الجعفري: الأعمال الإرهابية هي السبب الرئيسي للأزمة الإنسانية في سورية
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن العمل الإنساني ومساعدة المدنيين يمثل أنبل مهمة شريطة أن يكون منطلقها هو الدافع الإنساني لها المتمثل بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية النبيلة فقط وألا يتم توظيفها لغايات أخرى تسيء لاستقرار الدول ورفاه الشعوب لافتا إلى ضرورة أن ينسجم هذا العمل مع المبادئ التوجيهية الواردة في القرار 46-182 وفي مقدمتها احترام السيادة الوطنية ودور الدولة المعنية في الإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية داخل أراضيها ومبادئ الحياد والنزاهة وعدم التسييس.
وقال الجعفري في بيان ألقاه اليوم خلال متابعة الجمعية العامة للبند 73 من جدول أعمالها والمعنون بـ”تعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة” أن: «الطريق لحل أي أزمة إنسانية يكمن في الاعتراف بمسبباتها وجذورها دون أي تسييس أو تحوير للحقائق خدمة لأجندات سياسية ضاغطة تحت ذرائع إنسانية كما يكمن الحل في خلق قواسم مشتركة بين الحكومات المعنية من جهة ومكتب الأوتشا من جهة أخرى وفقا لأحكام القرار 46-182 بما يساعد على التخفيف من حدة الأزمات الإنسانية بدلا من التلاعب بها وإطالة أمدها لغايات التدخل والضغط السياسي على الحكومات وممارسة الابتزاز ضد هذه الحكومات كي تقدم تنازلات سياسية لأصحاب الهيمنة والنفوذ محذرا من أن البديل عن اعتماد هذا النهج سيكون الفوضى الخلاقة بما تتضمنه من إنشاء معارضة مسلحة مرتزقة معتدلة وفتح حدود الدول المجاورة أمام زعران الجهاد وعصابات الاتجار باللاجئين وبيع أعضاء البشر وتسمية كل هؤلاء بالمعارضة المعتدلة».
وأوضح الجعفري بهذا الصدد أن السبب الرئيسي لنشوء الأزمة الإنسانية في سورية وتفاقمها يعود إلى الأعمال الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية المسلحة معربا عن الأسف لعدم تضمين مشروع القرار المطروح حاليا أي إشارة إلى الإرهاب كأحد أسباب الأزمات الإنسانية إلا إشارة واحدة خجولة في إحدى فقراته رغم المطالبات المتكررة التي قدمتها سورية ولمرات عديدة.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة: «من المفارقة العجيبة أن بعض الدول المتبنية لمشروع هذا القرار والتي تدعي مكافحة الإرهاب هي نفسها التي عملت على عدم تضمين هذا المشروع إشارة واضحة إلى أن الإرهاب هو أحد الأسباب الرئيسية للازمات الإنسانية وتجاهلت أيضا وعن عمد إرهاب الجماعات التكفيرية الضالة المدفوعة بفكر وهابي جاهلي لا يقبل الاختلاف مع الآخر ويحلل سفك الدماء ويحض على الكراهية وهي كلها أمور مرفوضة بموجب قرارات الأمم المتحدة» لافتا إلى أن: «تجاهل الإرهاب وضرورة مكافحته على مدار السنوات الماضية أدى إلى انتشاره بشكل هستيري حيث استهدف المدنيين الأبرياء في كل مكان».
وأكد الجعفري أن: «سورية طالما حذرت ومنذ زمن بعيد من عواقب انتشار الإرهاب إلى أن وصل هذا الإرهاب إلى حد استهداف وتفجير طائرة الركاب المدنية الروسية فوق سيناء وامتد إلى بيروت وتونس وباريس وبغداد ومالي وكاليفورنيا ونيروبي وغيرها وذلك بعد أن تم استقدام هذا الإرهاب إلى سورية والعراق من زوايا الأرض الأربع ليعيث فيهما فسادا».
وشدد الجعفري على أن: «معالجة الأزمة الإنسانية في سورية تتطلب تكاتف جميع الجهود الدولية في المنطقة والعالم لمكافحة الإرهاب ومساءلة الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية على تسليح وتمويل وتدريب وإيواء عناصر هذه المجموعات الإرهابية وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن ذوات الأرقام 2170 و 2178 و 2199»، مشيرا إلى أهمية التوجه إلى الدول المشاركة في سفك الدم السوري والتي تدعي أنها تقدم المساعدات الإنسانية للشعب السوري في الوقت الذي تقوم هي نفسها بافتعال الأزمات وتمويل ورعاية الإرهاب فيها».
