محليات

أسعار العقارات في طرطوس تشتعل والمخالفات تنتعش.. والمسؤول؟

 تنامت وانتشرت ظاهرة البناء والعمران في محافظة طرطوس خلال الأزمة التي يمر بها الوطن، وبالمقابل انتعشت مناطق السكن المخالف ” العشوائي” وزادت أضعافا مضاعفة، رافق ذلك استغلالا واضحا وفاضحا للمواطن المحتاج مسكن يقيه حر الصيف اللاذع  وبرد الشتاء الذي لا يرحم، كما تضاعف سعر متر العقار على الهيكل عدة أضعاف، لكن تذمر المواطن الباحث عن مسكن يقيه غدر الزمن لم يثنيه عن البحث عن المسكن الأنسب سعرا لجيبه، والبعض “تشاطر” في أحياء طرطوس لبناء ولو غرفة مخالفة …وأمام هذا الواقع …ما أسباب هذه النهضة العمرانية في طرطوس؟ وما أسباب ارتفاع أسعار العقارات إن كان للشراء أو الإيجار..؟ وما أسباب تنامي ظاهرة السكن المخالف خلال الأزمة وماذا اتخذت الجهات المعنية حيالها ..؟هذه الأسئلة وغيرها محور تحقيقنا فماذا في التفاصيل ..؟؟  

معاناة وتأقلم مع الواقع

عزا المعنيون وأصحاب الشأن تنامي الحركة العمرانية في طرطوس خلال الأزمة إلى الأمان الذي تتمتع به المحافظة، وبالمقابل تعرض الوافدون إلى الاستغلال والتحكم الصارخ من قبل مالكي الشقق، تفاوتت أسعار الشقق في المدينة والقرى المحيطة بها، ففي الغمقة طابق أرضي بـ23 ألف ليرة شهريا، ومكتب بشارع الثورة 25 ألف ليرة يسكن به معتز الوافد من حلب هو وأبنائه السبعة وزوجته، في حين استأجر السيد نبهان المولى بشاليهات المنطار لمدة سنتين بـ25 ألف ليرة، وثناء زبدية وافدة من حلب استأجرت في البداية في بيت جحي التابعة لطرطوس شقة بـ 25 ألف ليرة والآن مستأجرة شقة في البرغلية بـ 30 ألف ليرة، كما استأجرت ندى نزهة غرفة بـ13 ألف ليرة لا تصلح للعيش.

محمد الجمعة وافد من ريف حمص يسكن في مكتب استأجره بـ20 ألف ليرة في المشبكة، وفي منطقة البصيرة المجاري تطفو على السطح والقمامة متراكمة في المكان ومع هذا سعر الشقة 40-45 ألف ليرة بمساحة 60-70 متر فقط، وفي بيت كمونة يتراوح إيجار الشقة بين 25-35 ألف ليرة سكنت بها بتول الجاسم بعد أن سكنت في خم للدجاج بـ 6 آلاف ليرة رضيت به بداية لأنها لم تجد سقفا يأويها وأطفاله الخمسة .

الهدم حسب الدفع ..!

وفي أحياء السكن العشوائي المخالف قصدنا الرادار ولسان حال سكانها يقول: منذ الثمانينات والناس بنت وعمرت، والأراضي من معمل الإسمنت وحتى أبو عفصة تابعة للخريبات، حيث اتجه المواطنون للبناء في هذه الأحياء لرخص الأراضي كونها زراعية وليس بها طابو، وبكل صراحة “عمرنا وعلى عينك يا تاجر”..! تأتي البلدية كل شهرين كشف تقبض وتذهب “بعد أن حققت مبتغاها”..! وفي الحي يوجد بناء بأربع طوابق باع صاحبها كل شقة بخمس ملايين بعد أن أطعم البلدية ..!! مؤكدين أن الضبط يكتب لناس وناس والهدم شكلي وفعلي لناس وناس فقد يهدم بناء أرضا وآخر يعمل بجدرانه عدة ثقوب فقط ” حسب الدفع “..؟ فالسيد أنس بنى غرفتين باسم زوجته لكن لم يدفع رشوى للبلدية 300 ألف حسب تعبيره فشدت البلدية عزمها وكتبت به ضبطا ثم تم توقيف زوجته لمدة يوم في السجن إلا أن أشخاصا كفلوها فأفرج عنها ..!

وعزا السكان تأخر تنفيذ المخطط التنظيمي للحي الموضوع منذ التسعينات إلى استفادة المعنيين بالقبض من وراء كل تأخير حيث يغير المخطط بمجرد أن دفع أحد المواطنين المتضررين من مرور طريق في أرضهم إلى البلدية ..!

مصارحات مهموسة

البعض همس ل”البعث ميديا” بأن مخالفات الرادار تتم بإشراف غير مباشر من البلدية، ويوجد نجارين بيتون معروفون هم السماسرة بين المواطن ومراقب البلدية، والمخالف رقم واحد هو مراقب البلدية لأن رأس ماله وظيفته فيبيع ويستثمر برأس المال ..!!، وأن الرشاوى التي دفعها المواطن للمتعهد  في السكن المخالف لو دفعها تكاليف رخصة كان أوفر له.

