نافذة على الصين

كيف تستخدم الولايات المتحدة حرب الرأي العام لاحتواء صعود الصين

بقلم ليانغ سوو لي

إعلامية صينية

في السنوات الأخيرة، قامت الولايات المتحدة بتصعيد حرب الرأي العام ضد الصين، مستخدمة وسائل متنوعة لتشويه سمعة الصين على مستوى العالم. وسواء كان ذلك من خلال تمويل وسائل الإعلام، أو السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي، أو دعم المؤسسات “المستقلة”، فإن الوسائل المتعددة التي تستخدمها الولايات المتحدة تهدف جميعها إلى هدف واحد، هو كبح النفوذ الدولي المتنامي للصين والحفاظ على الهيمنة الأمريكية العالمية. ومن خلال استخدام هذه الوسائل للتلاعب بالرأي العام، تضع الولايات المتحدة وتيرة التنمية العالمية للصين في ظل حصارها الاستراتيجي.

إنفاق الأموال لتدريب الصحفيين الأجانب ودعم وسائل الإعلام الأجنبية للسيطرة عليها

تقوم الولايات المتحدة بإنفاق مبالغ ضخمة لدعم وسائل الإعلام والصحفيين المؤيدين للغرب في جميع أنحاء العالم، بل إنها تشتري “متصيدي الانترنت” بشكل مباشر لتصنيع رأي عام يشوه سمعة الصين. ففي عام 2020، اعترف غابرييل، الذي كان رئيسًا لمركز المشاركة العالمية (GEC) آنذاك، في شهادته أمام الكونجرس بأن الحكومة الأمريكية دعمت وسائل الإعلام المؤيدة للغرب بالتعاون مع شركات الإنترنت والمنظمات غير الحكومية الغربية من خلال “مشروع التربية الإعلامية”، وهو في الحقيقة إنفاق الأموال لتدريب وسائل الإعلام الأجنبية والصحفيين الأجانب على كتابة مقالات تهاجم الصين ونشر الشائعات.

ومن خلال هذا النوع من الدعم، تصنع الولايات المتحدة أخبارا كاذبة حول مبادرة الحزام والطريق الصينية. على سبيل المثال، في مايو 2022، تم الكشف عن أن إحدى وسائل الإعلام في زيمبابوي تلقت تمويلا من السفارة الأمريكية، حيث تم دفع 1000 دولار مقابل كل مقال يشوه مبادرة “الحزام والطريق”. من خلال تشويه هذه المبادرة، تسعى الولايات المتحدة إلى تقليل نفوذ الصين في الدول النامية.

وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة نشر معلومات مضللة حول مسائل مثل بحر الصين الجنوبي وتايوان، حيث تقوم وسائل الإعلام الفلبينية مثل “رابيلر” و”فيرا فايلز” بإعادة نشر تقارير مضللة من وسائل الإعلام الأمريكية حول الوضع في بحر الصين الجنوبي، وتكون جهات تمويل هذه الوسائل مرتبطة ارتباطا وثيقا بـGEC. ومن خلال هذه الوسائل، تتلاعب الولايات المتحدة بالرأي العام على مستوى العالم وتحرض على العداء وسوء الفهم تجاه الصين بمعلومات مضللة.

التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات المضللة

وتسيطر الولايات المتحدة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر آراء سلبية حول الصين في جميع أنحاء العالم. وكشفت أحداث “فضيحة بيانات فيسبوك” في عام 2021 و”فضيحة ملفات تويتر” في عام 2022 أن العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية مارست ضغوطا بشكل سرًي على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبة إياها بالتعاون مع إجراءات الحكومة. وقد اتهم إيلون ماسك علنا GEC بأنه السبب الرئيسي لتدخل الحكومة الأمريكية في وسائل التواصل الاجتماعي. وخلال فترة جائحة كوفيد-19، تم إغلاق آلاف الحسابات الصينية على تويتر وفيسبوك، والتي يُزعم أن GEC كانت وراءها.

