محليات

الرفيق المهندس علاء منير إبراهيم محافظ ريف دمشق في حوار مع “جريدة البعث”

– للبيئة الوطنية في ريف دمشق دور هام في تعافي مناطقها من آثار الإرهاب
– تسارع إنجاز المصالحات الوطنية يؤكد ثقة المواطن بدولته
– نسعى إلى تأمين التعويضات المادية وفق خطة الحكومة
** تشهد محافظة ريف دمشق الواقعة على مساحة جغرافية تقدر بحوالي 18000 كم مربع تحولات جذرية متسارعة تزامناً مع الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على الأرض، حيث تتحرر المنطقة تلو المنطقة من رجس الإرهاب التكفيري الذي غزا الأرض السورية فاتكاً بالبشر والبنى التحتية بمختلف أشكالها ومفرداتها، وكان للريف الدمشقي حصة كبيرة من ذلك التدمير الممنهج الذي طال المنشآت الصناعية والصحية والتعليمية والأراضي الزراعية والمنازل ودور العبادة، ولم يستثن الإرهاب أي شيء، حتى بات حصر حجم الأضرار أمراً صعباً حتى على المعنيين، ناهيك عما تبقى من المناطق التي لاتزال رازحة تحت نير الإرهاب إلى اليوم، لكن اللافت في ريف دمشق تلك الجهود الجبارة التي فوتت على الإرهابيين ومشغليهم كثيراً من فرص التدمير عبر المصالحات الوطنية المتتالية، وهنا يبرز دور محافظة ريف دمشق التي كانت ولا تزال مواظبة على إعادة كافة الخدمات الممكنة إلى المناطق التي يتم تحريرها بنسب تتوافق مع حجم الإمكانيات المتاحة، ما ثبَّت المزاج العام الذي هيأ للمصالحات الوطنية وأعطى الإحساس بأهمية عودة الدولة إلى تلك المناطق، ورغم التفاوت في نسب الإنجاز في مسائل إعادة الإعمار والتي تخضع لعدة عوامل تتعلق بطبيعة المناطق وحجم الموارد المتوفرة، إلا أن العمل في ريف دمشق يجري ضمن رؤية واضحة للمحافظة تنسجم مع خطط الحكومة في إعادة الإعمار، مع متابعة تقديم التعويضات وفق الآليات المحددة والمعلنة، ويحظى القطاع الزراعي بعناية خاصة نظراً لأهميته في ريف دمشق، كما تحظى الصحة والتربية بالاهتمام كونهما من أكثر القطاعات تضرراً وأهمية، ويعكس الاستقرار الأمني في المناطق المحررة أو التي خضعت للمصالحة تعافي تلك المناطق والذي يتجلى بعودة قوى الأمن الداخلي إلى بعض تلك المناطق والعمل على إعادتها إلى كافة مقراتها الأصلية. وللحديث حول هذه القضايا والوقوف على واقع ريف دمشق اليوم التقت البعث بالمهندس علاء منير إبراهيم محافظ ريف دمشق في الحوار التالي:
• ما تقديركم لحجم أضرار البنى التحتية في المناطق المحررة من الإرهاب؟
** تعرضت مناطق ريف دمشق التي دخلها الإرهابيون وأحكموا السيطرة عليها لفترات متفاوتة لأضرار جسيمة بسبب التعديات التي قامت بها المجموعات الإرهابية المسلحة، تلك التعديات المدروسة والممنهجة التي استهدفت البنى التحتية لكافة المنشآت خاصة الخدمية والحكومية، إضافة إلى الاعتداءات على الممتلكات الخاصة للأخوة المواطنين، ومن الصعب حصر حجم تلك الأضرار في مختلف القطاعات نظراً لحجم التخريب الهائل لكن النسب متفاوتة بين منطقة ومنطقة وبين قطاع وآخر وتعمل المحافظة بكافة مديرياتها على إحصاء الأضرار والعمل وفق آليات سريعة بخطط إسعافية للقطاعات الأكثر إلحاحاً ومن ثم يتم العمل على إعادة كافة الخدمات أولاً بأول للمناطق التي يتم تحريرها من الإرهاب، وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية عمليات المصالحة التي تمت في عدد كبير من المدن والبلدات في ريف دمشق لجهة التخفيف من حجم الدمار والخسائر سواء في قطاعات الخدمات أو في الأرواح.
