محليات

السوق السورية.. غلاء فاحش وغياب الرقابة على الأسعار

ورغم أن ازدحام الأسواق هو أجمل ما في العيد إلا أنه لم يبق للعيد فرحة، وللبهجة مكاناً، وللفرحة مطرحاً، بل غدا العيد كغيره من أيام السنة المريرة؛

مع غلاء المعيشة الذي يضرب أطنابه كل سلعة، ولم يسلم منه أي منتج؛ فأبو هيثم غيّر حساباته بمجرد دخوله لأول محل في السوق، وقام بحذف العديد من الحاجيات التي سجلها في قائمة استحقاقات العيد .

الشاب أنس، التقينا به في أحد محال الألبسة، أشار إلى أنه قدم إلى سوق النسوان نظراً لتنوع الخيارات أمامه، لكنه شكا من ارتفاع الأسعار الجنوني، وهنا أوضح زميله معد أن التجار ينتهزون الفرص ويفرضون السعر الذي يريدونه ويحقق غاياتهم، غير آبهين للوضع المعاشي الصعب للمواطن، مضيفاً: لا خيار أمامي إلا أن أشتري ولو قطعة جديدة أرتديها أمام رفاقي، في حين عزفت أم سامي عن شراء قطعة جديدة لها عندما صعقت بالأسعار وفضلت شراء حاجيات ابنتيها..

أسعار في مهب الريح

بما أن العيد للأطفال، ولا تكتمل الفرحة إلا بضحكاتهم وفرحهم إثر ارتدائهم ملابس وأحذية جديدة، نبدأ بسبر أسعار احتياجاتهم المؤجلة .. فمثلا سعر الطقم الولادي المحير ثلاث قطع بين 2200-3500 ليرة، والبنطال الجينز ولادي محير 1800- 2300 ل .س ، والكنزة محير ولادي بين 800- 1600 ل.س ، وبالانتقال لألبسة الـ ب.ب نجد أن أسعار الكنزة تتراوح بين 800-1600 ل.س، وبنطال الجينز 1200- 1800 ل .س رغم صغر حجمهما!..

وبالنسبة لأحذية الأطفال ب.ب يتراوح سعر الحذاء بين 500-1000 ل.س وحذاء رياضة ولادي محير من 1000-1500 ، وجزمة بناتي 1300- 1800 ليرة، واللافت هو وجود محل يبيع الحذاء حسب النمرة فأقل نمرة بـ 95 ليرة وأعلى نمرة بـ 36 ليرة فمثلاً نمرة 36 يكون سعر الحذاء الرياضي 3600 ليرة..

وفي هذه الجولة كان لابد من رصد أسعار الألبسة والأحذية الرجالية والنسائية بما أن الكبار أيضاً قد يتبادلون الزيارات في هذه المناسبة التي انضمرت فيها طقوس العيد القديمة المتمثلة بتبادل الزيارات والتهاني بين الأهل والأقارب لتقتصر فقط على رسالة معايدة عبر الموبايل أو البريد الالكتروني، رغم أن الطرفين قد يكونان في نفس المنطقة وأحيانا في نفس الحي!.. وعلى كل حال نالت مستلزمات العيد للكبار حصتها من ارتفاع الأسعار الغير مسبوق والغير مبرر؛ فتراوحت أسعار الكنزة النسائية بين 1900-2700 ليرة والبنطال النسائي 2200- 2900 ل.س، والبنطال الرجالي 1200-2500 ليرة والكنزة الرجالي 1300-1700 ل.س وقميص رجالي 800- 1300 ل .س ، وتراوح سعر الحذاء الرجالي 3000-3700 جلد صناعة وطنية، ووصل الحذاء إلى 7000 لنوع وطني وتركي ماركة كروب ، وكندرة نسائية 1800-2500 ل.س.

وتبقى الحجة بالدولار !!

