ثقافة وفن

«سكان البحر».. كنوز طفولية في «العرائس»

حيوية الاطفال وشوقهم في رؤية عرض مخصص لهم يمنح بدايته الكثير من الشحن الإيجابي لإنجاحه، فهم صادقون في شوقهم ورغبتهم لرؤية ما يقدّم لهم، وهكذا دائماً البداية في مسرحية )سكان البحر( الذي يقدّم على مسرح العرائس يومياً بعرضين في فترتي الصباح والعصر، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها ممثلو العرض إلا أنّهم يبدون أكثر حيوية مع لغة الأطفال وانفعالاتهم الصادقة.

والعرض يروي مغامرات غواص يبحث عن الكنز في أعماق البحر ليتعرف على لؤلؤة وهي إحدى شخصيات العرض والتي تريد الخروج من أجواء البحر المملة كما تدّعي، ولكنها تكتشف عدم مقدرتها على العيش خارج بيئتها والكائنات التي تعودت وجودها، فيرجعها الغواص إلى بيئتها من جديد، وثانياً الغواص وأثناء بحثه عن الكنز يلاحظ العلاقات التي تحدث داخل البحر وبين الكائنات الأليفة والمتوحشة، وتجري أحداث كثيرة بينها للوصول إلى فكرة أنّها لا يمكن أنّ تعيش مع بعضها إلا بالحبّ فقط، والعرض يحمل الكثير من الأفكار الإيجابية كالتعاون للوصول إلى الهدف، والحذر من الغرباء، والتصدي للخطر، والمقاومة بجهود مشتركة، والاشتياق للأصدقاء، والكثير من الأفكار النبيلة والهادفة معاً لتنشئة الأطفال، وتكريس الإيجابية في حياتهم.

إنّه الحبّ يا أصدقائي الأطفال: فبالحبّ نكبر ونسمو ونرتقي ونحقق أحلامنا وأمنياتنا…كانت هذه كلمات مخرج مسرحية سكان البحر مدير مسرح العرائس )محمود عثمان( الذي تحدّث لنا: عملي هو إخراج مسرح كبار للصغار، وحقيقةً لم يكن في ذهني إخراج مسرحية عرائس، ولكن مع تعييني مديراً للمسرح شجّعني كاتب نص سكان البحر )كمال بدر( على قراءة النصّ فوجدت فيه الكثير من النواحي الإيجابية، كما أنّه حمل لي الكثير من التحريض.

وعن الحلول الإخراجية أضاف: مع الآسف لم أتمكن من وضع الحلول الإخراجية كما تصورتها، فمثلاً كنت قد وضعت فكرة أنّ يكون هناك حوض ماء طبيعي على المسرح، والممثلين يسبحون فيه، وما عوّق الموضوع هو الإمكانيات المادية التي تقدر ب 10 ملايين، وبالتالي استعضت عن ذلك بالشكل الحالي ضمن الإمكانيات المتاحة، وبالرغم من ذلك كان الحلّ الإخراجي جميل جداً ويوحي بطابع البحر وأجواء الكائنات البحرية، وقريب للأطفال وخيالهم. وكنت فكرت أيضاً بصورة تظهر )سمكون( داخل بطن )قرشون( عندما يبتلعه (ملاحظة: سمكون وقرشون اسمان لشخصيتان في المسرحية) من خلال وجود قماش شفاف، ولكن حتى هذا المشهد سيكلف مادياً أكثر مما هو متوقع، فكان الحلّ البديل هو وجود دمية ثانية لقرشون منتفخة البطن وذيل سمكون خارج من فمه. وقد عملت على تحريض خيال الطفل من خلال تعليق كائنات بحرية في السقف وتحريك الأسماك بطريقة توحي كما لو أنّها تسبح حقيقة، فخيال الطفل واسع ويشجّع على دراسة دقائق الأمور.

unnamed

وعن الجديد القادم الذي يخطط له الفنان محمود عثمان أشار: المشروع القادم هو العمل على تقديم  شخصيّات شكسبير التي تعتمد على الرواية، وتحويلها للأطفال، وهذا مشروعي الذي بدأته قبل مسرحيّة سكان البحر، ولكن المشروع بحاجة لتحضير أكبر واهتمام بكلّ التفاصيل من الإعداد إلى كلّ المراحل بما يتناسب مع فكر الطفل.

