ثقافة وفن

ضِدّان

برغم مرور عشرات السنين على مسلسل “أسعد الوراق ” لاتزال صرخة منى واصف الفنانة القديرة لحظة وفاته الصرخة ترّن في الأذن، تلك التي أنهت المسلسل وزادت من عذابات الشخصية التي قدمتها. وهو ليس الدور الوحيد الذي رسخته في الأذهان من خلال أدائها الحقيقي، إذ هاهي تسلب الأنظار اليوم في “الهيبة ” وكأنها تكرس في كل أداء أن النجومية حقيقة حاضرة للفنان الحقيقي ما إن يتوفر له النص الجيد والدور المشغول بعناية ومايسترو يقف خلف الكاميرا يديرها بجدارة، حتى ننساق خلفه نصدقه ونتعاطف معه أيّاً كان الدور.

في ذات السياق يأتي أداء نجم استطاع في كل ظهور له على الشاشة أن يقدم أداء مقنعاً حد الإدهاش حتى نكاد لا نتخيل أن بسام كوسا يُمثل، بل لعلها كاميرا خفية تقتفي خطوات واقعه الحياتي اليومي، من أيام شامية إلى الزير سالم فابناء القهر. إلى الفصول الأربعة بدور الرجل التقليدي، حتى أننا تعاطفنا مع الأيدعشري الصعلوك في باب الحارة وصالح في عصر الجنون، وانجرفنا معه بدراً في ما وراء الشمس، وصدقنا أنه هو ذاته الموظف الذي كثيراً ما نصادفه في البعض من الدوائر والمؤسسات في ” قانون ولكن”.

هنا يتنازعك ضدّان من المشاعر، الخشية من الاختيارات التي يتصدى لها فنانين وممثلين قديرين، وأدائهم لبعض من الأدوار التي تحمل من الرسائل ما تحمله، ذلك من خلال قدرتهم على الإقناع والاستحواذ على عقل المتلقي وجره إلى التعاطف مع الشخصية ذاتها.

ومن هنا تأتي الخطورة في أدوار قد ينجر إليها نجم صاعد أدهشنا في مسلسل” نص يوم” العام الماضي في أدائه لدور اللص والمحتال، بأداء وتكتيك غير اعتيادي، حتى أنه سرق الضوء من أبطال المسلسل الذين سبقوه إلى النجومية، من هنا تأتي خطورة دوره في مسلسل “الهيبة” الذي يعرض حالياً بشخصية صخر الذي بدأ بكسب تعاطف المشاهدين بينما يروج في الجانب الأساسي للمسلسل والواضح السلبية لحمل السلاح الذي يمجَّد في كل حلقة من حلقاته ويتم التغني بحمله على اعتبار أن ” السلاح ميزة الرجال الشجعان”.

والارتياح؛ أن مسلسلاً مثل ” لآخرنفس” يحمل رسالته في الثورة على عادات وتقاليد ومناقبية هي الحارس ليومياتنا، والتي أنتجت برأي بطله الرئيسي ” ضميراً” منع شريكته في العمل من الانجرار إلى غاياته في خرابٍ للوحدة الأولى في المجتمع وهي العائلة، لم يتمكن حتى اللحظة من حمل المشاهد على التعاطف والتماهي مع أدائه السطحي للشخصية.

دمشق: بشرى الحكيم