الزراعات العضوية لإنتاجية أعلى.. أبحاث ودراسات في كلية الزراعة للتقليل من الأسمدة الكيميائية
البعث ميديا – رغد خضور
مع التوجه العالمي نحو الأمن الغذائي وتحقيق السلامة الغذائية، تبرز الزراعة العضوية الحيوية لأهميتها في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، والتي تعني خلق نظام بيئي إنتاجي أمن.
هذا النوع من الزراعات صديقة للبيئة وتحسن من خصائص التربية، بحسب ما ذكرت الدكتورة رولا بايرلي، رئيس قسم علوم البستنة بكلية الزراعة جامعة دمشق، أستاذة فيزيولوجيا النباتات، لـ”البعث ميديا”، حيث لفتت إلى أن العالم بأسره يتجه للحصول على منتجات عضوية آمنة، ونحن في سورية نسير أيضاً بهذا الاتجاه.
وبهذا الصدد أوضحت بايرلي واقع الزراعات العضوية عالمياً ومحلياً، حيث أشارت إلى أنه بدأ في العديد من الدول حول العالم الحصول على منتجات عضوية تباع ضمن المحلات التجارية، أما عربياً فقد بدأت أغلب الدول منذ الثمانينيات بالسير نحو الزراعة العضوية، كمصر وتونس والمغرب ولبنان، وكذلك سورية، منوهةً إلى أننا نعمل على العديد من الأبحاث حول هذا الموضوع.
ولكن حتى نتمكن من إحلال هذه الزراعات كبديل عن الزراعة التقليدية لابد أن نقول لماذا، وفقاً لأستاذة فيزيولوجيا النباتات، فالزراعات التقليدية تعتمد على الأسمدة الكيميائية، والتي على الرغم من كونها تعطي إنتاجية عالية وتتحكم في كل العمليات الفسيولوجية التي تحدث للنبات، إلا أنها تتسبب بمشاكل منها تلوث التربة وإجهادها وتلوث المياه والهواء، مشيرةً إلى أنه عندما تزداد كمية المواد المعدنية في التربة عن حد معين يمكن أن يؤدي ذلك إلى خطر السميّة.
ومع هذه المساوئ للسماد الكيميائي فإن التوجه للسماد العضوي والمخصبات الحيوية أصبح ضرورة، خاصة وأنها تعمل على تحسين خصوبة التربة وخصائصها الفيزيائية والكيميائية، فضلاً عن أنها تساعد بدرجة كبيرة بالحصول على منتج صديق للبيئة، وبالتالي الحفاظ على صحة المستهلك، كما ذكرت بايرلي.
وهذا التحول من تقليدي إلى عضوي يحتاج إلى رؤية تتبناها الجهات المعنية من مركز بحوث علمية زراعية وجامعات، ونشر التوعية للمزارع الذي سيُنفذ هذه الآليات، وفقاً لبايرلي، إلى جانب ضرورة التأكد من سلامة التربة وصلاحيتها لهذا التحول، ويمكن هنا البدء بمساحات صغيرة ومن ثمة التوسع بها والوصول إلى مرحلة الإنتاج والتصدير.
وأوضحت بايرلي أنه في سورية لا يوجد منتجات عضوية، لكن يجب أن نسعى للانتقال إليه، لافتةً إلى أن ما تمكنا من تحقيقه من خلال أبحاث الطلاب والعمل على نباتات عديدة، كالبندورة والفريز والبطاطا والزيتون والحمضيات، وصلنا إلى ما يمكن أن نسميه بالزراعة التكميلية، فمثلاً إذا كان لدينا توصية سمادية لنبات معين من الممكن أن نصل إلى نصف أو ربع أو حتى أقل من هذه التوصية الكيميائية وتدعيمها بالسماد العضوي، بمعنى إحلال الزراعة العضوية تدريجياً.
أبحاث عديدة كانت متواجدة في مؤتمر الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، الذي استضافته جامعة دمشق قبل أيام، وكان لافتاً التركيز على استبدال الأسمدة الكيميائية بأخرى عضوية، ومن تلك الأبحاث، ما قدمته المهندسة ميس نعوف، طالبة الدكتوراه بكلية الزراعة، والتي ركزت على المخصب الحيوي “تريكوديرما”، المنتج الوطني الذي يتم تشكيله في دائرة المكافحة الحيوية بحماة.
وفي حديثها معنا بينت أن الـ”تريكوديرما” أعطى نتائج تساوي بل وتتفوق على المخصبات التجارية، مبينة أن هذا الفطر موجود بجميع البيئات السورية، وعليه فإنه قادر على التأقلم والانتشار بكفاءة عالية عند إضافته للتربة، ما يضمن إنتاج أغذية عضوية ترفع السلامة الغذائية.
تأثير المخضبات الحيوية مقارنة بالسماد المعدني، كان ضمن بحث لطالب الدكتوراه وسام المطرود، الذي شرح الهدف من بحثه، خلال حديثه مع الـ”البعث ميديا”، موضحاً أنه يسعى للتقليل من نسبة السماد المعدني إلى النصف، وذلك يساعد الفلاح على تخفيض أجور الزراعة والحصول على إنتاجية أعلى بأقل التكاليف، ويمكن خلال سنوات قليلة الاستغناء تماماً عن السماد المعدني واستبداله بمخصبات صديقة للبيئة.
تقليل استخدام السماد الكيميائي كان الهدف من أغلب الأبحاث المشاركة، ومنها بحث الطلاب يوسف الحوري ومعاذ عثمان ويحيى نزها، الذين جربوا أربعة أسمدة عضوية طبيعية سهلة الاستخلاص والتحضير، وتعطي الكمية ذاتها التي تعطيها الأسمدة الكيميائية، إضافة لإنتاج غذاء آمن صحياً بطعم أفضل وجودة أعلى.
جهود كبيرة تبذلها المؤسسات الأكاديمية في مجال البحث العلمي، كلها تصب في خدمة المجتمع وتطويره، والزراعة من الجوانب الأساسية في سورية وتقديم بدائل للفلاحين بأسعار أقل يساعدهم على زيادة إنتاجيتهم وتحقيق ربحية أعلى، ما ينعكس إيجاباً على بقية القطاعات.