حقيقة البراءة السعودية من الإخوان.. قراءة تحليلية للبيان السعودي
حرصت السعودية أن تضفي صيغة الوسطية والحوار والاعتدال وأن تظهر بمظهر المعادي للإخوان المسلمين الرافض لفكرهم الناقد لتوجهاتهم ، فما هي حقيقة هذا التوجه؟
وما هو الدافع الآن لأن تبرأ السعودية وفجأة من جبهة النصرة وداعش والإخوان تنظيمات الإرهاب في العالم؟
– الحقائق: ما تريد السعودية الوهابية الوصول إليه هو الإعلام لكي يلمع صورتها التكفيرية والدموية في العالم فخرجت بالبيان الملكي الرافض لكل أشكال التطرف والارهاب والغلو والتكفير وجميع الجماعات الإسلامية المتشددة للملكة في العالم.
وأما كونه عقائدياً فهذا محال وذلك لليقين التام الذي تولد في نفوس النخب العلمية والفكرية في العالمين العربي والإسلامي على أن الوهابية والإخوان المسلمين وجهان لعملة واحدة عملة هدفها تشويه الإسلام وإظهار المسلمين على أنهم مجرمون قتلة، والدليل في القواسم الحقدية والفكرية والسلوكية لحركتي الوهابية السعودية والإخوانية وهذا هو التفصيل.
1- الشعارات والرايات:
– الوهابية: ممثلة بالسعودية تبدأ من العلم السوري إذ شعاره السيف رمز الجهاد والقتل مع شهادة لا إله الا الله محمد رسول الله وربط المصحف الشريف بالقتال.
– الإخوان: شعارهم كذلك السيف والمصحف وتطور الأمر ليكون المسدس فهذا اتحاد في الرايات.
الدليل: قال ابن باز:السيف علمنا رمز جهادنا والسيف لقتل كل كافر رفض الاسلام ديناً له (1) ، أما الإخوان فقال حسن البنا: الإسلام عبادة وقيادة، دين ودولة، صلاة وجهاد، مصحف وسيف، لا ينفك أحدهما عن الآخر (2).
– الرحم والولادة:
من رحم الفكر التكفيري خرجت كبريات الجماعات الأصولية المتشددة وعلى رأسها القاعدة ومن القاعدة كانت جبهة النصرة وتنظيم داعش التكفيري.
ومن رحم الإخوان المسلمين في مصر ولادة أبشع وأكفر وأعتى الجماعات الأصولية المتشددة وهي جماعة
الهجرة والتكفير وجماعة الهجرة والترقي وجماعة الجماعة الإسلامية برئاسة أيمن الظواهري .
– رحم واحد ولّد فكراً واحداً فكانت النتيجة الجماعات التكفيرية الكثيرة في العالمين العربي والإسلامي.
يقول محمد سليم العوا: إن ولادة الجماعات الإسلامية ما كان لها أن تكون لولا الرحم الحاضن رحم التكفير رحم الوهابية المغذي لأبشع أنواع التشدد والتعصب الإسلامي (3).
– الولاء البراء: عقيدة الولاء البراء من أبرز القواسم المشتركة بين الفكر الوهابي والإخواني .
الولاء: هو حب الله تعالى ورسوله ودين الإسلام ونصرة المسلمين.
البراء: هو بغض الطواغيت التي تعبد من دون الله (من الأصنام المادية والمعنوية : كالأهواء والآراء)
وبغض الكفر (بجميع ملله) واتباعه الكافرين ومعاداة ذلك كله (4).
– الولاء للإسلام والبراء من جميع من هو غير مسلم كالنصارى واليهود وبعض الفرق الإسلامية والطوائف المكفرة من قبلهم وهكذا فالمجتمعات العربية حسب مفهوم البراء كافرة يستوجب بغضها
وكرهها والعمل على إزالتها وهو لا شك تطبيق ممسوخ وشاذ لتطبيق الإسلام.
