line1محليات

حرائق طرطوس.. الجهات الرسمية “متأخرة” والغطاء النباتي يتبدد

تتعرض المساحات الخضراء لتدمير ممنهج وتعد صارخ وواضح، وتمثل الحرائق الخطر الأكبر على الإطلاق الذي يتعرض له الغطاء النباتي بكامل أجزائه وتسبب الحرائق الكبيرة فقدانه بشكل كامل وتعيده إلى المراحل الأولى المتمثلة بالأشواك والبلان …وماإن يبدأ فصل الصيف من كل عام حتى تلتهم الحرائق ماتبقى من مساحات خضراء وغطاء نباتي جمالي تتغنى به المحافظة …خمسين حريقا حراجيا و260 حريقا زراعيا هي حصيلة الحرائق التي نشبت هذا العام في طرطوس وحتى 25/8 كان أكبرها حريق العنازة حيث تسبب بخسائر كبيرة وأضرارا بلغت قيمتها اثنا عشر مليون وسبعمائة ألف ليرة سورية /حسب دائرة حراج طرطوس ولم ينتهي بعد موسم الحرائق…! مقابل إجراءات تتسم بالتلكؤ بإخماد الحرائق المندلعة رغم وجود خمسة مراكز حماية و16 آلية في كل فوج إطفاء مجهزة بشكل كامل و14 برجا مزودا بأجهزة اتصال ومراقبة…ومع هذا تتسع رقعة الحرائق وتزداد حدتها وتتضاعف تبعاتها كلما تأخر وقت وزمن إخمادها.

 

عدم الالتزام

أكد غانم السيد وهو من قرى صافيتا عدم الالتزام من قبل الجهات المعنية ولا سيما أن ضابطة الشرطة غالبا ما تتأخر في القدوم إلى موقع الحريق وتكتب ضبطا وغالبا نصه ” بفعل عوامل الطبيعة” …!  وفي إحدى المرات أحد أصحاب السيارات المارة وبمجرد أن لمح الحريق أوقف سيارته أمام الطريق وهرع ليتفرج على الحريق وبعد أن وصلت الشرطة والإطفاء لن تستطع سيارة الإطفاء المرور بسبب وقوف السيارة أمام الطريق الضيق الذي لا يمكن لسيارتين أن تعبراه …! فلو وصلت في موعدها لكانت قلصت دائرة انتشار الحريق…!

الحاجة وتجارة الحطب

يدلو عبد الله بدلوه ويشير إلى أنه لا تحرق غابة إلا بعلم أحد الجهات المعنية، منوها إلى أن أحد الأسباب الأساسية للحرائق عدم الوعي البيئي والحاجة للحطب  حيث يتم الحصول عليه ولا سيما في المناطق الباردة، وبالمقابل يقوم الكثير من المواطنين بحرق الأشجار والغابات لأنهم لا يستطيعون قطعها واستخدامها تاليا للبيع وتجارة الأحطاب وهو ما يوفر لهم دخلا جيدا في ظل ضيق المعيشة والحال ولكن هذا لا يبرر هذا الفعل الجبان بتدمير البيئة وبشكل ممنهج ..!

يوجد تقصير في صيانة الطرقات الزراعية الغير معبدة حيث من المفترض صيانتها سنويا لتسهيل مرور آليات الإطفاء هذا ما أشار إليه آصف حسن مضيفا: في أغلب الغابات الحراجية طرقات غير معبدة ولا تجري عليها أية عمليات صيانة أو تنظيف من الصخور والأتربة التي تتراكم بفعل عوامل السيول والأمطار في فصل الشتاء ، كما لا توجد آليات إطفاء كافية في نقاط المراقبة الحراجية، وتتجمع آليات الإطفاء في المراكز الكبيرة فقط، وعند حدوث الحرائق تتأخر آليات الإطفاء وتتوسع رقعة الحريق وتزدادا قوة النار ويصعب إخمادها، بالإضافة إلى أن وعورة المناطق تعيق سرعة إخماد الحريق .

وبدوره عزا المهندس حسان حسن عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة في محافظة طرطوس نشوب الحرائق إلى ارتفاع درجات الحرارة وأحيانا عبث العابثين.