والمسوغ الأساسي لهذا الغليان السعري، وحسب ما ذكر التجار، هو ارتفاع الدولار، وصعوبة النقل بين المحافظات، وخروج عدد كبير من المعامل عن الخدمة، مطالبين بالرقابة على تجار الورش الكبيرة والمعامل الذين يفرضون سعراً غالياً علينا، وبدورنا لا نبيع برخص، فأقل حوالة تكلفتها بـ 1500 ليرة من دمشق أو مصياف أو حتى اللاذقية.. لكن المواطن يدرك وجود معامل للألبسة في مصياف واللاذقية بالإضافة إلى تخزين التجار للبضاعة ومنذ سنوات ليخرجوها ويعرضوها في هذه المناسبة، فكفى احتجاجاً بالدولار وبالظروف الراهنة لتبقى الأزمة شمّاعة يعلقون عليها أطماعهم ..؟؟

وبين المحلات وحركة المارة لا تخلو الأسواق من بائعي البسطة الذين ارتفعت حناجرهم بالصياح لترويج بضاعتهم، والذين ينتظرون فرصة العيد لزيادة مدخولهم أيضاً..

التقينا بأبي داني، الذي كان يتسوّق ليؤمّن حاجيات يومه لا للعيد، لأنه يرى، ولا سيما في هذه الحرب الكونية والظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، أن العيد هو فرصة للراحة من ضغوط العمل لا أن يرهق المواطن نفسه بممارسة طقوس وعادات العيد، حيث يكتفي بإرسال رسالة قصيرة عبر الموبايل بدلاً من القيام بالزيارة واستقبال الزوار.

وفي الوقت الذي تقوم به بعض الأسر الميسورة بشراء حلويات العيد الجاهزة بكافة أشكالها وأنواعها ومذاقها، تحتفظ بعض النسوة بعادات وتقاليد العيد المتمثلة بصناعة الحلوى في المنزل باجتماع الجيران أو الأهل، وإن انحسرت هذه العادات قليلاً إلا أنها موجودة عند بعض الأسر في ريف طرطوس؛ فتقول أم مضر: تشكل صناعة أقراص بحليب حالة من الألفة والمحبة بين الأهل والأقارب والجيران؛ حيث تجتمع النسوة ويتقاسمن العمل، لكننا نعمل كميات قليلة إثر ارتفاع ثمن الحليب والطحين، وجميع المكونات الأخرى، حتى الغاز .

البالة لكل العيلة

السيدة هنا الشيخ صاحبة محل للبالة أشارت إلى أن الإقبال جيد والشراء مقبول مقارنة بالألبسة الجديدة، لكنها نوهت إلى أن الحركة الشرائية كانت في عيد الفطر أقوى من هذا العيد، كذلك في عيد الأضحى السنة الماضية شهد المحل اكتظاظاً أكبر للزبائن، وأوضحت أن مصدر الملابس التي تبيعها من لبنان حيث يتراوح سعر الكنزة الولادي 200-450 ليرة، وبنطال الجينز الولادي بين 350-400 ليرة ، ويتراوح سعر الكنزة النسائية بين 500-1000 ليرة حسب جودتها ونوعيتها، كما يصل سعر القميص الرجالي / كم / إلى 500 ل .س.

ولأن العيد والضيافة لا تكتمل دون الحلوى كان لابد من رصد أسعار الحلويات؛ فقد أكد أصحاب محلاتها أن الشراء ضعيف للغاية والزبون الذي يدخل يأخذ كمية قليلة لا تتعدى الكيلو ومن صنف واحد، وهذا الغلاء يعود لارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من طحين وسميد وسكر؛ فقد وصل سعر كيلو المشبك إلى 250 ل. س وأصابع زينب 270 ل.س وقطعة الشعيبية الواحدة 50 ليرة، و حلاوة الجبن 400 ليرة للكغ، وهريسة بمكسرات 450 ليرة ..

الخضراوات والفواكه ضرورة في كل يوم لكن عندما لفتنا سعر كيلو البندورة في صافيتا بـ 150-170 ليرة والتفاح بـ 220-230 ليرة لم يبق للحديث عن الأصناف الأخرى مكان..!

برسم الجهات الرقابية !!

ويبقى السؤال الذي يردده المواطنون ونردده أيضاً :

إلى متى سيبقى التجار يتحكمون بالأسواق وبلقمة عيش المواطن ليغتني أناس على حساب آخرين؟ ألا يجب أن تختلف مناسبة العيد عن أيام السنة الأخرى ليدخل الفرح إلى قلوب غاب عنها والسعادة إلى نفوس حُرِمت منها ..؟؟