• هل أعدتم الخدمات إلى المناطق المحررة كاملة؟ وهل المزاج العام يرى في الدولة ملاذاً؟
** تعمل محافظة ريف دمشق على إعادة الخدمات الضرورية إلى المناطق المحررة خاصة القطاعات التي ترتبط بحياة المواطن اليومية، كإعادة الأفران وتأمين المياه والصرف الصحي والمحروقات، وصيانة المدارس وتجهيز مداخل ومخارج الطرق الرئيسية بالإضافة إلى تأمين بعض الإعانات كالسلال الغذائية وملحقاتها. أما ما يتعلق بسؤالك حول المزاج العام فالطبيعي والبديهي أن الجميع أو لنكون دقيقين الغالبية العظمى ترى في الدولة الملاذ والحضن الدافئ.. ولولا هذا الشعور المتجذر في عقول ونفوس الأهالي لما استطعنا إنجاز المصالحات الوطنية التي تمت في غير مكان من المحافظة، وهو ما يؤكد ثقة المواطن بدولته خاصة بعد أن رأى همجية وعشوائية وفوضى وجهل تلك المجموعات الإرهابية التي حرمتهم أبسط مقومات الحياة وهو ما لم يمر به المواطن السوري قبل تعرضه للإرهاب.
• ما نسب الانجاز في عملية إعادة الإعمار في الريف؟ وهل تتبنون رؤية متكاملة لذلك حالياً؟ وماذا تقدمون للمتضررين جراء الأعمال الإرهابية؟
**تختلف الأمور بين منطقة وأخرى حسب حجم الأضرار والإمكانيات المتاحة للمحافظة، وتسعى المحافظة إلى تأمين الحاجات الضرورية من أجل إعادة الخدمات إلى الوضع المقبول تمهيداً لإعادة الإعمار. وتملك المحافظة رؤية متكاملة محلية حيث يتم العمل فور تحرير أي منطقة بدخول المديريات الفنية لتقييم الأضرار والمباشرة بإعادة الصيانة وتأمين المطلوب. وتسعى المحافظة الى تأمين تعويضات مادية وفق خطة الحكومة من خلال لجنة تعويض الأضرار وفق الكشوفات الفنية المصدقة بالنسبة للمنازل والقطاعات الأخرى، فبعد ستة أشهر من بدء الأزمة تم تشكيل لجنة في أيلول 2011 مهمتها وضع أسس عامة بشأن التعويض عن الأضرار اللاحقة بالممتلكات الخاصة العائدة للمواطنين غير المؤمن عليها والناتجة عن أعمال التخريب المرتكبة من قبل الإرهابيين، وذلك في إطار الجهود الحكومية المبذولة لمساعدة المتضررين والتخفيف من معاناتهم من خلال تأمين حاجياتهم الأساسية وتيسير الظروف المناسبة لعودتهم إلى مناطق إقامتهم الأصلية، ورغم وجود بعض الصعوبات في إمكانية تقديم الثبوتيات اللازمة للتعويض في بعض المناطق، إضافة إلى تعرض وثائق المنازل أو السيارات أو المحلات للفقدان أو الاحتراق نتيجة الأعمال الإرهابية، مع ذلك تتم معالجة هذه الحالات وغيرها وفق حزمة من القرارات التي تعرض على اللجان المختصة لإقرار ما يلزم بشأنها ومتابعة صرف التعويضات.‏
• محافظة ريف دمشق غنية بالأراضي الزراعية، وقد تعرض هذا القطاع لتخريب كبير، هل تتبنى المحافظة خطة للتعويض على المتضررين؟ وماهو الدعم الذي يتم تقديمه للزراعة الآن؟
** تنظر المحافظة إلى جميع القطاعات وفق الحاجة الماسة للمواطن وبما أن القطاع الزراعي هو قطاع أساسي فنحن نعمل دوماً على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي خاصة الأسمدة والمحروقات والبذار إضافة إلى تأمين بعض الإعانات من الجهات المانحة وفق الحاجة والضرورة والإمكانيات، ونعمل على تسهيل دخول الفلاحين إلى أراضيهم في المناطق المحررة خاصة في مناطق قطنا وسعسع وقسم من الغوطة. أما بالنسبة للتعويض في القطاع الزراعي، فالعمل جار على إيجاد الحلول والطرق المناسبة لذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة.