وردا على سؤالنا حول الدور الذي يقومون به لمنع نشوب الحرائق وإخمادها في حال نشوبها أفاد حسن: نقوم بعملية تنظيف مستمرة لجوانب الطرق ونشر الإرشادات عن طريق الوحدات الإرشادية لمنع رمي أعقاب السجائر، ووضع لوحات في المحميات الطبيعية لنشر الوعي حول عدم نشر المخلفات…لدينا لجان مشكلة منتشرة بكافة المواقع والمناطق ومجهزة بكامل التجهيزات تقوم بالتوجه لأقرب حريق وإن كان كبيرا وتطلب مؤازرة يتم التعاون مع الوحدة الإدارية والشرطة، ودائرة الحراج هي المسؤولة عن جميع الوحدات، معتبرا أن صعوبة الوصول إلى الحريق ولا سيما عند بعده عن الطريق العام يؤخر إخماده..!

بيانات

يبدأ موسم الحرائق بتاريخ الأول من الشهر الخامس وحتى موسم سقوط الأمطار، وتبلغ مساحة محافظة طرطوس 189620 هكتارا تشغل الحراج منها مساحة 31206 هكتارا أي 17 % نجد أكبرها رقعة في منطقة القدموس تقريبا 40,8%من مجمل حراج المحافظة، وتشغل المرتبة السادسة على مستوى القطر، وتقسم المساحة الحراجية إلى قسمين طبيعية وتشكل 7729 هكتارا واصطناعية وتشكل 23477 هكتارا، وتعد السنديانات والصنوبريات الأنواع الرئيسية المتواجدة في مواقعنا الحراجية… هذا ما أشار إليه المهندس حسن ناصيف رئيس دائرة حراج طرطوس.

حريق العنازة ..أكبرها

ورأى ناصيف أن أسباب اندلاع الحرائق تتعدد تبعا للظروف المناخية والنباتية وسلوك المواطنين القاطنين أو المارين بجوار الغابة، حيث يمكن لعقب سيجارة لأحد المارة أن ينشب حريقا هائلا في غابة من الصنوبريات، ولعل أخطر هذه الأسباب مزاولة المواطنين أعمال الزراعة في عقاراتهم الزراعية وخاصة حرقهم لمخلفات أراضيهم والتي تمتد بدورها باتجاه الحراج، حيث بلغ عدد الحرائق الحراجية حتى يوم 25/8  خمسين حريقا  بمساحة حوالي 200 دونما و260 حريقا زراعيا، أكبر الحرائق الحراجية المسجلة لدينا حريق العنازة والبالغ مساحته حوالي 80 دونما بتاريخ 9/8/2016 ضمن غابة صنوبر، وقد بلغت الأضرار التي تعرض لها الحراج حتى الآن 12700000 ليرة سورية / اثنا عشر مليون وسبعمائة ألف ليرة سورية…تبلغ أبراج المراقبة المنتشرة في المحافظة 14 برجا مزودة بأجهزة الاتصال وأجهزة مراقبة للكشف عن الحرائق في بدايتها والتدخل بأقصى سرعة .

المؤازرة لإطفاء حرائق خارجية

يتم إخماد الحرائق من خلال فرق الإطفاء المتواجدة في مراكز الإطفاء والمخافر الحراجية بعد الاتصال مع غرفة عمليات الحرائق على الرقم 188 …تمت مشاركة فرق الإطفاء لدينا بإطفاء 14 حريقا خارجي في محافظة حماه منطقة مصياف.

والحديث عن أهمية التعاون بين جميع فعاليات المحافظة مع دائرة الحراج لمواجهة خطر الحرائق سواء بالآليات أو المعدات أو الأفراد أشار ناصيف إلى أن التعاون قائم ونسعى لتطويره بشكل دائم ليشمل كل مراحل مكافحة الحرائق من نشر الوعي وسرعة الإبلاغ والوصول إلى موقع الحريق والآليات اللازمة للتدخل والتحقيقات التي يجب إجراؤها لكشف الفاعل ودعم عمال وفرق الإطفاء مضيفا: لدينا في محافظة طرطوس خمسة مراكز حماية موزعة في  مركز عين عفان بصافيتا ومركز بهرمين بطرطوس ومركز بوردة في منطقة الشيخ بدر إضافة إلى مركز القدموس ومركز دير الجرد بالقدموس، ضمن كل مركز أربعة فرق إطفاء بالإضافة إلى إنشاء فرق راجلة في سرستان والنبي متى والدريكيش والنبي صالح .