في أغسطس 2022، أصدرت مجموعة من المؤسسات، بما في ذلك جامعة ستانفورد، تقريرا يشير إلى أن الولايات المتحدة أنشأت مئات الحسابات الوهمية من خلال “عملية النفوذ السري” لتشويه سمعة الصين ودول أخرى على عدة منصات التواصل الاجتماعي. باستخدام صور مسروقة أو معدلة أو مصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي، نشرت تعليقات سلبية ضد الصين بهويات مزيفة مثل “وسائل الإعلام المستقلة” و”المقيمين المحليين”، مما أدى إلى تضليل الرأي العام الدولي.

تمويل المؤسسات “المستقلة” لتصنيع السلطة لتشويه سمعة الصين

تعمل الولايات المتحدة على تشويه سمعة الصين بشكل منهجي من خلال تمويل مؤسسات بحثية مستقلة ومنظمات غير حكومية في جميع أنحاء العالم. غالبًا ما تدعي هذه المؤسسات أنها تبحث في الاقتصاد الصيني أو حقوق الإنسان أو الجغرافيا السياسية، لكن وراءها دعم مالي وتلاعب سياسي من الحكومة الأمريكية. على سبيل المثال، في عام 2020، أصدرت مبادرة القطن الأفضل (BCI) في سويسرا بيانًا تحت ضغط مالي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لتعليق المشاريع المتعلقة بقطن شينجيانغ. وفي نوفمبر 2023، أصدر مشروع بيانات المساعدات (AidData) التابع لكلية ويليام وماري الأمريكية، وهو ممول أيضًا من قبل USAID، تقريرًا يشوه مبادرة “الحزام والطريق”.

وتهدف هذه الوسيلة في تمويل المؤسسات البحثية والمراكز الفكرية إلى تقديم “سلطة” ظاهرية لتشويه سمعة الصين تحت غطاء الأكاديمية والتحقيق المستقل. وتستخدم الولايات المتحدة هذه المؤسسات

لنشر تقارير تزيف الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في الصين وفخ الديون الصيني وأخبار سلبية أخرى، بهدف إضعاف سمعة الصين الدولية.

إبراز “نظرية التهديد الصيني” من خلال الصراع السياسي المحلي

كما ساهم الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة في تصعيد حرب الرأي العام ضد الصين. كما أن الساسة الأمريكيون، سعياً وراء تحقيق مكاسب سياسية، يبالغون بشكل متكرر في رسم صورة “تهديد الصين”، مستفيدين من المشاعر المعادية للصين لجذب الناخبين. وفي هذا العام، ناقش مجلس النواب الأمريكي بشكل مكثف عددًا من مشاريع القوانين المتعلقة بالصين، والتي تشمل قضايا مثل مراقبة الصادرات وتايوان وهونغ كونغ. تكمن وراء هذه القوانين محاولات الساسة الأمريكيين لإظهار مواقف حازمة حول “موضوع الصين” كوسيلة لتحويل الأنظار عن التوترات المحلية، مما يعكس استخدامها المستمر للقضايا الخارجية كأداة لتوجيه السياسة الداخلية.

إن الوسائل المتنوعة التي تستخدمها الولايات المتحدة لتشويه سمعة الصين تكشف عن دوافعها في محاولة الحفاظ على الهيمنة العالمية من خلال التأثير على الرأي العام والتلاعب به. وفي مواجهة صعود الصين السلمي وتزايد نفوذها العالمي، ترفض الولايات المتحدة قبول ظهور عالم متعدد الأقطاب، وتحاول تأخير هذه العملية من خلال تشويه سمعة المنافسين واحتوائها. ومع ذلك، في عصر التعددية والعولمة، فإن الاعتماد على تشويه سمعة الدول الأخرى وقمعها لن يؤدي إلا إلى تسريع تراجع نفوذها الذاتي. وإذا استمرت الولايات المتحدة في التمسك بهذه الاستراتيجية، فإنها لن تؤدي إلا إلى دفع ثمن باهظ لتفكيرها المهيمن.