كما شدد الجعفري على ضرورة التركيز على الدور الذي تقوم به اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في الجولان السوري وغيره من الأراضي العربية المحتلة منذ 5 حزيران 1967 وذلك بتعاونها مع المجموعات الإرهابية من جبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية وكذلك قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي بإعادة اعتقال المواطن المناضل السوري صدقي المقت مانديلا سورية الذي سبق وان اعتقلته لمدة 27 عاما وذلك لتوثيقه بالصوت والصورة علاقة اسرائيل مع جبهة النصرة الإرهابية في الجولان السوري المحتل».
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة الى ان التدابير القسرية الاقتصادية احادية الجانب شكلت سببا رئيسيا ثانيا لمعاناة الشعب السوري موضحا ان فرض هذه التدابير غير المسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية أدى إلى مفاقمة الاوضاع الانسانية و الاقتصادية في سورية.
وانتقد الجعفري استمرار ممثلي بعض الدول الراعية للقرار بـ التباهي بنجاحهم باستمرار فرض عقوبات لا اخلاقية على اطفال ونساء سورية وحرمانهم من ابسط متطلبات العيش الكريم وذلك بعد ان فتكوا بملايين العراقيين الابرياء قبل الغزو وبعده.
واكد الجعفري تطلع حكومة الجمهورية العربية السورية لانعقاد القمة الانسانية العالمية الاولى من نوعها ايمانا منها بأهمية العمل الانساني مشددا على ضرورة ان تتناول اعمالها موضوع معالجة اسباب نشوء الازمات الانسانية والعوامل التي توءدي الى تفاقهما والمذكورة آنفا.
كما دعا الجعفري الى ضرورة ان تعالج القمة مشكلة تقسيم العمل الانساني وتركيز جزء كبير من التمويل للمساعدات عبر الحدود دون التنسيق مع الدول المعنية وذلك خدمة لاهداف سياسية واحيانا لصالح منظمات وجمعيات تعمل خارج مظلة الامم المتحدة منبها الى ان مثل هذا السلوك التمييزي يخالف المواثيق الدولية والمبادىء التوجيهية الناظمة للعمل الانساني ويوءدي في كثير من الاحيان الى وصول المساعدات الى الجماعات الارهابية المسلحة ما يسمح باطالة امد النزاعات على غرار ما يجري في سورية.
كما أعرب الجعفري عن الامل ان يسمع صوت احكام الميثاق وليس صوت الدول الممولة والا يستغل هذا النوع من الاجتماعات لتسييس المبادىء الانسانية التوجيهية للامم المتحدة او لتحويرها عن مقصدها السامي ولا سيما مبدأ الاحترام الكامل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتنسيق الكامل مع سلطاتها الوطنية عند تقديم المساعدات الانسانية.
واعرب الجعفري في هذا الصدد عن الاسف لاختيار اسطنبول مكانا لعقد هذه القمة في وقت يقوم فيه النظام التركي بتسهيل دخول الارهابيين الى سورية وتمويلهم وتدريبهم وشراء النفط والآثار من “داعش” وغيرها من الجماعات الارهابية فكيف يمكن ان تستضيف مثل هذه الدولة القمة الانسانية الاولى في وقت تشكل فيه السبب الرئيسي لاكبر الازمات الانسانية في العالم.
وتساءل الجعفري كيف يمكن ان يناط بالحكومة التركية استضافة القمة الانسانية الاولى في وقت شرعت فيه حدودها المشتركة مع سورية والعراق امام موجات الارهاب والمرتزقة وسفاكي الدماء.
ولفت الى ان مثل هذه المفارقات العجيبة تكررت ايضا عندما انيط المركز الدولي لمكافحة الارهاب التابع للامم المتحدة بالسعودية التي تعتبر المركز الرئيسي لانتشار الارهاب والتطرف في العالم مذكرا بان السعودية تشن مع حلفائها عدوانا على الشعب اليمني مستخدمين مرتزقة اجانب يعملون لدى شركة بلاك ووتر السيئة الصيت.
وتساءل الجعفري في الختام هل هذه الامم المتحدة التي ارادها الاباء الموءسسون والتي كنا نطمح الى جعلها منارة للقانون ولحماية حقوق جميع الدول الاعضاء كبيرها وصغيرها غنيها وفقيرها قويها وضعيفها.