وضعتم خطة تحت شعار “كلنا مسؤول” حيث تم استصدار خطة مكافحة الحرائق في دائرة حراج طرطوس من المحافظة وتم إعلان حالة الطوارئ ورفعت الجاهزية إلى أقصى درجاتها من الأول من الشهر الخامس وتستمر حتى موسم سقوط الأمطار لهذا العام …ماذا أثمرت تلك الخطة حتى هذا اليوم..؟ أجاب ناصيف: حددت هذه الخطة مسؤولية كل جهة في المحافظة وخاصة ضمن مديرية الزراعة لأن تأطير العمل وفق أسس واضحة يتيح المشاركة من قبل الجميع والابتعاد عن الارتجالية في العمل ويسمح بتوحيد الجهود لكافة الجهات وهذا ما نلمسه من خلال مساحة الحرائق الحراجية لدينا في المحافظة مقارنة مع المحافظات الأخرى .

188 للإبلاغ عن الحرائق

ونفى رئيس دائرة حراج طرطوس أي تأخير في إخماد الحرائق ورأى أن هناك تأخير في الإبلاغ عن الحرائق وهذا يعود لضعف الثقافة الحراجية لدى المواطنين ولا سيما سرعة الإبلاغ عن أي حريق يخرج عن سيطرة الفلاح في أرضه وتفضيله التهرب من المسؤولية على أن يتصل على الرقم المجاني 188 من قبله أو من قبل أي شخص يشاهد الدخان يتصاعد من أي مكان أو إبلاغ عناصر الضابطة الحراجية المعروفين لدى معظم المواطنين .

شق الطرق الزراعية

وحول عدد سيارات الإطفاء في المحافظة أشار المقدم سمير شما رئيس فوج الإطفاء بطرطوس إلى أن عدد الآليات كاف وهي كثيرة ومنتشرة على كامل أرجاء المحافظة حيث يصل عدد الآليات في كل فوج 16 آلية مجهزة، ملفتا إلى أنه تم إحداث سبعة مراكز إطفاء جديدة خلال فترة الحرب في الصفصافة وصافيتا وحمين ومشتى الحلو والدريكيش إضافة إلى القدموس والشيخ بدر وبانياس …ونفى المقدم شما أي تأخر في إخماد الحرائق معتبرا أن ملاحظة المواطن في غير مكانها ..! موضحا أن الرقم 113  مجاني وهو مخصص لمكافحة الحرائق أو المساعدة وإعلام الجهات المعنية، منوها إلى ضرورة شق الطرق الزراعية بين الأراضي وهذا يعود بالفائدة على الفلاح أولا .

بالمحصلة

مما لا شك فيه أن تدمير الغطاء النباتي ينعكس سلبا على جمالية أي منطقة وفقدان مقومات السياحة البيئية، وإن استعادة الغابة التي تعرضت لحريق يحتاج إلى عشرات السنين وربما مئة سنة في بعض المواقع …وللحد من الحرائق لا بد من توخي السرعة والدقة، فسرعة الإبلاغ عن الحرائق تؤمن انطلاقة أكبر، ودقة المعلومات تؤمن السرعة لإخماد ألسنة اللهب المتصاعدة، كما أن المسؤولية مشتركة بين جميع فئات المجتمع فلا بد من انتشار الوعي وتأمين المحروقات بالمناطق الباردة، وتشديد الرقابة من قبل العناصر الحراجية إضافة إلى تدارك الخلل للجهوزية أكثر، تحسبا لكوارث أكبر لا تحمد عقباها .

البعث ميديا/ طرطوس/دارين محمود حسن