مساحة حرة

معركة الخائبين الأخيرة .. ؟!

د. تركي صقر

معركة الجنوب او معركة درعا او معركة الجبهة الجنوبية تسميات تتناولها وسائل الإعلام المختلفة بكثير من الاهتمام وأحيانا التضخيم والتهويل .. وفي خضم هذا الضجيج المتلاطم الأمواج يأتي كمين الغوطة الشرقية ليقدم سلفة على الحساب لمن يحلمون بتغيير موازين القوى على الأرض وقبله كان التحذير الروسي للسعودية حازما وأكثر من أي وقت مضى كخطوة استباقية بعد ان تقاطعت الانباء بأن المملكة تعتزم شراء صواريخ أرض جو تحمل على الكتف وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات مصنوعة في باكستان لتسليح المجموعات الارهابية المتمركزة في الأردن وتضمن التحذير الروسي كلاما واضحا ان مثل هذه الخطوة ستعرض الامن في ارجاء منطقة الشرق الاوسط وغيرها من المناطق للخطر وبعده جاء بيان حزب الله جازما وصارما بالرد على الغارة الإسرائيلية  ..

لاندري إذا كانت المملكة العتيدة التي بدلت أمير إرهابي بآخر بعد فشله خلال الثلاث السنوات الماضية تريد ان تجرب حظها مرة أخرى وقد تكون الأخيرة وبتحالف مفضوح مع الإسرائيلين  أوبمعنى آخر، تريد ان تنفذ خطتها الإرهابية الجديدة مزنرة بالسلاح الباكستاني وبالدعم الاسرائيلي وبالغطاء الأمريكي ونسيت أنها جربت تنفيذ الخطة نفسها عندما زودت عصاباتها على الارض السورية بأعداد متنوعة من مضادات الدروع التى تم شراؤها من كرواتيا و أوكرانيا و دول يوغسلافيا السابقة و ارسلت عبر الحدود الأردنية مثل صواريخ ار بى جى 29 و الكونكورس و الكورنيت بالأضافة الى صواريخ اتش جى 8 الصينية . وفعليا تم تسجيل اول ظهور لصواريخ التاو فى سوريا فى احدى الصور التى تظهر احد قتلى الارهابيين فى الغوطة الشرقية , وكانت الصفقة الأكبر مع أوكرانيا حيث اشتملت على مجموعة من الصواريخ المضادة للدروع و المضادة للطائرات و دانات الهاون و القنابل اليدوية و قاذفاتها و مدافع عديمة الأرتداد , هذه الصفقة تم تسليمها الى مجموعات إرهابية مسلحة على الأرض وأثبتت هذه الخطة  فشلها الذريع ..

وباعتبارها لم ترتو من الدم السوري حتى الآن تعاود مملكة الإرهاب والظلام الكرة بإنشاء نقطة تحشيد على الحدود السورية – الأردنية يتم فيها تدريب عدد كبير من الإرهابين على تكتيكات حرب العصابات و على عدة انواع من الأسلحة الباكستانية مثل الأسلحة الرشاشة الخفيفة و المتوسطة بجانب صواريخ “أنزا” المضادة للطائرات و التى يصل مداها الى 4000 متر و تتميز بدقتها البالغة , و من ضمن هذه الأسلحة صواريخ “باكتار-شيكان” و هى النسخة الباكستانية من الصاروخ الصينى “اتش جاى 8″ و الذى ظهر خلال المعارك فى سوريا , النسخة الباكستانية يتجاوز مداها 5000 متر و تتميز ايضا بدقة كبيرة و امكانية استخدام جهاز تهديف ليزرى لزيادة احتمالية الأصابة هذا ما يجري الحديث عنه بكثرة هذه الأيام ..