أمّا مساعدة المخرج آلاء مصري زادة قالت: نقدّم في كلّ يوم عرضان، فالعرض الصباحي خاصّ بتلاميذ المدرسة وحدهم، وهناك تفاعل واضح وأكثر من عرض العصر المختلط بين الأطفال وأهاليهم، وأنا أُعزي السبب إلى أنّ العرض الصباحي يجعل الأطفال على طبيعتهم أكثر دون خجل من الكبار، فيبدون أكثر راحة في التعامل، فهم يحبّون الدمى والألوان ويسوقون في خيالهم.

الفنان أسامة تيناوي الذي لعب دور الغواص يقول عن التجربة: كنت متخوفاً من ألا تصل الأفكار للأطفال بسهولة، ولكن ما وجدّته هو أنّ ما وصلهم كان أكثر مما توقعت، وذلك من خلال ردّة فعلهم في الصالة فأيّ فعل خاطئ تتعالى الصيحات بالنفي، وعند الفعل الإيجابي تتعالى صيحاتهم بالموافقة، وبعد الخروج من صالة العرض أجدهم يؤكدون الأفعال ويشرحون لي كثير من التفاصيل التي تعلقوا بها بما لا يمكن توقعه.

تجسد الموسيقا عنصر جاذب ومهم في العرض لا سيما عروض الأطفال وعن ذلك تحدث الفنان سامر الفقير: لقد وضعت الموسيقا بما يتناسب مع النصّ الذي يتكلم عن البحر والشخصيات التي منها ما يحمل الخير ومنها مايحمل الشرّ، فما صنعته من الموسيقا هو ما يتلائم مع الشخصية إن كانت جيدة أم لا، وعملت على جعل الموسيقى مهيئة للطفل لكشف الشخصيات المزيفة حسب ترتيب المشاهد ليصلوا إلى الحقيقة. والموسيقا في أيّ عرض هي ممثل فاعل جداً، وهي إحساس مساعد ومكمل للعرض المسرحي، وعنصر لا يمكن إلغاؤه، وأنا شخصياً أتابع البروفات وأقرأ النصّ قبل صناعة الموسيقا كي يكون هناك تفهم مناسب للنص والخروج بما يتلائم تماماً مع العرض النهائي.

وعلى الرغم من الشرط المفروض في مسرح العرائس الذي يعاني من ضيق المساحة والمحدودية في الفضاء إلا أنّ الديكور المخرج والأدوات المنتقاة جاءت مناسبة وجذابة جداً مع اللون الأزرق وصوت المياه فكان الانسجام بن هذه العناصر كلّها ناجحاً بنسبة كبيرة. والعرض يتألف من قسم تمثيلي قام به كلّ من أسامة تيناوي ومحمود عثمان، وعنصر مرتبط بأداء الأصوات التي رافقت الدمى وقام بأدئها كلّ من: محمد خير حسون، قصي قدسية، سوزان سلمان، روعة شيخاني، أسامة تيناوي، ياسين بشار، وأيّمن عبد السلام. أمّا تحريك العرائس فقام بها كل من: كمال بدر، أيّهم جيجكلي، إيمان عمر، زينب ديب، رنا صعب، رندة الشّماس، خوشناف ظاظا، وآلا مصري زادة. والعرض برعاية وزارة الثقافة – مديرية المسارح والموسيقى – مسرح الطفل والعرائس.

البعث ميديا عامر فؤاد عامر