ثقافة وفن

«غزوات شعوب البحر» كتاب يرصد غزو أجنبي طال شرق المتوسط قبل 3 آلاف عام

يتناول كتاب غزوات شعوب البحر الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب المرحلة بين نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد عندما تعرضت سواحل بلاد الشام وآسيا الصغرى ووادي النيل لغزوات خارجية مدمرة على يد من سموا اصطلاحا “شعوب البحر”.

ويشير مؤلف الكتاب نزار مصطفى كحلة إلى أن شعوب البحر انطلقت من السواحل الشرقية لأوروبا وجزر بحر إيجه مدمرة أمامها الامبرطورية الحثية ومملكتي أوغاريت وآلالاخ مستعرضا الواقع التاريخي في المنطقة قبيل هذا الغزو من انحلال في الدولتين البابلية والآشورية والصراع المرير الذي خاضه الفراعنة والحثيون للسيطرة على بلاد الشام.

أما عن دوافع غزو شعوب البحر للمنطقة فهي بحسب المؤلف الضغط الديموغرافي السكاني الذي نجم عن تراكم تحركات لشعوب أتت من شمال وشمال شرق أوروبا لأسباب مختلفة منها “المناخ .. الحروب .. الصراعات القبلية” تجاه المناطق التي جاء منها شعوب البحر وهي جنوب شبه جزيرة البلقان وجزر شرق المتوسط والتي كانت بدورها تنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض على المراكز الحضارية في حاتوشا عاصمة الحثيين ومدن الساحل السوري ومصر وجزيرة كريت.

ويوضح كحلة أن غزو “شعوب قبائل البحر” استمر لنحو قرنين من الزمن متحدثا عن غزو مصر الذي بدأ في عهد الفرعون مرنبتاح “1224-1214 ق.م”.

ويسهب كحلة في وصف غزو شعوب البحر لبلاد الشام ومدن الساحل السوري عقب قضائهم على الحثيين في الأناضول بدءا من تدميرهم مدينة كركميش في أقصى الشمال السوري ثم غزوهم مملكة أمورو غرب وشمال غرب سورية ومملكة آلالاخ الأمورية عند المجرى السفلي لنهر العاصي ومملكة أوغاريت التي لحق بها دمار شامل ومملكة قادش في حمص إضافة إلى غزو شعوب البحر لصيدا وصور وباقي الساحل السوري.

ويلفت كحلة إلى أن حركة شعوب البحر غيرت وجه العالم القديم حيث أدت إلى انتهاء الحضارة الكريتية في جزر البحر المتوسط ونشر الخراب فيها وتعرضها لانتقالات ديموغرافية كبرى لكنها أيضا أدت إلى تحرير سورية من الهيمنة الخارجية من الحثيين شمالا والفراعنة جنوبا ما دفع بالممالك والإمارات السورية للتحرر من هذه الهيمنة.

يشار إلى أن كتاب غزوات شعوب البحر الذي يقع في 304 صفحات من القطع المتوسط هو خامس اصدارات الباحث نزار مصطفى كحلة بعد كتب “التخدير والإنعاش عبر التاريخ” و”ملكات عربيات عبر التاريخ” والمدارس والتعليم في تاريخ الشرق العربي القديم فضلا عن مساهمته بتأليف كتاب “شخصيات من ذاكرة سلمية”.