محليات

غياب استثمار رأس المال البشري وأسس التسويق والترويج .. يعرقل نهوض قطاع التأمين

يبدو أن المراهنة على النهوض بواقع القطاعات الاقتصادية ومنها والصناعية، بتقديم الدعم والتسهيلات لن تؤدي إلى النتائج المرجوة فيه، وعدم اعتماد الاستثمار في رأس المال البشري كأحد الأركان الأساسية لهذه التنمية، ففي غياب الاستثمار في راس المال البشري يبقى منافسة القطاعات وقدرتها في النهوض بواقعها محدودة ومتمثلة بعدة اعتبارات قد تكون حققتها من نجاح في إحدى المراحل ولكنها أخفقت في المحافظة عليه فيما بعد، أو بفضل مهارات مكتسبة لكوادر خبيرة خارجية استطاعت استقطابها بإغراء مالي، أما العمل على تطوير الكوادر الموجودة هو بند غائب من ذهنية القيادات الإدارية بشكل عام، وشركات التأمين بشكل خاص، إذ خسرت الأخيرة خلال فترات الأزمة خبراتها الأجنبية والمحلية، وتراجع أدائها لتدخل فترة كمون لما تخرج منها بعد، واعتمدت سياسة الاستغناء عن بعض الكوادر التي امتلكت المعلومة ومارست العمل التأميني، بدلاً من توجهها إلى تدريب كوادرها سعت باتجاه سرقة الكوادر الخبيرة من بعضها، بحسب مصادر تأمينية.

لاشك أن إهمال التنمية الحقيقية للموارد البشرية أدى إلى تردي واقع السوق السورية من حيث الأداء والإنتاجية، واستمراره –أي الإهمال- يخسر السوق فرصة النهوض والتطور بواقع تلك القطاعات، ويبدو أن هيئة الإشراف على التأمين بدأت تولي قطاع التدريب والتأهيل اهتماماً بالغاً ضمن خطتها السنوية بتعاونها مع شركة الأولى للتدريب والاستشارات وحلول الأعمال، واستقدام خبراء خارجين بغية رفع سوية الكوادر البشرية لدى الشركات للعمل على تحقيق انتشار أوسع لهذا القطاع، ولاسيما أنه يعتمد إلى حد كبير على التسويق والتعريف بمنتجاته واكتساب ثقة المجتمع بتلك الخدمات المقدمة، إذ أقامت دورة تدريبية حول “مهارات بيع التأمين” أكد فيها المدرب اللبناني المعتمد هراير قيومجيان أن مهارات التسويق للمنتجات تعتمد على أربع مبادئ عالمية، وهي امتلاك المعلومة الكاملة والصحيحة عن المنتج مع كافة القوانين والاستثناءات، ومنها يصبح كادر التسويق مستشار البيع لشركته وللمستهلك الذي يقدم له الخدمة التي تناسبه، بالإضافة إلى ميزة الطبع الإيجابي الذي يستطيع من خلاله تحقيق أفضل النتائج، ولفت قيومجيان إلى أهمية المهارات التي لا تكتسب من قراءة نظرية أو الخضوع لدورة فقط، إنما عي عملية مستمرة وتشمل مهارات البيع ومهارات تذليل العقبات المحتملة، بالإضافة إلى العادات التي تشكل السلوكيات، مؤكداً ضرورة تغيير العادات السلبية والتي تؤثر على إنتاجية الفرد، وبين المدرب غياب التسويق الصحيح للمنتجات التأمين أدى إلى ظهور رد فعل من قبل المجتمع تمثلت بعدم قبوله لهذه الخدمات، بالإضافة إلى تركيز شركات التأمين على الربح وزيادة محفظة الأقساط من خلال مندوبيهم، الذين يحرصون على إتمام بيع عقد التأمين على حساب جودة الخدمة، لتظهر لاحقاً الإشكاليات والتي يعتبر أهمها اختلاف قيمة التعويض الممنوح للمؤمن له، ولذلك يجب أن يتم الاتفاق على بنود العقد وتوضيحها من قبل مندوب المبيعات.

وبدوره أكد مدير عام شركة الأولى وائل الحسن أن النقطة الأساسية هي تزويد الكوادر بالمهارات التخصصية والفنية اللازمة لعملهم، كالعمل الجماعي و إدارة الوقت، مؤكداً أن الإدارات الموجودة تغفل عن أهمية التدريب الصحيح، لاعتباره تكلفة وعبء مالي، وليس استثماراً لرأس المال البشري، في حين أن أهم الدراسات تؤكد ارتفاع تكلفة الكوادر الجديدة بخمس أضعاف عن تطوير الكوادر الموجودة، إضافة إلى ضياع الوقت اللازم لاكتساب المعلومة من جديد، مؤكداً ضرورة بناء خبرات فنية في سوق العمل التأميني، تضمن التواصل وبناء علاقة ثقة ومصداقية بين شركات التامين والمستهلكين، تأهيلهم بشكل علمي يستطيعون من خلاله الترويج للمنتجات بشكل صحيح وموثوق.

البعث ميديا || دمشق – فاتن شنان