الزراعة، خلال المؤتمر، واقع الأمن الغذائي في سورية، حيث بينت أن نسبة الأسر غير الآمنة غذائياً ارتفعت خلال سنوات الحرب إلى حوالي 56%، وانخفضت هذه النسبة قليلاً إلى حدود 48% عام 2022، كما انخفضت قيمة الإنتاج الزراعي نتيجة خروج مساحات واسعة مخصصة للزراعة من 5.53% عام 2010 إلى 4.68% عام 2021.

ولفتت سلوم إلى أن الحكومة السورية أدركت أن الانتقال لما بعد الحرب يتطلب اعتماد رؤية بعيدة المدى تضمن التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، حيث تبنت إطلاق وإعداد البرنامج الوطني التنموي لسورية مابعد الحرب، الذي ركز على التنمية الريفية المستدامة.

المؤتمر هو ملتقى علمي يشارك فيه باحثين ومحاضرين من كلية الهندسة الزراعية إلى جانب مشاركات خارجية من دولة الكويت ومنظمة جونيفيا الأردنية البريطانية، ما يُغني الندوات بأحدث الأبحاث لدى الدولة المختلفة للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، وفقاً لما أفاد به سلوم، سواء من الناحية الزراعية من قمح وزيتون وأشجار مثمرة أو فيما يتعلق بالشق الحيواني.

وفي هذا السياق، كانت مداخلة ممثل المعهد العربي لعلوم السلامة من دولة الكويت، عبد الله الغريب، ‏عبر الإنترنت، الذي نوه إلى دور الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لما يتمتعون به من قدرة على التفكير الإبداعي وتقديم حلول وصياغة استراتيجيات فعّالة للتحديات الاجتماعية والبيئية التي تواجه مجتمعاتهم، فضلاً عن أن مشاركتهم في القضايا الحيوية يحفز المزيد من الأفراد للانخراط فيها وبالتالي زيادة الوعي العام، إلى جانب استخدامهم للتكنولوجيا للتواصل ونشر المعلومات بشكل أسرع وأكثر تأثيراً، بما يعزز المبادرات التي تدعم تحقيق ‏التنمية المستدامة.‏

وعلى المستوى الإقليمي والوطن العربي، بين الدكتور موسى عبود لـ”البعث ميديا”، اختصاصي في الاقتصاد الغذائي، أن الأمن الغذائي موجود في معظم الدول العربية ولكنه ليس أمن ذاتي، لافتاً إلى أننا في سورية كان عندنا أمن غذائي حقيقي من إنتاجنا الزراعي، إلا أنه الاعتماد في معظم الدول العربية على المواد المستوردة.

وأشار عبود إلى أن الفجوة الغذائية على مستوى الوطن العربي كبيرة، حيث كانت في مطلع الألفية الثالثة بحدود 16 مليار دولار، وحالياً فاقت الـ25 مليار دولار، وبالتالي هناك عجز في الميزان الغذائي العربي، وهذا يعني أن المنتجات من مواد غذائية لا يوازي الطلب عليها.

وفي سورية، كان القطاع الزراعي من أكبر المتأثرين بالحرب، وفي هذا الجانب، أوضح الدكتور حسين المحاسني، الأستاذ في قسم المحاصيل الحقلية بكلية الزراعة، لـ”البعث ميديا”، أننا كنا نملك بنية تحتية زراعية كبيرة تشابه الموجودة في الكل المتقدمة قبل الـ2011، إلا أنها تعرضت للتدمير الممنهج على يد الجماعات الإرهابية.

وبالإضافة إلى ذلك، لفت المحاسني إلى أن هناك عوامل أخرى أثرت على إنتاج المحاصيل والأمن الغذائي تمثلت في التغيرات المناخية كالجفاف والحرائق واحتباس الأمطار، مبيناً أن وزارة الزراعة والمؤسسات الأكاديمية والحكومية بذلت جهوداً كبيرة للتخفيف والتقليل من حدّة التغيرات المناخية.

وعن المشاريع الزراعية، ذكر الأستاذ في قسم المحاصيل الحقلية أنها تركز على ما يطلق عليه “الزراعة الذكية مناخياً” وهي عبارة عن مجموعة تطبيقات وتقنيات الهدف منها الحفاظ على الموارد الطبيعية وإنتاجيتها ضمن البيئة الزراعية، ومن المهم اليوم تثقيف الفلاحين فهذه التقنيات ودعمهم كونهم البوصلة الأساسية التي تغني سلة سورية الغذائية.

التنمية الزراعية المستدامة من الموضوعات المطروحة اليوم على كافة المجالات والقطاعات، بحسب المحاسني، لما تعنيه من استثمار للموارد الطبيعية – التربة والمياه والغطاء النباتي – بشكل عقلاني، بما يؤمن حاجة الأجيال الحالية ويضمن استدامتها هذه الموارد للأجيال اللاحقة.