الشريط الاخباريسورية

الشؤون الاجتماعية..إجراءات لحماية الأطفال من استغلال المجموعات الإرهابية المسلحة

مكانهم الطبيعي على مقاعد الدراسة وباحات مدارسهم يلعبون مع أقرانهم ينهلون العلم والمعرفة ويتعلمون حب الوطن وضمن أسرة ترعاهم وليس في ساحات القتال مجندين يتعرضون لمختلف أنواع الاستغلال الجنسي والجسدي والنفسي على أيدي المجموعات التكفيرية والظلامية.

حماية الأطفال كفلها القانون في سورية حيث صدقت سورية على اتفاقية حقوق الطفل قبل أن تصدر مؤخرا تشريعا خاصا يجرم تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية الذي ظهر كحالة طارئة على المجتمع السوري خلال الأحداث الراهنة وذلك بهدف إبعادهم عن التجنيد والاستغلال وضمان حقهم في الحياة وتأمين سلامتهم الجسدية والنفسية.

وفي إطار الإجراءات الاحترازية لحماية الأطفال وأمهاتهم أحدثت وزارة الشؤون الاجتماعية مركزا لإقامة الضحايا من الأطفال والنساء اللاتي تعرضن لانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة تحت مسميات مختلفة مثل جهاد النكاح وفق قول وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة كندة الشماط التي أوضحت في تصريح لسانا أنه يتم تقديم مختلف أنواع الخدمات للناجيات بعد عملية تقييم نفسي لكل واحدة على حدة للتعرف على وضعها وحالتها وما آلت إليه.

وتشير الوزيرة الشماط إلى ظهور مشكلات قانونية جديدة نتيجة وضع الفتيات لأطفال غير معروفي النسب الأمر الذي يتطلب إيجاد حل قانوني بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية مؤكدة أن البيانات الخاصة بكل الفتيات الضحايا يتم التعامل معها بسرية تامة تمهيدا لإعادة تأهيلهن ودمجهن بالمجتمع بعد تمكينهن من تجاوز محنتهن.

وصدقت سورية على اتفاقية حقوق الطفل عام 1993 والبروتوكولين الاختياريين حيث ينص البروتوكول الأول وفق الخبيرة الدولية في حقوق الطفل هديل الأسمر على منع إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بينما يمنع البروتوكول الثاني استخدام الأطفال في أعمال الدعارة مشيرة إلى أن تعريف الطفل في القانون السوري يتوافق مع ما ورد في الاتفاقيات الدولية الذي يؤكد أنه كل من لم يتم سن الثامنة عشرة عاما مشددة على أن تزويج كل فتاة يتم بغرض الجهاد هو نوع من الاتجار بها وتحت مسمى الدعارة ويعد انتهاكا لحقوق المرأة والطفل وهو ما نصت عليه القوانين والتشريعات في سورية التي تنسجم مع الاحتياجات والمتطلبات والتغييرات الحديثة الحاصلة في المجتمع السوري.

وتبدأ عملية تجنيد الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة من أشياء بسيطة وفق كلام الأسمر لتتطور إلى نقل الجرحى أو استخدامهم في تهريب الأسلحة وغيرها ما يعد انتهاكا صارخا لحقوقهم إضافة إلى تسريبهم من المدارس وتجنيدهم بالأعمال القتالية إضافة إلى تزويج الفتيات تحت مسميات مختلفة الأمر الذي ينجم عنه انتهاكات مركبة ولا سيما عند وجود حمل وأولاد.

واستغلت المجموعات الإرهابية المسلحة الأطفال إعلاميا وصورتهم كضحايا بغية استدراج التدخل الخارجي بشكل أو بآخر وفق قول رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة الدكتورة إنصاف حمد كما تعامت بعض المنظمات الدولية عن الحوادث الموثقة التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية بحق الأطفال واستخدامهم كدروع بشرية في حين تعمل الجهات المختصة على تحرير العديد من الأطفال المجندين في عدد من المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون من خلال التواصل مع الأهالي لتحرير هؤلاء الأطفال وخاصة في المناطق التي تشهد مصالحات شعبية لإلحاقهم بالمراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وإخضاعهم لبرامج إعادة التأهيل المناسبة.

وتعمل الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتشارك مع عدة جهات وفق الدكتورة حمد لإصدار دليل وطني موحد للتعامل مع الطفل في مثل هذه الحالات التي يكون فيها مصابا بأضرار نفسية ويحتاج إلى خبير نفسي لعلاجه وتحديد الأنشطة المتكاملة بما يسهم في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال وأسرهم وإعادة تأهيلهم خاصة أن المسلحين يستخدمون المخدرات والمؤثرات العقلية بالتعامل مع الأطفال لتسهيل عملية السيطرة عليهم وتحديد سلوكهم بالاتجاه الذي يريدونه.