وللعلم فإن تحت شعار (الولاء والبراء) في السعودية ما يزيد عن ألف كتاب يوصل للكره والحقد على المسلمين وغير المسلمين .
أما الإخوان فالولاء والبراء شعارهم الرئيس في انتخاباتهم البرلمانية والحزبية.
البعث ميديا-خاص
فكيف بعد ذلك نقتنع بأن السعودية الوهابية لا تعترف بالإخوان وعقيدة الولاء والبراء فيهم هي الحاكمة.
– الحاكمية لله والجاهلية الأولى:
الوهابيون قالوا بالحاكمية لله وهو شعار رفعه أبو الأعلى المردودي في الباكستان أثناء الانفصال عن الهند
واعتبر الحاكمية لله أصل ولادة الدولة الإسلامية في الباكستان وتم تكفير كل من لم يغلُ بالحكم والحاكمية
لله وألف كتابه الشهير (الحاكمية لله) الذي اعتبر المرجع الأساس لولادة خمس حركات إسلامية متشددة وهي:
“جيش محمد – عسكر طيبة – أنصار السنة – العروة الوثقى – ومؤخراً طالبان الباكستانية و الأفغانية).
من لفظ الوهابية لمفهوم الحاكمية تتم تأليف رسائل الدكتوراه والماجستير تحت هذا العنوان وغيره والذي يدور في فلكه (5).
وعن الإخوان كانت الحاكمية ومفهومها قد طُبقا عملياً من خلال تكفير الحكام والقضاة الذين يحكمون بالقوانين المدنية الوضعية وأجرى الإخوان لذلك برنامجاً استمر لأكثر من ثلاثين عاماً تضمن هذا البرنامج (اغتيال النخب العلمية والثقافية والقضائية) التي لا تقول بفكر الحاكمية (6).
– الجاهلية الأولى: وهو الكتاب الشهير لزعيم الإخوان في مصر (سيد قطب) والذي قسم المجتمعات
العربية إلى قسمين، قسم كافر يستوجب قتله وأخذ ماله وقسم مؤمن.
واعتبر المجتمعات العربية جاهلة قبل الإسلام وعليه فهم واجب قتلهم وإعادتهم إلى الإسلام الصحيح وفق زعمهم ، ومن فكرة الجاهلية الأولى كان التطبيق العملي لهذه المقولة في السعودية قد تراهم في مؤلفاتهم يكفرون بلاد الشام لعلة التصوف والمغرب العربي لعلة التشبه بالنصارى، والمطلع على كتاباتهم يجد تكفير المجتمعات العربية من أبرز سماتها.
فمن الاستحالة بعد ذلك أن تقول بأن الوهابية تنفض غبار الإخوان عنها فهم في بوتقة واحدة بوتقة الحاكمية لله والجاهلية الأولى الداعية لقتل الناس الآمنين والمطمئنين.
(إن الإسلام لا يعرف إلا نوعين من المجتمعات: مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي والمجتمعات الجاهلية عند سيد قطب هي كل المجتمعات (الشيوعية والوثنية واليهودية والمسيحية والمجتمعات التي تزعم أنها مسلمة) (7).
التكفير والمصطلحات الواحدة:
الوهابيون: كفّروا الحكام العرب جميعاً.
والإخوان: زعموا أن الحكام مغتصبون للحكم وكفار (8).
الوهابيون قسموا التكفير إلى أنواع ومنها:
1- الكفر البواح.
2- التكفير بالمعصية.
3- تكفير الحاكم.
4- تكفير من لم يكفر الحاكم.
5- تكفير الخارج عن الجماعة المسلمة.
6- تكفير المعين للحكام المسلمين.
والإخوان قد نادوا بذات التقسيمات لأنواع التكفير.
والتكفير عموماً هو القاسم الرئيسي بين الغلو الوهابي والتشدد الإخواني فكيف نقتنع بعد ذلك بالتبرؤ من الإخوان حسب زعم سادة الوهابية في السعودية.
