مساحة حرة

السقوط في الهاوية!!

لم يوفر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصة إلا وحاول من خلالها شيطنة المنطقة وفق منهج عدائي منظم لضرب وتخريب كل عوامل الاستقرار في هذه المنطقة  التي تمتلك مقومات الانفجار السريع لما تتسم به من علاقات اجتماعية معقدة للغاية، معتمدا في تنفيذ خططه على ما سمي بـ ” ثورات الربيع العربي ” الكاذب  كجسر لتحقيق غايات سياسية ودينية تجعل من المنطقة ساحة حرب لمعارك متواصلة تمتد لعقود قادمة خدمةً للمشروع الصهيوني الكبير، وقد أثبتت مواقف حكومة أردوغان بالدليل القاطع سوء نواياها تجاه كل من سورية والعراق، في خطوة  غبية نحو إعادة أمجاد الخلافة العثمانية الوهمية على حساب مصالح ومتطلبات الشعب التركي، لذلك حددت حكومة حزب العدالة والتنمية موقعها من التنظيمات الإرهابية التي تسللت عبر تركيا وبمساعدتها إلى كلا الدولتين تحت يافطة ” الحرب الجهادية ” التي تُلبي الطموحات الجيوبوليتيكية لأردوغان الذي يُمثل الأب الروحي للإرهابيين حيث أثبت ذلك من خلال تقديمه كامل الدعم لهذه التنظيمات وفي مقدمتها داعش وجبهة النصرة من أجل تنفيذ حرب بالوكالة لصالح المشروع  الأمرو – صهيوني في تدمير المنطقة العربية بالكامل، انطلاقاً من ذلك افتعلت الحكومة التركية العديد من المواقف والأحداث الغادرة المثيرة للريبة  كإسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق الأراضي السورية وقتل أحد طياريها على يد عصابات النظام التركي بطريقة بشعة ومخالفة للأعراف الدولية والقانون الدولي، كما قامت الحكومة التركية بنشر قواتها داخل الأراضي العراقية في محافظة نينوى رغم مطالبة الحكومة العراقية لها بسحب تلك القوات وإلا ستعتبرها قواة معتدية، كل هذه التصرفات الاستفزازية إضافة إلى الكثير مما سبقها كسرقة المعامل السورية والآثار وتسهيل بيعها في الأسواق التركية والأوروبية جعلت من الحكومة التركية الفتيل الصاعق الذي سيفجر المنطقة بكاملها في أية لحظة يتم فيها اطلاق شرارة رصاصة  من متهور تأخذ الأمور إلى المكان الخطأ  .

كانت تركيا ولم تزل منذ الأيام الأولى للحرب على سورية الممر الآمن للإرهابيين القادمين من كل دول العالم باتجاه سورية والعراق، وشكلت طريق الإمداد المستمر لهذه التنظيمات مخالفة بذلك القرارات الدولية ذات الصلة بشكل علني وفق اثباتات عديدة، و من الواضح الآن بأن حكومة أردوغان تعيش حالة من الارباك السياسي والاقتصادي على الساحة الاقليمية والدولية لم تشهدها حكومة تركية سابقة بعد انفضاح أمرها وتعرية تصرفاتها، حيث شجعت النجاحات الأخيرة التي حققها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة على ما يبدو رئيسه أردوغان للدخول إلى حلبة صراع الثيران متسلحاً بوهم قدرته على استثمار التنظيمات الإرهابية الموالية له على الأرض في تحقيق حلمه الذي لايُفارقه بإنشاء منطقة آمنة على الحدود مع سورية تمتد من ريف اللاذقية في سورية ( أو ما يُطلق عليه  بجبل التركمان ) وصولاً إلى تلعفر شمال العراق من أجل محاصرة حزب العمال الكردستاني الذي بات يُشكل تهديداً مباشراً لمستقبل تركيا، لكنها تبقى مجرد أحلام يقظة لن تزيد الأمر إلا تأزماً في وجه أردوغان وحكومته المتهورة .

إن سياسة السلطان العثماني الجديد الغبية تنطلق من ثوابت ايديولوجية موروثة ومبنية على عنصر الحقد والكراهية للشعوب الأخرى، وخاصة ضد العرب التقدميين الذين تغلبوا على الواقع المتخلف الذي تركه الاستعماران التركي والفرنسي وبنوا الدولة الحضارية العلمانية على أساس المواطنة ، وفي مقدمة تلك الدول سورية وغيرها من الجمهوريات العربية التي استطاعت أن تشكل حالة الوعي المسبق لدى أغلبية شعوبها سدا منيعاً في وجه حركة التغيير القسري التي تسعى الإدارة الأمريكية وحليفتها الرجعية العربية على تطبيقها من خلال نشر ” الفوضى الخلاقة ”  والاستثمار القذر في قوى الإرهاب العالمي المدعوم من السعودية وتركيا وقطر، حيث أكدت الأحداث والوقائع تبوؤ المارد التركي “أردوغان” مركز الأب الروحي للحركات الإسلامية الإرهابية المرتبطة عضوياً وايديوليجياً بتنظيم القاعدة الإرهابي، وهذا ما أصبح مفهوماً عند الغرب الذي كان مغيباً أو في حالة تجاهل قبل أن يكتوي بنار الإرهاب هو الآخر، حيث  قالت النائبة عن حزب اليسار في البرلمان الألماني “ساره ويكنيكت ” : ” إن من يُريد محاربة تنظيم داعش عليه أن يقطع التمويلات ويوقف تدفق الأسلحة والمقاتلين الجدد، وكان من الأجدر حث أردوغان على إنهاء لعبته القذرة عوضاً عن قصف سورية”!

لقد أصبح جلياً للجميع دور الحكومة الأردوغانية في دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية وفي مقدمها تسهيل تجارة النفط المسروق من سورية والعراق، إضافة إلى العديد من العلاقات التجارية البينية التي تُديرها عائلة أردوغان شخصياً مع تنظيم داعش الإرهابي، لتأتي عملية الإعتداء على الطائرة الروسية الحربية في الأجواء السورية الخطأ الذي سيقصم ظهر أردوغان ويفتح له طريق السقوط سريعاً إلى الهاوية، حيث قال الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين ” في كلمته أمام الجمعية الفدرالية يوم الثالث من كانون الأول الجاري : ” نحن لا ننوي القرقعة بالسلاح، لكن إذا ما كان أحد ما يظن أنهم (المسؤولين الأتراك) تمكنوا من الإفلات من الجريمة العسكرية النكراء التي ارتكبوها، وقتلهم اثنين من أبنائنا بإقلاعنا عن استيراد البندورة أو بقيود في مجال البناء وغيرها، فإنه يُخطئ عميقاً، نحن نذكرهم غير مرة بما فعلوا، وهم سيندمون مراتٍ ومرات على فعلتهم، ولا سيما أننا نعلم ما يجب أن نفعله ” !

لذلك كله يرى العديد من المحللين بأن شيطنة أردوغان هي لعب بالنار و ستؤدي إلى نهايته الحتمية وهزيمته على الساحة الاقليمية والدولية في حدها الأدنى، سيما أن شركاءه الغربيون غسلوا أيديهم منه ومن تصرفات حكومته الرعناء ..

محمد عبد الكريم مصطفى