العقاري تجاوز معدّلات التعثر الخطرة وأسّس آلية للتعاطي مع الزبون
أكد مدير عام المصرف العقاري السوري الدكتور أحمد العلي تحسن السيولة في المصرف التي باتت أكثر استقراراً منذ خمسة أشهر مبتعدة عن المعدلات الحمراء وفقاً لما حدّدته قرارات مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي الخاصة بهذه المسألة، مشيراً لـ”البعث” إلى ارتفاعها بنسبة تتراوح بين 18 إلى 19% بالنسبة لجميع العملات بعد تسديد كبار المقترضين المتعثرين الأقساط المتراكمة التي بلغ حجمها خمسة مليارات ليرة، هذا من جهة، وطمأنة المودعين وتقديم أفضل الخدمات وتوعيتهم وإرشادهم، إضافة إلى فتح إدارة المصرف الباب لمنتجين الأول على المكتتبين على مساكن في الإسكان، والثاني على المدّخرين المودعين الذي أودعوا أموالاً بهدف أخذ قرض مقابل الوديعة، ومن أجل احترام المصداقية في العقود المبرمة مع المودعين وتعزيز الثقة بالمصرف كان لابد من إعادة العمل بهذا المنتج بعد توقفه عدة أشهر، حسب تصريحات مدير عام العقاري، الذي توقع زيادات واضحة ستشهدها ميزانية المصرف السنوية نتيجة التفاهمات والمفاوضات المباشرة مع كبار المقترضين المتعثرين التي كان لها أثر شديد الإيجابية في مجال السيولة.
لا مشكلة في السيولة
وقدّر العلي حجم إيداعات “العقاري” بنحو 181 مليار ليرة حتى تاريخ أمس، وقال: إن المصرف يقترب من المعدل المسموح به لمنح التسهيلات الائتمانية وهي نسبة تتجاوز 20% من السيولة بالعملة السورية، ولا نجد مشكلة في السيولة وإنما في المؤونات (الواردة حسب قرارات مجلس النقد والتسليف) التي تخفّض من كتلة الإيرادات المتزايدة شهراً بعد شهر، كاشفاً عن توفر نحو 4 مليارات ليرة في وزارة المالية كأذونات خزينة، وعن إمكانية منح قروض قصيرة ومتوسطة الأجل خلال الربع الأول من العام المقبل وإعادة منح قرض الصراف البالغة قيمته 200 ألف ليرة متمنياً موافقة مجلس النقد والتسليف على أن يكون الاقتطاع من رأس المال إضافة إلى الفائدة المستحقة.
وذكرت مصادر مسؤولة في المصرف أن قيمة وافية من استيفاء المستحقات على القروض التي تم منحها في سنوات سابقة، بدأت تعاود الدخول إلى خزينة المصرف العقاري السوري، حيث تبلغ القيمة المتوسطية في الوقت الحالي حوالي 18 مليوناً شهرياً، وأضافت: من الممكن أن تعاود قروض “سيريا كارد” نشاطها في الفترة المقبلة مع بدايات العام المقبل، وخصوصاً أن توجّه المصرف لدراسة إمكانية صرف القروض أصبح واضحاً، مع بدايات انجلاء الأزمة التي تمر بها البلاد، وانخفاض وتيرة المخاوف حول الاقتصاد والاحتياطي لدى المصارف.
مصارحة علنية
ولم يخفِ مدير عام المصرف وصول معدلات التعثر في سداد المقترضين إلى مستويات الخطر سابقاً مقارنة مع النسب المسجّلة في المصارف العامة، موضحاً أن طول أمد القروض العقارية المتراوح بين 15 إلى 20 سنة قياساً إلى التسليف القصير والمتوسط الأجل جعل “العقاري” الأعلى تعثراً، على اعتبار أن المخاطرة تزداد طرداً مع الزيادة في الأمد، يضاف إلى ذلك عدد زبائن العقاري “المصرف المتخصص بالقروض العقارية” الذي وصل إلى مشارف المليوني عميل، ونسبة لا يستهان بها من هؤلاء المشترين لمسكن أو المكتتبين عليها بتمويل عن طريق المصرف تعرّضوا للتهجير نتيجة الأعمال الإرهابية أو وقعت مناطقهم تحت التهديد، وبالتالي أصبحوا عاجزين عن سداد الأقساط المستحقة عليهم.
وعاد العلي ليؤكد أن معدلات التعثر الخطرة تم تجاوزها، مبيّناً أن الديون المتعثرة زادت بمعدل ست نقاط خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري بينما لم تتجاوز النقطة منذ مطلع حزيران حتى نهاية تشرين الأول الماضي، وذلك بفضل الإجراءات المتخذة من إدارة المصرف والمراسيم والقرارات الحكومية الصادرة بهذا الخصوص.
تداعيات مالية
بقي أن نشير إلى أن عدد المقترضين الإجمالي في كل فروع المصرف العقاري حتى الشهر السادس (حزيران) من العام المنصرم 2012 يصل إلى 196407 مقترضين، مقابل 59860 مقترضاً متأخراً، بما يعني بعبارة أخرى أن نسبة أعداد المتأخرين مقارنة مع عدد المقترضين تصل إلى 304.77 بالألف، وهي نسبة منخفضة بشكل ملحوظ بالمقارنة مع النسب السابقة خلال الفترات والسنوات الماضية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ارتفاع النسبة بشكل عام يعود إلى جملة من الأمور التي يبرز منها إيقاف منح القروض في المصرف العقاري ما يعني عدم زيادة عدد المقترضين، إضافة إلى تعثر شريحة من المقترضين عن الدفع بسبب الظروف الحالية التي تعيشها البلاد من حصار اقتصادي جائر مفروض على الشعب السوري وتخريب وإجرام المجموعات الإرهابية المسلحة، وما أفرزه ذلك من تراجع اقتصادي ملحوظ، ويضاف إلى جملة هذه العوامل قيام بعض المقترضين بدفع المستحقات المتأخرة والمترتبة عليهم وإغلاق قروضهم بالكامل بعد تسوية وضعها.
استراتيجية للتقييم
يذكر أن قرارات جديدة صدرت مع تسلم الدكتور العلي لمهامه بمنصب مدير عام للمصرف حملت معها تنقلات مهمة في صفوف مديري المصرف ما بين مدير فرع ومدير مركزي تأسيساً على استراتيجية التقييم التي اتبعها المصرف العقاري مؤخراً لكافة المديرين تبعاً لآلية التعاطي مع الزبون وإدارة ملفات القروض المتعثرة والسيولة وعوامل أخرى سواها، معتبراً هذه التنقلات بمثابة ترتيب البيت الداخلي للمصرف حتى يتمكن من الارتقاء أكثر بعمله وخدمته للمواطن وبما يتناسب مع عمل الفريق حتى لا يكون أحد المديرين مغرداً خارج السرب.
البعث ميديا – البعث