مساحة حرة

خطة دي مستورا.. ماذا بعد التجميد؟

تعدد المبعوثون الدوليون وتنوعت الخطط التي جاؤوا بها أو رسموها “لإنقاذ” سورية من الحرب الظالمة التي تتعرض لها وفق الظاهر من المهمة، الحرب التي تُقاد بإدارة دولية مباشرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة إبتداءً بإسرائيل وصولاً إلى تركيا الإخوانية مروراً بمشيخات البترو دولار، وفي كل مرة كانت تحظى مهمة المبعوث الدولي بالفشل أو بالأصح يتم إفشالها لأسباب عديدة أهمها : أن ما يُقدمه المبعوث الدولي للحكومة السورية من رؤى وتصورات يختلف كلياً عما هو مخطط من قبل الدول الداعمة لمهمته لكي يُنفذ على أرض الواقع، وعند تكليف المبعوث الدولي الجديد “ستيفان دي ميستورا” وقيامه بجولات إلى كافة الدول الفاعلة في الحرب على سورية وخاصة الدول الداعمة للإرهاب، قام بتقديم خطة لتجميد القتال في حلب أولاً وإمكانية تعميمها على بقية المناطق لاحقاً، حيث لاقت خطته ترحيب الحكومة السورية وقيادتها السياسية وأعطت الضوء الأخضر للمبعوث الدولي للمضي قدماً في إشهار خطته والسعي لتنفيذها مع الأطراف الأخرى، وذلك ضمن الخطوط الحمر التي تضعها الحكومة السورية والمتعارف عليها والتي تتمسك بها في كافة الظروف وهي سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها واستقلال سورية في قرارها السياسي.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعد جولات “ديمستورا”على عواصم القرار الدولي هو: ما هي النوايا الحقيقية خلف هذه الخطة، وهل يعني المبعوث الدولي تحقيق اختراق في الأزمة السورية لصالح الحل السياسي؟ وما هي الآلية والنوايا التي يُبيتها المبعوث الدولي بعد أن رفضت الدول الأوربية الخطة المقترحة وفق النموذج الحمصي؟

ما تسرب من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي انعقد مؤخراً في بروكسل حيث التقاهم المبعوث الدولي “ديمستورا” هناك، لا يُبشر بنوايا حسنة بالمطلق، حيث أنهم يبحثون عن وسائل وطرق ديبلوماسية مخادعة لتحقيق ما فشلوا في الوصول إليه عبر العصابات الإرهابية المجرمة على الأرض، ويسعون لتعميم حالة التجميد في الريف الحلبي حتى الحدود الدولية مع تركيا وعدم السماح للقوات السورية وأجهزة الدولة الرسمية من العودة إلى هذه المناطق لتمارس دورها الطبيعي في إدارة البلاد، بل يضعون شروطاً بعزل تلك المناطق وإقامة إدارات ذاتية لها غير خاضعة للدولة السورية في محاولة خبيثة لتكريس التقسيم وتحقيق ما سمي بالمناطق العازلة التي تنادي بها تركيا، ويُحظر على القوات السورية الشرعية بما فيها سلاح الطيران دخولها وبالتالي فرض التقسيم تحت ذرائع إنسانية كاذبة، عندها لا تستطيع الحكومة السورية رفض هذا الواقع الذي سيتم دعمه بقرار دولي سريع للتغطية على تمرير الخطة وضرب وحدة واستقلال سورية، وهذا ما طرحته مراكز الأبحاث الأمريكية تحت اسم ” فدرلة “سورية كحل وخيار لإنهاء حالة الحرب.

طبعاً الحكومة السورية لديها رؤية واضحة وإحاطة تامة بالنوايا المبيتة أو التي يُمكن أن تستتر خلف تلك الخطط البراقة من قبل أعدائها ، ومن غير الممكن أن تمر مثل تلك الخطط أو المشاريع الغادرة مهما بلغت من الدهاء والمكر، وستنتهي عند أول خطوة للتنفيذ، وإلا لما قاومت الدولة السورية بمكوناتها الوطنية الرسمية والشعبية والعسكرية وصمدت لمدة تقترب من أربعة أعوام رغم شدة الحرب وفظاعتها، وإن القيادة السورية اليوم هي من القوة بما يجعلها تأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وهي على استعداد لمواجهة أية خطة أو مؤامرة معدة لضرب وحدة واستقلال سورية مهما كانت ومن أية جهة جاءت، وهي عندما تفتح صدرها للمشاريع والخطط السياسية والدبلوماسية الدولية أو غيرها، فهذا حرص منها على الاستفادة من أية بارقة أمل في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري ووقف نزيف الدم الذي تزهقه الأدوات المجرمة بشكل يومي للنيل من مكانة وحق السوريين، والشعب السوري يثق بقيادته وبجيشه الذي يُقدم التضحيات الكبيرة من أجل الحفاظ على وحدة واستقلال سورية وحماية قرارها السياسي المستقل، وإن إنجازاته على الأرض بشكل يومي هي الكفيلة بالقضاء على الإرهاب وكل مظاهر الإجرام في سورية حيث لا تراجع عن سحق كل بؤر الإرهاب والإجرام.

 

محمد عبد الكريم مصطفى