نافذة على الصين

مدينة المستقبل التي تحبس الأنفاس.. نظرة على شنغهاي تنوعاً وتطوراً

شنغهاي – ريم ربيع

ما بين كلاسيكيتها وتطورها، جمالها العمراني وطبيعتها الخلابة، ناطحات السحاب والموانئ الهامة، لا يمكنك في شنغهاي أن تتوقف للحظة لالتقاط أنفاسك، فكيما التفتّ، يبهرك أحد جوانبها، إما تطوراً أو تقنيةً أو جمالاً أو تنوعاً أو تنظيماً ونظافة، فالروح الاقتصادية والتجارية للصين زاخرة بكل ماتشتهيه العين، ويتطلبه الزائر أو المقيم في المدينة.

هي الأكبر من حيث عدد السكان، وتشكل الثقل الاقتصادي والصناعي والسياحي، ما جعل منها واجهة ونافذة لمراقبة تطور الصين، ويمكنك بسهولة ملاحظة مدى التنوع في المدينة التي تعج بالأجانب إما سياحةً أو عملاً أو تجارة، حيث تتفوق بتأمين كل احتياجات زوارها لتكون نموذجاً للانفتاح الصيني التجاري والاقتصادي.

قبل خمسة أعوام، أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ مفهوم “مدينة الشعب”، وشنغهاي هي نموذج لتنفيذ هذه الرؤية وتطبيقاتها المتمثلة ببناء مدينة من الشعب وإلى الشعب، فتم إصلاح جميع المرافق الأساسية، والأماكن الترفيهية، وإصلاح الحي القديم وتحديثه، وأعطت البلدية أفضل الموارد والخدمات، ونفذت سياسات لتحقيق سهولة الحياة ورفاهيتها في المدينة، وضمن معرض “تجربة شنغهاي الأفضل لبناء مدينة للشعب” تطلع على آليات تحقيق تلك الرؤية في مختلف الجوانب الخدمية والاقتصادية والترفيهية والسياحية والثقافية والطبيعية والتقنية، بهدف دفع التنمية عالية الجودة في المدينة.

وتسعى إدارة شنغهاي لتحقيق هذا الهدف بسرعة عالية جداً، حيث تم بذل جهود كبيرة لتطوير سوق البورصات، لما لها من تأثير على السوق الداخلية وحتى الأسواق العالمية، وكذلك العمل لبناء مركز تجاري عالمي، فيما شهد هذا العام إطلاق أول قطار شحن صيني لأوروبا، وهناك عمل لبناء مركز للملاحة الدولية يمكن أن يسهم بتطوير الشحن بشكل سريع، ويتحدث القائمون على إدارة المدينة عما بذل من جهود لبناء شنغهاي كمركز بناء دولي، وما حققه ذلك من نتائج مذهلة، فضلاً عن تخطيط المدينة لتحقيق حلم الشعب الصيني.

وكما الكثير من المدن الصينية، تضع شنغهاي الابتكار في المقدمة، وفاز فريق المدينة بالمركز الأول في سباق الابتكار الدولي، فيما أسست محطة تجمع كل أنواع الخدمات بمكان واحد، لتقديم خدمات الأجانب بشكل أفضل، وكذلك تتم إدارة المدينة وجمع الخدمات بمنصة الكترونية واحدة، وتم إيجاد دائرة خدمات لمساعدة الباحثين عن العمل، وشبكة لتسهيل الحياة اليومية لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، إضافة إلى الحفاظ على الحزام الأخضر للمدينة التي تضم 476 حديقة صغيرة، وتعتمد استخدام الباصات منخفضة الكربون، والتقنية والابتكار في الزراعة.

أما لجهة الإدارة والتجربة الديمقراطية في المدينة، فقد أتاحت شنغهاي لكل الأشخاص المشاركة بالإدارة بشكل منظم، وهي المدينة التي تطرح فيها الديمقراطية الشعبية لأول مرة، ويعد مؤتمر نواب الشعب الوطني واحد من الأساسيات بالنسبة للصين، وأيضاً طريقة مهمة للشعب لينفذ طموحه، وتم في 2015 إقامة نقطة تشريع وتواصل بين المركز والشعب في شنغهاي، حيث يتم استقطاب آراء كل فئات المجتمع بما فيهم الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وحتى الأجانب لتخطيط بناء المدينة وإدارتها، وبعض تلك الاقتراحات أدرجت فعلاً في القانون.

وتعتبر الحكومة الصينية أن توحيد الجبهة الشعبية مهم جداً، والتشاور الاجتماعي طريقة مهمة لإدارة المدينة، مثل التشاور بين الأحزاب والمنظمات، وتحقيق الحكم الذكي عبر مشاركة الجميع بحل مشاكلهم.

في زيارة شنغهاي تجربة لا تشبه سواها، وكلما تعمقت أكثر في التعرف على تفاصيلها، تجد أفكاراً ومعلوماتاً جديدة تقدم صورةً مختلفة عن الصين ورؤيتها لمستقبلها ومستقبل علاقاتها مع العالم.