مساحة حرة

يبرود ..والنصر الاستراتيجي

 انتصارالجيش العربي السوري في معركة يبرود حقق أهدافاً إستراتيجية هامة لما لها من خصوصية مميزة عن بقية المناطق الأخرى التي سبق وحررها الجيش العربي السوري لأن موقعها الجغرافي جعل منها معبراً هاماً وحيوياً لإمداد الإرهابيين بشرياً ومادياً عبر المناطق اللبنانية المجاورة والتي تعتبر بحكم انتمائها السياسي ” عرسال وجرودها ” خزان وموئل للتنظيمات الإرهابية المتواجدة على الساحة السورية ، من هنا تأتي أهمية تحرير منطقة يبرود من الناحية الإستراتيجية ، حيث كان الحسم فيها ضرورة لا بدَّ منها من أجل تحصين الحدود الغربية لسورية ووقف كل أشكال الدعم الذي يرد عبر الأراضي اللبنانية ، وتأمين الطريق الدولي بين حمص ودمشق الذي يصل المنطقة الساحلية والداخل السوري بالمنطقة الجنوبية ، وقطع حبل الاتصال مع المجموعات المسلحة المنتشرة في ريف دمشق الجنوبي ، حيث استطاع الجيش العربي السوري وقوى الدفاع الوطني تنظيف مدينة يبرود والمناطق الحيوية بجوارها بعد أيام قليلة على تصريحات مسؤولين من الدول المعادية لسورية التي تدعم الإرهاب في يبرود وغيرها ، الذين تحطمت أحلامهم الوردية بأن يبرود مدينة محصنة وعصية على الهزيمة وإن السيطرة عليها من المستحيلات ، لذلك اعتمدها الإرهابيون مقر عمليات ومنطقة لصناعة الصواريخ والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة ، بحيث تصل اليد الإرهابية إلى أبعد من سورية ، من خلال السيارات المفخخة والانتحاريين الذين يتم تجهيزهم في يبرود ومن ثم توزيعهم داخل سورية وخارجها.

 وضع الجيش العربي السوري خطة محكمة بالتعاون مع الدفاع الوطني لإنهاء معركة القلمون بتحرير آخر حصونها يبرود وجوارها ، وكانت الخطة تسير بما يتفق والأهداف الإستراتيجية الموضوعة لدخول المنطقة وتحريرها، وحماية الحدود السورية بشكل كامل مع لبنان ، وسد كل المعابر المؤدية إلى المنطقة من لبنان والتي تستخدمها العناصر الإرهابية كطرق إمداد من المناطق التي تدعمهم في لبنان ، وهذا ما أكدته مصادر عن القيادة العسكرية بأن الخطة مستمرة حتى تحرير قرى رأس العين وفليطة ورنكوس وجميع المناطق التي فرَ إليها المسلحون.

  كانت نتائج معركة يبرود صادمة لأعداء سورية ، حيث لم تُخفِ الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في سفك الدم السوري قلقهم من حسم المعركة في مناطق أخرى جديدة لصالح الجيش العربي السوري ، كما حصل في يبرود وقبلها ريف حمص الغربي وغيرها ، من أجل إعادة الأمن والآمان لكافة المناطق السورية تمهيداً لإجراء الانتخابات الرئاسية التي يراها المحللون المتابعون بأنها محسومة لصالح السيد الرئيس بشار الأسد ، حيث أكد أكثر من مركز أبحاث غربي بأن شعبية الرئيس بشار الأسد ارتفعت إلى حدود تصل إلى أكثر من70 % من مجمل الشعب السوري ، نتيجة تغير الرؤية العامة لمجريات الأحداث واختلاف المزاج الشعبي تجاه ما وصلت إليه الأمور في كثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين ، وقد أبدت الولايات المتحدة خشيتها من إجراء الانتخابات في موعدها لمعرفتها المسبقة بنتائجها خاصة مع ظهور بوادر فشل مؤتمر جنيف ، وإلا ما هو سر استنكار الولايات المتحدة على لسان مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ” ماري هارف ” التي اعتبرت : ” إن إجراء الانتخابات في موعدها سينسف كل إمكانية للوصول إلى حل سياسي للأزمة ” ، وحرضت من جهة أخرى الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي لترديد نفس النغمة ، حيث جاءه الرد سريعاً من المندوب الدائم لسورية في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري: ” الذي تمنى على الإبراهيمي احترام مضمون ولايته وألا يتدخل في الشأن السوري الداخلي ” ،  لأن الانتخابات الرئاسية شأن سوري خاص لا يحق لأي كان في العالم التدخل به إلا الشعب السوري ذاته ، وقد أقر مجلس الشعب يوم الاثنين 17 / 3 / 2014 قانون الانتخابات العامة بما فيها الانتخابات الرئاسية في خطوة استباقية لمنع حصول فراغ دستوري في البلاد تحت أي ظرف .

  من جهتها لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها مستمرين في صب الزيت على النار السورية في حملة تصعيد جديدة تهدف إلى منع حصول أي حوار جدي بين السوريين يُساعد في وقف الحرب والقضاء على الإرهاب الذي يتقهقر أمام ضربات الجيش العربي السوري المركزة والمتلاحقة ، حيث قام وزير الخارجية الأمريكي ” جون كيري ” بتعيين الصهيوني ” دانيال روبنشتاين ” ذو الخلفية الاستخباراتية ، كمبعوث أمريكي لسورية مشيداً بقدراته وكفاءته حيث قال : ” من الإنصاف القول بأنه من أبرز خبراء حكومتنا في شؤون الشرق الأوسط ، وأدى خدمة مميزة في بعض من بعثاتنا الأهم والأكثر تحدياً بالمنطقة بما في ذلك دمشق ” ، واضعاً أهم أهداف عمله دعم ” المعارضة المعتدلة ” .

  نحن نقول له عليه أن يتعلم من سابقه المهزوم ” فورد ” بأن سورية التي سيُواجهها اليوم غير سورية التي عرفها سابقاً ، وإن قرار تنظيف سورية من الإرهاب والتمسك بالثوابت الوطنية والقومية هو خط أحمر يُمنع الإقتراب منه تحت أي مسمى ، ما دون ذلك تستمر سورية بسياستها الانفتاحية على كل الأطراف بما يخدم حقن الدماء السورية ويُسهل إجراء حوار وطني لجمع شمل السوريين وإنهاء الأزمة التي أرهقت الجميع .

محمد عبد الكريم مصطفى

Email: Mohamad,a,Mustafa@Gmail.com

البعث ميديا