– ملاحظة: في وسع أي باحث عن التكفير أن يدخل إلى موقع جامعة (محمد بن سعود) وسوف يفاجأ
بذات العناوين التكفيرية بأنها رسائل ماجستير ودكتوراه وعددها يفوق (400) رسالة جامعية وللأسف الشديد (يتقربون إلى الله بإخراج الناس من عبادة الله).
– الكتائب الوهابية والجهاز السري للإخوان – اتحاد الأهداف:
أوجد الوهابيون في السعودية جماعة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والتي من أهدافها أمر الناس بالغلظة والفجاجة والتعدي على الناس وإجبارهم على الصلاة وإغلاق المحلات علماً أنهم في ذات أنفسهم لا يمثلون الإسلام لا في البينات ولا في الإرشادات.
جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: جماعة تتبنى لنفسها منهجاً خاصاً في تطبيق الإسلام فتتيح ضرب الناس والتعدي على خصوصياتهم باسم الدين.
أما الإخوان فقد شكلوا الجهاز السري للإخوان وهدفهم في ذلك تحقيق التبعية المطلقة لأتباع الفكر الإخواني بقتل واغتيال كل من تسول له نفسه التعدي على مصالح الإخوان وغاياتهم ومقاصدهم .
الوهابيون والإخوان: اشتركا في تأسيس جماعات أشبه بالكتائب تروج لأفكارهم التكفيرية وتساعدهم على نشر أهدافهم البعيدة في السياسة والرامية إلى إحكام السيطرة الفكرية على الناس.
الحكم والبيعة: تعريف البيعة اصطلاحاً: هي أخذ ميثاق من الأفراد والجماعات لحاكم ما بالسمع والطاعة على الإطلاق.
1- الحكم واستلام الأمور كان ولا يزال هدف الإخوان العام.
2- أما الحكم في السعودية فهو الهدف الذي وصلوا إليه ” الوهابية أداة الحفاظ عليه”.
3- الإخوان قد كفروا كل من لم يؤيدهم في مطلبهم للوصول إلى الحكم.
4- والوهابيون قد كفّروا كل من قال بالخروج على حاكمهم.
5- الإخوان اعتبروا أن الحكم حق مقدس والسعي للوصول إليه واجب شرعي.
6- والوهابية اعتبرت أن من لم يؤيد حكم الملوك والأمراء في السعودية كافر، وجب القضاء عليه.
7- نظرية الحكم نظرية واحدة في الفكر والعقلية الوهابية والإخوانية يفترقون في السعي لتطبيقها ويتحدون في الغايات والمقاصد النهائية لتحقيقها.
بالنتيجة: تبين بشكل قاطع أن بيان المملكة هو إعلامي بامتياز وإن أرادوا محاربة الإرهاب والتطرف، فعليهم إعلان نقض كل مناهجهم التعليمية والتدريسية والدعوية والإرشادية وفكرهم الوهابي العفن.
هوامش:
1- ابن باز: رائد الإرهاب في العالم الإسلامي – رسالة دكتوراه – محمد صديق الشافي- دار البشائر الجزائرية العاصمة- ص 385
2- مجموعة رسائل حسن البنا – الشبكة الدعوية للإخوان- ص 93
3- محمد سليم العوا: رسائل الاستشراق – دار الريان – القاهرة ط 3- ص 192
4- مفهوم الولاء والبراء عند أهل السنة والجماعة – محمد سرور بن ناصيف العبد الله ص 33
5- عطية صقر – الحاكمية في فكر الوهابية – دار نهضة مصر- القاهرة ط4- ص 56- 57
6- المصدر السابق ص 111- 112
7- (معالم الطريق) 9 قراءة نقدية – شاكر عبد الحميد – دار الوفاء – القاهرة ج 8 – ص 51
8- سيد قطب داعية الإرهاب ، وليد البني – دار الوفاء القاهرة ص 84.