لايمكن بعد هذا إسقاط جدية المعركة القادمة بغض النظرعن التهويل بقرقعة السلاح والتحشيد والتحضير لمعركة يسمونها معركة العلمين الجديدة جنوب سورية وإلا لما كان التحذير الروسي الذي جاء فيه ان موسكو تعبر عن قلق بالغ وهذا باللغة الدبلوماسية بمثابة إنذار وقوته تكمن في انه صدر بعد الانقلاب الأوكراني مبشرة على الشرعية هناك الذي تم بترتيب أمريكي غربي معروف وربما  بتمويل  سعودي سري مما يشير الى ان الكرملين سيكون اكثر تشددا في وقفته الى جاتب شرعية الدولة السورية ولن يسمح باسقاطها سواء بمعركة الجنوب التي يعدون لها العدة والعتاد ومسرح العمليات ام بغيرها في الوقت ذاته باتت موسكو تدرك أكثر بعد الحدث الاوكراني ان امريكا لاتعاملهم الا بطريقة الغش والخداع  وانها لم تغير أساليبها منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي بل انها طورت هذه الاساليب نحو الاسوأ مع اعتمادها على سياسة القوة الناعمة بعد هزائمها المتكررة عن طريق التد خل المباشر بالقوة العسكرية .

لاحاجة للسؤال ان ما يريد ه التحالف الصهيو سعودي الأمريكي من وراء مايسمى معركة الجنوب هو تغيير المعادلة على الأرض بعد أن خاب أملهم من تحقيق اي اختراق على طاولة المفاوضات في مؤتمر جنيف لتسليم السلطة في دمشق الى أدواتهم العميلة ..ويدأت هذه العملية حتى قبل ان تنتهي الجولة الثانية من جنيف 2  بإجتماعات امنية بين الدول الغربية لتنسيق الجهود لأشعال هذه المنطقة, حيث في غضون الايام الماضية اجتمعت دول السعودية و بريطانية وفرنسا و قطر و الاردن و الولايات المتحدة لتنسيق الجهود لأدخال الاف المسلحين المدربين جيدا الى منطقة درعا عن طريق الأردن بالإضافة الى تسليحهم تسليحا نوعيا يشمل صواريخ حرارية مضادة للطائرات و صواريخ مضادة للدروع  وغيرها..

المعركة  واضحة  وهدفها أشد وضوحا وهو القاء خيار الحل السياسي  جانبا الى حين احداث اختراق في الاراضي السورية من جهة الجنوب بؤدي بحساباتهم الى فك الحصار عن الغوطتين واشعالهما من جديد في محاولة لأقتحام دمشق وخلط اوراق اللعبة و قلب موازين القوى التي بدأت منذ فترة تميل لصالح الدولة بعد الانتصارات الاستراتيجية التي حققها الجيش العربي السوري في حلب والشمال و انطلاقا من معركة القصير وصولا الى القلمون ..

  إذن هي معركة الخائبين طوال السنوات الثلاث الماضية وربما تكون معركة الفرصة الاخيرة لهم التي يمكن ان تشهد أهم التحولات الدراماتيكية في الحرب الكونية على الارض السورية, ويبدو ان السعودية التي تشكل رأس الحربة في هذه المعركة تعيش وهم ان سطوتها البترو دولارية يمكن ان تحسم الأمور لصالحها او على الأقل يمكن ان تعيد التوازنات الى نقطة الصفر ولذلك نراها غير مستعدة للاعتراف بهزائمها السابقة وماضية بجعل معركة الجنوب السوري معركتهم الحاسمة لأن خسارتها يعني بالنسبة لهم ليس فرض التسوية من جانب الحكومة السورية وانما انقلاب السحر على الأفعى السعودية بالكامل  وارتداد نار الارهاب التي اشعلتها في ارجاء المنطقة الى داخل البيت السعدوي المتداعي أصلا ..

إن التحذير الروسي ومن خلفه جدار صلب من المواقف الصينية والايرانية ودول البريكس الأخرى الثابته لم يأت من فراغ وهو ليس للدعاية والاستهلاك بل استعداد كامل لمواجهة الاحتمالات كلها والانتصار بهذه المعركة التي تعد حربا عالمية ثالثة في الوكالة بل وأن تكون المعركة الاخيرة الفاصلة إذا ما أقدم الخائبون والحمقى واصحاب الفكر الظلامي الأسود على اشعالها والإدراك في أعلى درجاته أنه  لايجوز الاستهانة بها اوالتفريط باي شكل من الاشكال بثلاث سنوات من الصمود الأسطوري للشعب والجيش السوري مهما كان الثمن ..

tu.saqr@gmail.com

 البعث ميديا