ويرى مختصون أن القانون رقم 11 لعام 2013 لبى الحاجة المستجدة على واقع المجتمع السوري التي لم تلحظها القوانين سابقا حيث تضمن القانون إضافة مادة جديدة على قانون العقوبات حول إشراك الأطفال في الأعمال القتالية والتي تقضي بمعاقبة كل من جند طفلا دون سن الثامنة عشرة بقصد إشراكه في الأعمال القتالية أو حمل الأسلحة أو المعدات أو الذخيرة أو نقلها أو زراعة المتفجرات أو الاستخدام في نقاط التفتيش أو المراقبة أو الاستطلاع أو تشتيت الانتباه أو استخدامه كدرع بشري أو في مساعدة الجناة وخدمتهم بأي شكل من الأشكال القتالية بالأشغال الشاقة المؤقتة من عشر إلى عشرين سنة حسب نوع التجنيد وبغرامة مالية من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية بما يتيح للمحكمة اختيار العقوبة بين حديها الأدنى والأعلى بشكل يتناسب مع حجم الفعل الموكل للطفل والضرر الناجم عنه وبما يحقق العدالة.

وتشدد عقوبة‏ الفاعل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة إذا نجم عن التجنيد ضرر لحق بالطفل تمثل في حدوث عاهة دائمة له أو اعتداء جنسي عليه أو تناول مواد مخدرة أو أي من المؤثرات العقلية ولا تسقط الملاحقة القانونية للمجرم بالتقادم‏ في حين تصبح العقوبة الإعدام إذا نجم عن التجنيد وفاة الطفل الأمر الذي يشكل شبكة متكاملة لحماية الأطفال وإبعادهم عن ساحة النزاعات المسلحة والمناطق الخطرة وعدم إتاحة الفرصة لاستغلال الأطفال في المشاركة بهذه النزاعات وتعريضهم للخطر بينما يحاكم الطفل الذي تم تجنيده وقام بأعمال قتالية في محاكم الأحداث وينفذ العقوبة في جناح خاص تابع لأحد المعاهد الإصلاحية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإجتماعية.

ويعاني الأطفال المشاركون في الأعمال القتالية من نوعين من الآثار النفسية وفق كلام الطبيب النفسي مازن حيدر أولهما الشعور بالدونية والذنب كون الطفل شارك في أعمال عنف وقتال أو قد يتجاوز هذا الشعور فيصل إلى حالة العدوانية المفرطة وفي الحالتين يصبح مجرما الامر الذي يتطلب تدخلا نفسيا مبكرا مع مراعاة حالة كل طفل وعمره ونوع مشاركته ومستواها ولا سيما أن مرحلة المراهقة هي الاخطر كونها تعد محطة تكوين هوية الطفل أو شخصيته التي ستكون في هذه الحالة معادية للمجتمع .

ويكون التدخل في بداية الأمر من خلال تحرير الأطفال من البيئات التي يتم فيها استغلالهم وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية والنمطية وإشراكهم في نشاطات متنوعة بإشراف كوادر مدربة بناء على رأي الطبيب حيدر الذي يشير إلى أن بعض الحالات التي لديها تبدلات شديدة تتجلى بسلوكيات عدوانية تجاه الذات أو الآخرين أو تمظهر بالعزلة أو الهروب من المدرسة فهي تتطلب تدخلا فرديا وخاصا من قبل اختصاصيين نفسيين.

وتبين مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام حجم انتشار ظاهرة تجنيد الأطفال بأشكاله المختلفة من قبل مجموعات إرهابية انتهكت حقوق الاطفال في الحياة والتعليم والغذاء واللعب لتحولهم إلى مقاتلين وقاتلين وطهاة وحمالين وسعاة وزوجات تحت مسميات مختلفة وتجعل منهم دروعا بشرية حينا أو ذريعة رخيصة لاستجرار التدخل الخارجي تحت العنوان الإنساني.

وفي المحصلة تؤكد الوقائع أن جرائم الإرهابيين بحق الاطفال في سورية على مرأى ومسمع من العالم كله من حكومات ومنظمات دولية حقوقية وإنسانية تشكل انتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية وحقوق الإنسان في حين تعمل الحكومة السورية على مواجهة الآثار الخطرة الناجمة عن تجنيد الأطفال على جميع المستويات القانونية والحمائية والتأهيلية لإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية وبنائهم نفسيا واجتماعيا وفكريا ليكونوا أشخاصا فاعلين في المجتمع يسهمون في نهضة سورية.

 

البعث ميديا – سانا