معركة البادية.. ومستقبل الصراع على المنطقة؟
كما كانت معركة حلب في بعدها الإستراتيجي معركة كسر إرادات بين المحاور الإقليمية الفاعلة، وقد أدى انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه فيها إلى إفشال مشروع الحرب على سورية بكل أهدافه المباشرة والبعيدة، نجد هنا بأن معركة البادية وتقدم الجيش العربي السوري وحلفائه بخطى ثابتة ومدروسة وصولاً إلى الحدود السورية مع العراق شمال شرق مركز التنف الحدودي وتحرير أكثر من 20 ألف كيلو متر مربع من تنظيم “داعش” الإرهابي، لم يؤدِ إلى تعثر المشروع الصهيو- أمريكي فحسب، بل إلى دفنه وإلغاء ما سمي بالشرق الأوسط الجديد الذي رسمته الإدارة الأمريكية السابقة وتعمل على تنفيذه إدارة الرئيس ترامب بالتعاون مع حلفاء أمريكا في المنطقة من خلال خلق بؤر لتنظيمات تابعة لها بوجود مباشر للقوات الأمريكية، خاصة في البادية السورية القريبة من الحدود السورية مع الاردن والعراق تحت اسم مناطق آمنة جديدة، خارج حدود اتفاق الأستانا وتختلف كلياً عما اتفق عليه هناك وتم تسميتها بمناطق تخفيف التوتر التي حددت بأربع مناطق محددة يتم العمل فيها وما حولها لتحقيق مصالحات وطنية شاملة، ولا يُقصد منها أن تبقى كنتونات إرهابية محمية وخارجة عن سلطة الدولة السورية وحكومتها الشرعية كما تتمنى وتشتهي وتعمل على جعلها الإدارة الأمريكية.
لذلك نؤكد بأن معركة البادية والإنجازات الكبيرة المتسارعة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفائه رغم محاولات قوات التحالف الأمريكية عرقلة تقدم الجيش العربي السوري لأكثر من ثلاث مرات فاشلة، لم تُثن بواسل قواتنا المسلحة عن متابعة تقدمها باتجاه الحدود الدولية مع العراق، وهو انجاز إستراتيجي من الناحية العسكرية والأمنية، وسيؤدي هذا النجاح بكل تأكيد إلى منعكسات ايجابية على كامل الميدان السوري وسيترك الأثر الفاعل على ساحة الصراع الإقليمي والدولي المعقد بل وسيكون العامل الحاسم في هزيمة المحور المعادي لسورية الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على بقية الجبهات، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ” ماريا زاخروفا ” في مقابلة لها مع مراسل سانا الأخبارية: إن الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة والدول الداخلة في تحالفها على مواقع الجيش العربي السوري والقوى الرديفة والحلفاء تعتبر خرقاً فظاً لمبادئ القانون الدولي بغض النظر عن المهمات التي يزعمون أنهم يُريدون تحقيقها في سورية والتي هي غير شرعية إطلاقاً ..مضيفةً : يبدو أن بعض الدول الغربية والإقليمية تشعر بوجوب تنفيذ التزامات ووعود معنوية كانت قد قدمتها لتلك المجموعات المسلحة ولذلك تقوم بحمايتها على هذا النحو أو ذلك الأمر الذي يدل على قرب احتضار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بعد أن فشلت جميع مخططاته في سورية..”.
تُثبت الأحداث السياسية والعسكرية المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، إلى قرب الهزيمة المحتمة لمحور واشنطن المعادي لمحور المقاومة، وليس فشله في تحقيق أهداف مشروعه التخريبي برمتها جراء الحرب على سورية فحسب، بل وربما دفنه وكل التحركات التآمرية المماثلة في المنطقة إلى غير رجعة، مع استمرار التقدم والنجاح الذي يُحققه الجيش العربي السوري وحلفائه ببسط سيطرته الكاملة على الحدود السورية مع الأردن والعراق، وفتح بوابات اللقاء مع الجيش العراقي والتعاون المشترك لحماية الدولتين والشعبين الشقيقين بآنٍ معاً، حيث تمكنت القوات العربية السورية و العراقية من خلال التنسيق الإستراتيجي الميداني العالي المستوى من توسيع دائرة الآمان حول المناطق التي يتم تنظيفها من الإرهابيين منعاً لأي اختراق إرهابي محتمل، كما تمكن الجيش العربي السوري من محاصرة قوات التحالف الأمريكية وأدواتها في مناطق تمركزها واجهاض جميع مخططاتها من خلال اسقاط معادلة الجنوب والسيطرة على كل نقاط الضعف فيها وبسط الأمن على العديد من المحاور وأهمها تأمين طريق دمشق بغداد الحيوي وبالتالي القضاء على جميع رهانات واشنطن وحلفائها من الدول والتنظيمات الإرهابية الموالية لها، لذلك يُعتبر وصول الجيش العربي السوري وحلفائه إلى الحدود الدولية مع العراق تحولأ إستراتيجيا هاما وبداية رسم أفق الانتصار الشامل على كامل الأراضي السورية، وإن انجازات الجيش العربي السوري في تلك المعركة ستُثبت من جديد دور سورية المحوري والأساسي في رسم خرائط المنطقة وفق الأجندة الوطنية والقومية السورية، وليس وفق مخططات ومشاريع الأعداء.
محمد عبد الكريم مصطفى