عدد الرخص

عزا المهندس محمود صقر معاون رئيس دائرة الرخص في مجلس مدينة طرطوس ارتفاع أسعار الشقق إلى  ارتفاع أسعار مواد البناء وانخفاض القيمة الشرائية لليرة، وأفاد صقر بأن عدد الرخص عام 2013 وصل حتى 132 رخصة و234 رخصة عام 2014، وفي عام 2015 وصل عدد الرخص إلى 192 رخصة، وحتى 25/2 من هذا العام 14 رخصة أغلبها إضافة جزء من البناء كإضافة طابق أو اثنان  حيث تضمنت رخص عامي 2013 و2014 بناء كامل.

ويصل سعر متر العقار على الهيكل ضمن مدينة طرطوس إلى 150 ألف ليرة في حين كان بـ 18-30 ألف ليرة، ويتفاوت سعر متر العقار حسب الحي والشارع والمنطقة حيث يتراوح سعره في الحمرات بين400-500 ألف ليرة، ومتر المحال في أسوأ منطقة بطرطوس بين 250-300 ألف ليرة ومع هذا يوجد حركة رخص .

حركة متفاوتة

وأوضح معاون رئيس دائرة الرخص أن الإقبال على الشراء أكبر في مدينة طرطوس لأن نسبة لا بأس بها من الوافدين استقرت واشترت وتابعت أعمالها.

وللوقوف على وضع البناء في مناطق المحافظة كالدريكيش نجد أن البناء حافظ على نفسه خلال الأزمة حسب المهندس المدني رضا عبد الرحمن مبينا أن سعر متر العقار على الهيكل في المنطقة يتراوح بين 30-60 ألف ليرة بينما كان عام 2010 بـ4-10 آلاف ليرة وذلك يختلف حسب الموقع، مشيرا إلى أنه في عام 2011 زادت الأسعار قبل أن تزيد التكاليف وأسعار المبيع زادت 8 أضعاف بينما زادت أسعار مواد البناء 8-15 ضعفا ومواد الإكساء زادت أكثر من ذلك، مشيرا إلى أن حركة الناس تتجه للإيجار أكثر من الشراء وذلك بسبب توقف القروض العقارية ومن يبحث عن شقة يأخذها على الهيكل .

 

اتفاق بين صاحب العمل والعامل

وفي إحدى الورش كانت وقفتنا للإطلاع على أجور العمال وأسعار مواد البناء فالمتعهد زكي معلا أكد أن مواد البناء التي تدخل بالهيكل مواد محلية كالحصويات، فقط الحديد هو المستورد، والمواد المحلية زاد سعرها أكثر من المستوردة نتيجة فقد بعض المصادر  حيث أن سعر 1م3 من الرمل القرواني كان بـ 600 ليرة والآن 12-13 ألف ليرة.

ويصل أجر تركيب المتر المربع من البلاط والسيراميك  إلى 450 ليرة، وبعد أن كان أجر صب البيتون بـ 400 ليرة للمتر المكعب صار حاليا بـ2000-2500 ليرة حسب تعبير الحرفي أبو مصعب مبينا أن ارتفاع أجور العمال زادت أربع أضعاف ولم يخف أنها اتفاق بين صاحب العمل والعامل.

 

تنامي السكن المخالف أضعافا مضاعفة

وبدوره بين المهندس فوزي الشيخ ديب مدير الشؤون الفنية في مجلس مدينة طرطوس أن السكن العشوائي يتركز في أطراف المدينة بأحياء الرادار ووادي الشاطر ورأس شغري، ولا توجد معالجة جذرية لنمو مناطق السكن العشوائي وتوسعها وقمعها التي ازدادت خلال الأزمة عدة أضعاف، وأشار الشيخ ديب إلى حدوث أربع مخالفات خلال فترة انتخابات مجلس الشعب .

عاجزين تماما عن قمع المخالفات ..!!

وأوضح مدير الشؤون الفنية أن موظفي المجلس الذين يقومون بقمع المخالفات عاجزين تماما عن قمع أي مخالفة كونهم مدنيين..!! والحل الأمثل هو تولي الفروع الأمنية هذه المهمة..!! ،ووصل عدد المخالفات منذ بداية الثمانينيات وحتى اليوم 5 آلاف مخالفة.

ولدى سؤالنا حول: هل يتم معاملة أصحاب البيوت الريفية والزراعية الصغيرة في القرى معاملة مراكز مدن المحافظات فيما يتعلق بإجراءات الترخيص ؟ أجاب صقر إلى أن هذا السؤال موجه لنقابة المهندسين…!!

بالمحصلة

وبدورنا نوجه سؤالا لمجلس مدينة طرطوس: أليست إجراءات الترخيص من حيث رسوم البناء وعدد الطوابق المسموحة من صلب عمل المجلس..؟

وللحد من ظاهرة السكن المخالف نقترح تبسيط إجراءات الترخيص وتسهيل إفراز الأراضي، ومحاسبة موظفي البلدية المسؤولين عن مراقبة البناء المخالف، وكذلك إيجاد آلية بسيطة لقمع المخالفات لا تتعارض مع مصلحة المدينة لتسوية المخالفات القائمة والتي تحقق الشروط السليمة للبناء على أن تبقى مدة التسوية مفتوحة، إضافة إلى توسيع المخططات التنظيمية لتشمل القرى الجديدة التي ضمت حديثا لمجالس المدن واستبدالها بالمخططات التوجيهية الغير دقيقة المعمول بها حاليا .

البعث ميديا || طرطوس – دارين محمود حسن