• تعرض قطاعا الصحة والتربية لتخريب إرهابي ممنهج فهل من تقديرات لحجم الأضرار؟وكيف تعاملت المحافظة مع ذلك التخريب؟
** تعرضت كافة القطاعات الخدمية للتخريب والاستهداف ما شكل عبئاً كبيراً على مختلف تلك القطاعات خاصة في المناطق الآمنة التي استقبلت الوافدين من مناطق أخرى أو تلك التي عاد الأهالي إليها بعد تحريرها أو المناطق التي عادت إلى حضن الوطن عبر المصالحات، ويعتبر قطاعا الصحة والتربية من أكثر القطاعات استهدافاً نظراً لتفوق سورية فيهما قبل الحرب الإرهابية على دول الجوار والمنطقة خاصة أن القطاعين مجانيان ومتفوقان بشهادة كل العالم، ما شكل لدى الإرهابيين وداعميهم حافزاً على استهدافهما بغية إضعاف سورية وإغراقها بالجهل. ففي قطاع الصحة خرج عن الخدمة 62 مركزاً صحياً من أصل 189 مركزاً، وخرجت عن الخدمة خمسة مشاف من أصل تسعة، أما العيادات الشاملة فخرج عن الخدمة أربع من أصل ست عيادات في المحافظة، وقدمت مديرية الصحة 41 شهيداً و31 مصاباً وخمسة مفقودين حتى تاريخة. أما سيارات الإسعاف فقد خرجت من الخدمة 32 سيارة، إضافة إلى الخسائر في الأدوات الطبية والتجهيزات التي تقدر بالمليارت. ونعمل من أجل إعادة كافة الخدمات الصحية في المناطق المحررة وخاصة تجهيز المستوصفات والعمل جار لإعادة صيانة مشفى داريا والمركز الصحي بتكلفة تفوق سبعة مليارات، إضافة إلى صيانة مركز المعضمية الصحي ومراكز قدسيا والهامة وخان الشيح والدرخبية وزاكية وغيرها. أما في قطاع التربية: فقد بلغ عدد المدارس المتضررة جزئياً 206 مدرسة، والمتضررة كلياً 76 مدرسة، وفي دوما والغوطة يوجد 344 مدرسة خارج الخدمة والسيطرة، وبلغ عدد الشهداء من الطلاب 228 طالباً، و73 معلماً، وعشرة معلمين مخطوفين، وعشر سيارات مخطوفة ومدمرة إضافة إلى تجهيزات ووسائل تعليمية مدمرة، وقد تم إصلاح وصيانة 573 مدرسة بتكلفة بلغت حوالي 541 مليون ليرة سورية وتم تأمين المستلزمات التعليمية كاملة في المناطق المحررة.
• كيف تقيّمون الجانب الأمني في المناطق المحررة؟ وهل عادت قوى الأمن الداخلي إليها؟
** لعبت البيئة الوطنية في ريف دمشق دوراً هاماً في تعافي المناطق من آثار الإرهاب والإرهابيين بشكل سريع ومريح، فهي اللبنة الأساسية في إنجاز المصالحات التي عززت الوحدة الوطنية، وشكلت السلاح الفعال في مواجهة كل أنواع المؤامرات الإرهابية، ويشهد على ذلك الاستقرار الأمني المترافق مع خروج الإرهابيين من الأحياء والقرى والمدن، وعودة الأمن والأمان إلى تلك المناطق السكانية، وشكّل مرسوم العفو الرئاسي رقم /15/ لعام 2016 الذي شمل كل من حمل السلاح وكان فاراً من وجه العدالة وبادر الى تسليم نفسه وسلاحه وكل من بادر الى تحرير مخطوف لديه من دون مقابل، شكل هذا المرسوم المهم عاملاً أساسياً في نشر حالة الاطمئنان، وساهم إلى جانب تسهيل عمليات المصالحة في استقرار الحالة الأمنية بعد تحرير المناطق، خاصة وأن الجميع بات يعي هدف الدولة المتمثل في احتضان أبنائها، وتأمين حياتهم وأمنهم وعودة دوران عجلة الحياة من صناعة وزراعة وتجارة وتعليم وتطوير وحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة..، ولابد في معرض الحديث عن الجانب الأمني وما شهده من تطورات من الإشارة الى ما شهدناه في اليومين الماضيين من تسوية أوضاع نحو 700 شخص من أبناء بلدة سرغايا، وسيلتحق قسم كبير منهم بخدمة العلم بينما سيتابع الآخرون حياتهم الطبيعية ضمن مجتمعهم، وهنا لا بد من التنويه بموقف أهالي البلدة الوطني الذين حافظوا على العلم الوطني مرفوعاً على الدوائر الحكومية التي كانت تعمل بشكل اعتيادي رغم وجود المسلحين الغرباء داخل البلدة. وندعو من هذا المنبر الأهالي في الغوطة الشرقية وخصوصاً في مدينة دوما “إلى زيادة الضغط الشعبي لإخراج المسلحين الذين يحتجزون الأهالي هناك كرهائن حتى يعود كامل ريف دمشق إلى حضن الوطن”، وبالنسبة للمصالحة في الزبداني ومضايا فهي مرتبطة ببلدتي كفريا والفوعة وستُحلّ قريباً. وتسير عملية المصالحة في بلدتي يلدا وبيت سحم بشكل طبيعي بينما تسير المصالحة في القابون بالتوازي مع عمليات الجيش العربي السوري ضد المجموعات الإرهابية هناك. أما قوى الأمن الداخلي، والتي تمثل حضور الدولة وتحفظ الاستقرار الأمني، فقد عادت الى مناطق عديدة منها قدسيا والتل والمعضمية وزاكية والعمل جار على تأمين مستلزمات عودتها إلى كافة المناطق..
                                                                                                                          *حاوره: بلال ديب